الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

مرشحو «البوكر العربية»: الجائزة تحرض على قراءة «الرواية».. وتجديد الأفكار والأساليب

مرشحو «البوكر العربية»: الجائزة تحرض على قراءة «الرواية».. وتجديد الأفكار والأساليب
30 يناير 2017 22:10
إيمان محمد (أبوظبي) يتطلع الروائيون المدرجة أعمالهم على القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية، والتي باتت تعرف بـ(البوكر العربية) إلى وصول رواياتهم إلى شريحة أكبر من القراء، خاصة أن الجائزة تكمل عقدها الأول هذا العام، بعد أن كرست تقليداً جديداً في الوسط الثقافي للتنافس وترقب قوائم الروايات المميزة كل عام، وانتظار الرواية التي ستحظى بالجائزة التي تبلغ قيمتها 60 ألف دولار أميركي. ويترافق هذا النجاح الذي تكرسه الجائزة عاماً بعد آخر مع جدل يراه الروائيون المرشحون صحياً واختلافاً في الذائقة والتقييم، أما الإقبال الذي يتزايد على الجائزة فيعكس بصمتها الكبرى والخاصة، حيث وصل عدد الروايات المشاركة فيها هذا العام 186 عملاً روائياً، بينما كان عدد الروايات المشاركة في الدورة الأولى 121 رواية وذلك عام 2008. «الاتحاد» استطلعت آراء الكتاب الذين وصلت رواياتهم للقائمة الطويلة هذا العام، وما يتطلعون إليه من خلال المشاركة في الجائزة المرموقة عالمياً. في البداية، اعتبرت الروائية الليبية نجوى بن شتوان أن الوصول إلى القائمة الطويلة تقدير لروايتها «زرايب العبيد»، وقالت «القائمة تلفت الانتباه للرواية وتحفز عدداً أكبر من الناس لقراءتها، وأنا أحب لعملي أن يقرأ، وبعد الترشح ضمن القائمة الطويلة وصلتني الكثير من الرسائل يستفسر أصحابها عن الرواية وكيفية اقتنائها لا سيما في ليبيا التي يصعب توفرها بسبب الأوضاع التي نمر بها». وتأمل بن شتوان الوصول إلى القائمة القصيرة والفوز بالجائزة، وتقول «لا أستطيع التكهن بذلك، وسأنتظر رأي الحكام». وتضيف «لا تزال الجائزة بعد سنوات من تأسيسها تحظى بالترقب والانتظار والجدل، هي بمثابة عكاظ عربي للروايات، يأمل كل كاتب دخوله، ولا يمكن لساكن أن يثير الجدل، ولو لم تكن الجائزة مؤثرة لا يمكن أن تحظى بكل هذا الاهتمام على اختلافه. لقد صنعت الجائزة أثراً تنافسياً جيداً لدى الكتاب العرب من الشباب وغيرهم، فالجميع يتسابق من أجل التجديد في الأساليب والأفكار، وهذه فائدة كبيرة للرواية العربية، إنها مونديال مهم، وقد أسعدني دخول المنافسة هذا العام». سنوات مثمرة الروائي السوداني أمير تاج السر، والذي ظهر اسمه ثلاث مرات في قوائم الجائزة، لا يخفي سعادته بذلك، ويقول «هناك شيء من السعادة بالطبع أن ينجح نص لي في الوصول إلى قائمتين في الوقت نفسه، هما جائزة الشيخ زايد للكتاب، ثم (البوكر العربية)، ومؤكدا أن محتوى النص كان مهماً، إذ يتحدث عن اللاجئين وتشتتهم ومآسيهم. الترشح للجائزة كسب للنص حتى لو لم يحصل الكاتب على جائزة، فهناك من ينتظرون هذه القوائم ليقرأوا نصوصها، ولذلك أسمي موسم ظهور قائمة البوكر الطويلة بموسم القراءة». ويرى تاج السر، الذي دخلت روايته «منتجع الساحرات» القائمة الطويلة، «برغم وجود جوائز أخرى لا تقل أهمية عن جائزة (البوكر العربية)، مثل جائزة الشيخ زايد للكتاب، وكتارا، والعويس، إلا أن (البوكر العربية) اكتسبت أهمية خاصة، لم يتوقف اللغط حولها والضجيج الذي تحدثه قوائمها طوال هذه السنوات الماضية. وفي الحقيقة كانت الجائزة بقدر مساهمتها في خلق أجواء التنافس العالية، والمتوترة ومحاولة الكتاب الراسخين إنجاز نصوص يتمنون دخولها لقوائم الجائزة، إلا أنها أيضاً أوجدت كماً كبيراً وغير ضروري من الكتابات الروائية غير الناضجة، لأشخاص ربما ليست كتابة الرواية حرفتهم، وإنما دخلوها من باب «لعل وعسى»، أي من المحتمل أن يكون ثمة كسب، ولذلك نجد عدد الروايات التي تقدم سنوياً كبير جداً، ويفوق احتمال القراءة والفرز، وأظن أن ذلك ما حدا بلجنة الجائزة لوضع ضوابط جديدة لترشيح الأعمال، لكن عموماً أعتقد أن السنوات العشر من عمر الجائزة، كانت مثمرة وقدمت لنا أسماء ممتازة لموهوبين ربما لم نكن لنعرفهم لولا جائزة البوكر». ويضيف: هناك جدل دائم وأنا أعتقد أنه جدل مهم، لكون الحياة الثقافية تحتمل الجدل، وهذا طبيعي، ولا أعتقد أن التحكيم يهتم كثيراً بما يدور في هذا الشأن، هم يختارون بحسب ما يرونه، سواء اتفق معهم الناس أو لم يتفقوا. المزيد من القراء ومن المغرب أدرجت ضمن القائمة الطويلة للجائزة رواية «هوت ماروك» لياسين عدنان، وهي أول رواية للشاعر المعروف، والذي يرى أن دخوله القائمة إنصاف لخمس سنوات من الجهد لإنجاز هذه الرواية. ويقول: «الجائزة بذلك تشير إلى جدّية العمل في مناخ أدبي يختلط فيه الحابل بالنابل، وتتكالب فيه رداءة أحوال النشر مع رداءة شروط المتابعة والتلقّي، ليلتبس الأمر في المحصلة على القارئ العام، ومع توالي الخيبات، قد ينتهي به المطاف إلى العزوف عن القراءة. فبمثل هذه الآليات في الفرز والتصفية، تعمل لجنة التحكيم على اختيار الرواية من بين عشرات الأعمال، مما يفتحها على المزيد من القرّاء، وهذا هو المكسب الحقيقي الذي يحوزه الكاتب من ترشيحٍ مماثل». ?ويعتقد عدنان أن الجائزة قد أسَّست، على امتداد عقد من الزمن، دينامية مثيرة في الوسط الإبداعي العربي، ويقول «خلقت جوًّا من التشويق غير المسبوق وحالة لافتةً من الترقب، مع نظام القوائم الذي أحدثته لأول مرة، مما يحرّض على قراءة الرواية ومتابعة جديدها، ويرفع مستوى الإقبال عليها عربياً وعالمياً عبر آلية الترجمة التي باتت تتعامل معها كإحدى المصافي الجدّية». الهوس بالجائزة ومع أنه لا يعول على الجوائز، إلا أن الروائي المصري يوسف رخا يرى أن أهمية الجائزة في تحقيقها الرواج للأعمال الأدبية، نظراً لمحدودية الاهتمام بالأدب في العالم العربي وعدم التفات الذوق العام للكتابة الجادة، ويقول «أي تقدير مادي أو معنوي يُشعر بالسعادة بالتأكيد، وأتعامل مع الأمر مثل الحظ، إن فزت بالجائزة فذلك جميل وإن لم تأت فلن أحزن». ويرى صاحب رواية «باولو» أن القائمة الطويلة هذا العام من أفضل القوائم منذ مدة، وأوضح «كنت ألاحظ أن الكثير من الأسماء الجيدة لاتدخل قوائم البوكر، وقد وجدت بعضها على قائمة هذا العام، وهذا مشجع ومبشر». ويضيف «لا أعرف ما إذا تركت الجائزة أثراً على فن الرواية لكنها تركت أثرها على صناعة النشر ومهنية الكتاب، فقد أصبح هناك سياق مهني للتنافس، وغيرت من التصور القديم عن الأجيال بأن الميزة الوحيدة للكاتب أنه كبير في السن، فأصبح للكُتاب الأصغر سناً وحتى التجاريين حضور، فقد حققت الجائزة ديمقراطية أكثر على غرار الغرب، لكن المشكلة أنه لا توجد جائزة غيرها من النوع الذي يحترم الكتابة، فأصبح التركيز على الجائزة فيه نوع من الجنون، ونتمنى أن توضع جوائز أخرى على غرارها وتكون نموذجاً لجوائز أخرى». حافز التجويد من جهته اعتبر الروائي السوري تيسير خلف وصول روايته «مذبحة الفلاسفة» إلى القائمة الطويلة هذا العام أنها قد قُرأت، ويقول «ويعني أن من قرأ الرواية قدر قيمتها، وعرف فرادتها، سيما أنها بحسب بعض من قرأوها، رواية خاصة، غير مألوفة في الأدب العربي». ومثل غيره من المرشحين يتمنى خلف الوصول إلى القائمة القصيرة والفوز بالجائزة، ويقول: لا أستطيع أن أتوقع، فهذا قرار لجنة التحكيم. ويرى خلف أن فكرة الجائزة عبقرية «لأنها خلقت الحافز لدى الكثيرين ليجودوا أعمالهم، ففكرة التنافس تزيد من دأب الكاتب على صقل عمله أكثر. وقد تكون هذه الجائزة هي المظهر الثقافي العربي المشرق الوحيد في هذا الزمن المظلم، فهي رابطة ثقافية لكتاب الرواية العرب، وللجمهور العربي، وبالتالي، فهي فوق أي خلافات بين هذا القطر العربي أو ذاك. كما أن الجائزة ساهمت بشكل غير مسبوق في التعريف بالأدب العربي على مستوى العالم، فقبلها لم نكن نرى هذا الاهتمام من الدول والثقافات الأخرى بالثقافة والأدب العربيين، خصوصاً أنها تعتمد معايير عالمية تكسبها هذه المصداقية والسعة الطيبة». واعتبر خلف الجدل المصاحب للجائزة أمراً طبيعياً، ويحصل في أي مكان في العالم، «الذائقة تلعب دوراً في هذا الموضوع الذي يصعب قولبته ضمن قواعد صارمة، فنحن هنا نتحدث عن الرواية، وليس عن أي شيء آخر يمكن وضع مقاييس ومواصفات محددة له». الأكثر حيادية للمرة الثانية، يظهر اسم الروائي الكويتي إسماعيل فهد إسماعيل في قوائم البوكر، ويقول «إن لذلك قيمة تسويقية للفت نظر القراء إلى الرواية»، ويقول «أما الوصول إلى القائمة القصيرة فهو مختلف إذ تكتسب الروايات اهتماماً أكبر، ويعتمد ذلك على الناشر في إمكانية خدمة وتسويق الرواية المرشحة بتوزيعها جيداً، وقد يصعب على الناشر المحلي تحقيق الانتشار مثل غيره من الناشرين العرب أو الدوليين». ويقول صاحب «السبيليات» المدرجة هذا العام على القائمة «الجائزة رائدة في تحفيز الاحتفاء بالرواية فقد ظهرت بعدها عدة جوائز لكنها تبقى الأكثر حيادية ومهنية وخدمة للعمل الروائي، أما الجدل الذي يصاحب الجائزة كل عام فهو أمر صحي ولابد منه». أما عن حظوظ روايته بالفوز بالجائزة فقال «لا أعتقد أنها تفوز لأن المشاركين نجوم في الرواية ولهم باع في الكتابة الإبداعية، وبينهم أصوات شبابية مهمة جداً، ويكفيني أن تكون روايتي بين الـ16 رواية المرشحة للقائمة الطويلة». صاحب «غرفة واحدة لا تكفي» المنافسة على الجائزة سلطان العميمي: الرواية الإماراتية قادرة على الانتشار خارج إطارها المحلي أبوظبي (الاتحاد) اعتبر الكاتب الإماراتي سلطان العميمي، مؤلف أول رواية إماراتية تصل إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر العربية)، أن تأهل عمله الروائي للجائزة المرموقة عالمياً يضعه أمام مسؤولية أكبر تجاه أعماله القادمة. وقال لـ»الاتحاد»: «إن التأهل يعني لي ولغيري أن الرواية الإماراتية قادرة على كسب الثقة والانتشار خارج إطارها المحلي». وتدخل رواية العميمي «غرفة واحدة لا تكفي» المنافسة على الجائزة بعد عشر سنوات من إنشائها بدعم من هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة وبإدارة مؤسسة «مان بوكر» في بريطانيا، وسط تساؤلات عن أسباب عدم إدراج أي عمل روائي إماراتي في الجائزة سابقاً، ويرى العميمي أن هناك أسباباً عديدة يمكن افتراضها في هذا الشأن، «منها ما يتعلق بتقييم الأعمال الروائية قبل صدورها وبعد صدورها، هناك دور نشر كثيرة داخل وخارج الإمارات، وأغلبها خاصة، تنشر سنوياً روايات كثيرة لروائيين إماراتيين، لكن ماذا عن تقييم هذه الأعمال قبل نشرها؟ وماذا عن تناولها نقدياً بعد صدورها؟ وأين دور الصحافة والمؤسسات الثقافية في الاهتمام بالحركة الروائية الإماراتية؟». وأضاف: «نحن بحاجة إلى تأهيل جيل ناضج وواعٍ من كتاب الرواية، وهذا يتطلب خطة مدروسة وواضحة مع متابعة لمدى تنفيذها ونتائجها، كما يتطلب تعاوناً بين المؤسسات الثقافية والكتّاب الإماراتيين الذين يتحملون أيضاً مسؤولية كبيرة وجدية تجاه عملهم على مشاريعهم الروائية». وتجنب العميمي تقديم حكم على روايته وتوقعاته للقائمة القصيرة والفوز بالجائزة، وقال: «ليس للكاتب الحكم على جودة عمله ومستواه، الأمر هنا متروك للقراء والنقاد، كما لا توجد لدي أي توقعات، وأتمنى التوفيق لجميع الكتاب الذين وصلوا إلى القائمة الطويلة». وسبق للعميمي المشاركة في «ندوة» الورشة الكتابية المصاحبة للجائزة عام 2014، وهي تجربة «مهمة»، كما يصف، للاستفادة من تجربة أساتذة كبار في مجال كتابة الرواية ونقدها، مثل الروائي بهاء طاهر والناقدة د. زهور كرّام، والروائي إبراهيم نصر الله. ويقول: «كنا نجتمع يومياً ونناقش نصوصاً من كتاباتنا بكل صراحة وموضوعية، وفي تلك الورشة بدأت بكتابة الرواية، وعرضت الفصول الأولى منها للنقاش والنقد، وكان لذلك دور مهم في تغييري طريقة سرد الأحداث، لتخرج بالصورة التي عليها حالياً». ويعتبر العميمي أن البحث في الثقافة المحلية والكتابة عنها شكل من أشكال الكتابة الأدبية، إذ أنتج العديد من البحوث في مجال التراث الإماراتي، بالإضافة إلى كتابته للقصة القصيرة منذ أكثر من عشر سنوات، ويقول: «لا يوجد ما يمنع الكتابة في أي شكل من أشكال الكتابة، من الدخول في عوالم كتابية أخرى، ولست أول من جمع بين الكتابة والبحث في الثقافة المحلية، والأجناس الأدبية الأخرى. والروائي في أعماله بحاجة أن يبحث في بعض أحداث روايته وشخصياتها إن لزم». ويعتقد العميمي أن فكرة جائزة (البوكر العربية) مهمة منذ انطلاقتها، وساهمت عربياً في حراك كبير على مستوى كتابة الرواية ونقدها، وساهمت أيضاً في اكتشاف أسماء روائية شابة، وسلطت الضوء على تجارب مهمة، كما ساعدت في وصول الرواية العربية إلى غير العرب من خلال ترجمة الروايات الفائزة أو روايات القوائم القصيرة، كما يعتبر أن الجدل الذي يصاحب الجائزة سنوياً «طبيعي، ولا توجد جائزة أدبية لا تثير جدلاً في هذا الشأن».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©