الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحقوق في الإسلام على الإنسان.. وليست له

الحقوق في الإسلام على الإنسان.. وليست له
16 يوليو 2014 01:27
محمد أبو كريشة كاتب صحفي فقدنا فضيلة كبرى وربما هي الفريضة الغائبة.. وهي فضيلة التأمل وإعادة النظر.. وعندما غابت هذه الفضيلة سادت بيننا خطايا وأخطاء، بل وكوارث على أنها بديهيات ومسلمات وحقائق لا ينبغي التعرض لها أو مناقشتها -كما أصابنا داء العناد والمكابرة والعزة بالإثم.. فتحاربنا على خطأ وسالمنا على خطأ.. واتفقنا واختلفنا على خطايا.. وكلما حاورت أحداً يقول لك: أنا لن أتنازل عن مبادئي ورأيي- التمسك بالمبدأ واجبي وحقي.. لا -يا سيدي- أنا لا أتمسك بمبادئ ولا آراء لأنني دائماً في حالة إعادة نظر وتأمل وغربلة وفرز.. وعندي شجاعة الاعتراف التي لا تملكها أنت وغيرك بأنني كنت على خطأ -وعدت إلى الصواب.. لا توجد في الدنيا أشياء مطلقة غير قابلة للفرز وإعادة النظر لأنها إنتاج بشري -الفتاوى والآراء والتفاسير والشروح كلها إنتاج بشري لكننا أضفنا على هذه الأشياء قداسة النص الإلهي بسبب غياب فضيلة التأمل وإعادة النظر، وهذا الغياب أدى بدوره إلى إغلاق باب الاجتهاد والإبداع، فحل المدعون محل المبدعين.. وجلس الأدعياء على منابر الدعاة. وأنظمتنا التعليمية في الدول العربية مسؤولة تماماً عن قتل فضيلة التأمل وإعادة النظر لأن هذه الأنظمة قائمة على رذيلتي الحفظ والغش.. وعدم الخروج على النص.. وأكتب ما يملى عليك.. ولا مجال للحوار والنقاش وإبداء آراء مختلفة.. لأن ذلك إثم عظيم في نظامنا التعليمي! أعدت النظر في كثير مما تعلَّمت في المدرسة والجامعة واكتشفت أننا درسنا أموراً خاطئة كثيرة خصوصاً في العلوم الإنسانية، وأن التاريخ مثلا كتب بأمزجة وأهواء أناس رفعوا أقزاماً إلى مصاف العماليق وقزموا عماليق وخسفوا بهم الأرض. ومن المضحكات المبكيات في الثقافة العربية القائمة على الحفظ والغش تطويع الإسلام ولي عنق النصوص لتتناسب مع العصر أو مع الإنتاج البشري الذي قد يكون معيباً.. فإذا سادت الاشتراكية ينتشر معها التفسير الاشتراكي للإسلام، ويقال إن الإسلام هو أول من دعا إلى الاشتراكية.. وإذا سادت الرأسمالية يقال إن الإسلام رأسمالي ويقدس ويحترم الملكية الخاصة.. وإذا ساد التطرف والإرهاب يقال إن الحاكمية لله.. وإذا صدر ما يسمى العهد الدولي لحقوق الإنسان، يقال إن الإسلام سبق العالم كله بالدعوة إلى احترام حقوق الإنسان. الخلاصة هُنا أننا نجعل الإسلام تابعاً للسائد وليس متبوعاً.. مثل «موضة» التفسير العلمي أو الإعجاز العلمي للقرآن عندما يكتشف البشر ظاهرة علمية كونية مثلا فنسارع بالقول: إن القرآن تحدث عن هذه الظاهرة قبل أربعة عشر قرناً -افترض أن العلماء بعد حين اكتشفوا خطأ هذا الاكتشاف أو هذه الظاهرة.. ماذا نقول ساعتها وقد جعلنا القرآن والإسلام تابعين لـ«افتكاسات» البشر التي تصيب مرة وتخطئ ألف مرة؟.. لماذا نرضى الدنية في ديننا؟ لماذا نجعله مثلنا تابعاً لقوى كبرى تحركنا كيف شاءت؟ وصلنا إلى حقوق الإنسان.. وهنا اسمح لي أن أصدمك في ظنّك واعتقادك.. ليس في الإسلام حقوق للإنسان.. لا تعجب.. هذا حق مثلما أنكم تنطقون.. الحقوق التي أقرها ما يسمى العهد الدولي ليست سوى دعوة تحريضية على الفوضى والانفلات والانحلال وكسر القيم وتأليب الشعوب على حكامها... ليس في الإسلام أي نص أو دعوة لما يسمى حقوق الإنسان.. والحقوق في الإسلام على الإنسان وليست له.. الإسلام قدَّم حلا ربانياً عظيماً لهذه القضية.. جعل الحق عليك وليس لك.. الإسلام تكاليف وواجبات ومسؤوليات وليس فيه ما يسمى حقوق الإنسان. واجبك هو حق غيرك.. وواجب غيرك هو حقك.. هذا هو الإسلام.. لم يخاطب أبداً الذي له الحق ولكنه يخاطب الذي عليه الحق.. «وفي أموالهم حق للسائل والمحروم».. لم يقل لك: خذ حقك ولكنه قال لك: اعط غيرك حقه.. وليس في الإسلام عقاب لمن لم يأخذ حقه أو ينتزعه بالقوة -بل هناك ثواب لمن يتنازل عن حقه وهو قادر على أخذه.. لكن العقاب لمن لم يؤد حقوق الآخرين، المشكلة منتهية تماماً.. أدِ واجبك يأخذ غيرك حقه.. وهو يؤدي واجبه فتأخذ أنت حقك.. الإسلام يحارب التسول ويرفضه لأن المتسول يلحف ويسعى إلى انتزاع حقه بالإلحاف والملاحقة.. فالإسلام ضد من يلحف ويتنطع ويتحايل ويحارب ليأخذ حقه -ومع ذلك قال القرآن الكريم: «والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم» -قرر عليك حقاً للسائل في مالك تؤديه أنت.. لكنه يرفض أن يطلب السائل حقه.. رفض التسول.. وطالبك بإعطاء السائل -وهذا يؤكد أن الإسلام لم يقرر حقوقاً للإنسان ولكنه قرر حقوقاً على الإنسان وهذا هو الحل الرباني للمعضلة التي نثرثر بها وفيها ليل نهار. الإسلام لم يقرر حقوقاً للمرأة لكنه كلفها بواجبات.. ولم يقرر حقوقاً للرجل ولكنه كلفه بواجبات.. وبذلك يحصل الرجل والمرأة على حقوقهما إذا أدى كل منهما واجبه.. والإسلام لم يجعل القوامة حقاً للرجل على المرأة ولكنه جعلها تكليفاً وواجباً ومسؤولية -فقوامة الرجل واجبه.. وهي في نفس الوقت حق للمرأة.. والمشكلة الناجمة عن عدم الفهم وعدم التدبر جعلت الرجل يعتبر القوامة حقاً له.. وجعلت المرأة تراها قيداً عليها وتريد التحرر منها -وذلك بسبب اعتقادنا الخاطئ بأن الحقوق في الإسلام للإنسان بينما الحقوق عليه.. وكلمة الحق والحقوق وردت في القرآن بمعنى الواجب والمسؤولية والتكليف.. دائماً الحقوق عندك وعليك وليست لك.. الزكاة والصدقة والعدل والصدق وأداء الأمانات والوفاء بالعقود والعهود والعفاف.. كل هذا وغيره واجباتك وواجباتي التي هي في ذات الوقت حقوق غيرنا.. لم يأمرنا الإسلام بالتمرد وبثورات الخريف العربي لننتزع حقوقنا بالدم والنار.. ولكنه أمر الذين عندهم الحق بأن يؤدوه وتوعدهم بالعقاب إذا ظلموا وقهروا واستبدوا.. وما نسميه في أيامنا ثورة سماه القرآن الكريم فتنة.. «واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة».. وهذا ما نراه الآن.. كل الفتن التي نسميها ثورات لم تصب الظالمين والمستبدين بأذى كبير بينما أصابت المظلومين والمضطهدين والأبرياء والأطفال.. وتحول هؤلاء جميعاً إلى لاجئين ومشردين وأشلاء.. الفتن التي اندلعت باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان دمرت الإنسان وخربت البلدان وشردت العباد.. وتمنى الناس لو استمر المرّ بدلا من الأمرّين.. أعيدوا النظر.. واعلموا أن حقوق الإنسان دعوة إلى الفتن.. وعودوا إلى الإسلام الذي حسم الأمر بأن الحقوق على الإنسان وليست له.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©