الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

التطهير كلمة السر في سوق دبي

17 يونيو 2006

دبي - عاطف فتحي:
لماذا تراجع حجم النشاط في سوق دبي المالي تدريجياً في الآونة الأخيرة؟·· سؤال يشغل الجميع منذ فترة، فبعد أن كانت السوق تحقق الرقم القياسي تلو الآخر وتستحوذ على الغالبية العظمى من نشاط سوق الأسهم في الإمارات أخذ نشاطها يتراجع الى درجة أثارت مخاوف المستثمرين من عودة الوضع إلى الجمود الذي عاشته لفترة طويلة خاصة في المرحلة الأولى من عمرها قبل طفرة الأسهم·
وعلى الرغم من أن الهدوء من وجهة نظر الكثيرين يعد أمراً طبيعياً بعد فترة تصحيح طويلة ومؤلمة، بل إن هذا الهدوء مطلوب ، ولا يزعج القائمين على أمر السوق كونه بداية لفترة استقرار تتحول تدريجياً إلى انتعاش، إلا أن البحث فيما يحدث في سوق دبي المالي يكشف عن سبب قوي قد لا يكون بالطبع العامل الوحيد وراء ضعف النشاط، لكنه بالتأكيد يلعب دوراً مهماً وهو ترقب مكاتب الوساطة الناشطة في السوق ومعها شرائح واسعة من المضاربين لإجراءات مراقبة وتدقيق صارمة من جانب دائرة المراجعة المالية في حكومة دبي التي اتفق سوق دبي المالي معها على القيام بهذه المهمة للقضاء على المخالفات والممارسات غير المشروعة التي لعبت دوراً رئيسياً في زيادة حدة المضاربات والنشاط المحموم لعمليات البيع والشراء الأمر الذي رفع إجمالي قيمة النشاط وأعداد الصفقات إلى مستويات قياسية·
وقالت مصادر السوق إن العديد من مكاتب الوساطة التي كانت تشجع المضاربات اليومية المحمومة وتكشف الحسابات للعملاء توقفت عن ذلك إلى حد بعيد لإدراكها أن أنشطتها ستكون تحت مجهر دقيق في المرحلة المقبلة مع بدء عمليات التدقيق من جانب دائرة المراجعة المالية في حكومة دبي وفقاً للاتفاق الموقع مع سوق دبي المالي·
وكشف مصدر للاتحاد عن أن 'المحفز الأساسي' للقيام بتلك العمليات هو ما كشفت عنه عملية تدقيق من جانب الدائرة على شركة وساطة مالية حديثة نسبياً تابعة لشركة مساهمة عامة كبرى من مخالفات جسيمة قيد التحقيق حالياً، علما أن تلك المخالفات كلفت رئيس مجلس إدارة شركة الوساطة منصبه بالشركة إلى جانب عضويته بمجلس إدارة شركة مساهمة عامة أخرى، ولفتت المصادر إلى أن كثافة عمليات الرقابة والتدقيق جعلت العديد من المكاتب التي كانت تتورط في مخالفات يومية وبالجملة يحجم عن ذلك خشية انكشاف أمر تلك الأنشطة عبر التدقيق·
وكان الكثير من المكاتب التي تسعى من أجل خلق حجم معين من النشاط إلى تشجيع المضاربات اليومية، وهذا يؤدي في الكثير من الأحيان إلى خسائر للمستثمر وأرباح لشركة الوساطة، فليس من مصلحة الشركة، وبالذات الشركات الجديدة التي لا تملك قاعدة عملاء صلبة، أن يكون المستثمر من الفئة العادية التي تبيع أو تشتري على فترات، وبالتالي شجعوا المضاربات الكثيفة ووفروا فرص الشراء على المكشوف·
ويعتقد احد المحللين أن تجربة السوق في الفترة الماضية أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن الممارسات غير المشروعة من مضاربات وصفقات تبادلية وكشف للحسابات لعب دوراً رئيسياً في تلك الأرقام الفلكية التي كنا نسمعه عنها يوماً تلو الآخر، وبالتالي فمع اختفاء تلك الممارسات من الطبيعي أن تخف حدة النشاط ، من دون أن يمنع ذلك الاعتراف بأن جانباً من هذا الهدوء هو راجع لعوامل طبيعية بعد فترة التصحيح الطويلة التي أخرجت الكثيرين من السوق ومن مختلف الشرائح·
ويعتقد محمد علي ياسين مدير الإمارات للأسهم أن دخول دائرة المراجعة المالية للتدقيق على مكاتب الوساطة في سوق دبي المالي وفقاً للاتفاق الموقع بين الجانبين يمثل تطوراً مهماً كون أن قدرات الأسواق في الرقابة لم تكن على الدرجة الكافية لان هذا الأمر يحتاج لفرق كبيرة العدد وتتمتع بالخبرات الكافية، ومثلما عينت سوق ابوظبي للأوراق المالية شركة تدقيق عالمية، اختار سوق دبي دائرة حكومية تملك المقومات اللازمة للقيام بعمل من هذا النوع·
ويضيف: لاشك أن تحرك الأسواق نحو تكثيف عمليات التدقيق والرقابة على الوسطاء أسهم إلى حد ما في 'تنظيف' السوق من ممارسات غير مشروعة، وفي تصوري إن تلك الممارسات قلت لأن المسؤولين عنها أصبحوا يخشون الوقوع تحت طائلة القانون بصورة مباشرة إذا ما أظهرت عمليات التدقيق وجود مخالفات، ومن الأدلة على ذلك أن مستوى المعاملات اليومية اخذ في التراجع التدريجي منذ الإعلان عن توقيع الاتفاق بين السوق ودائرة المراجعة المالية·
ويستطرد ياسين قائلا 'لا أستطيع القول إن تنظيف السوق من الممارسات غير المشروعة هو السبب الوحيد وراء ضعف النشاط، لان هذا معناه أن كافة أطراف السوق من المتورطين في هذه الممارسات وهذا بالطبع غير صحيح وينطوي على مبالغة، فهناك أسباب عديدة وراء ضعف النشاط، لكن هذا لا يمنع من القول إن احدها هو الانحسار النسبي للممارسات غير المشروعة'·
ويرى ياسين أن الكل كان يعرف أن هناك العديد من المخالفات لكن كان من أصعب وقفها سريعاً فالمطلوب مثلا فريق لا يقل عن 20 شخصاً من المؤهلين جيداً للتدقيق أسبوعياً أو شهرياً على المكاتب، الأمر الذي دعا السوقين في النهاية إلى الاعتماد على طرف ثالث للقيام بتلك المهمة·
ويقول ياسين 'من أهم الأخطاء وأكثرها خطورة هو تشجيع المكاتب للعملاء على كشف حساباتهم، وقد تعرض الكثيرون لخسائر من جراء ذلك· وقد انخرطت غالبية المكاتب طوال السنوات الثلاث الأخيرة في سلسلة من المخالفات من بينها كشف الحسابات وتشجيع المضاربات لتعزيز إيراداتها من العمولات، واستفاد موظفون في بعض المكاتب من 'بيع المعلومات' لمن يدفع محققين ثروات ومداخيل شهرية هائلة
ويرى مدير لأحد الصناديق تحدث إلى 'الاتحاد' أن جانباً لا يستهان به من المضاربات وقف وراءه وسطاء شجعوا هذا النوع من النشاط وأصبحوا ينصحون الناس بالبيع والشراء المتكرر ولعدة مرات في اليوم الواحد لتعزيز إيراداتهم، وقد عانى المستثمرون من ممارسات سلبية عديدة من جانب بعض المكاتب التي فرضت عليهم دفع رواتب شهرية مقابل التجاوب معهم وتزويدهم بمعلومات عن السوق وطبيعة النشاط ومن يبيع ومن يشتري· وبالإضافة إلى ذلك فإن العديد من المكاتب قام باستغلال ودائع العملاء في تنفيذ صفقات مستفيداً من سيولة العميل المتوافرة في حسابه·
ويعتقد المراقبون أن خشية المكاتب من مواجهة مشاكل عدة بمجرد تعرضها لمجهر التدقيق جعلها تحجم عما اعتادت عليه من ممارسات ومن ثم فمن الطبيعي أن يهدأ النشاط بعد فترة طويلة من المبالغات التي طالت كل شيء من الأسعار إلى أحجام التداول·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©