الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

تفتيش يدوي في الملاعب وطائرات أواكس في سماء ألمانيا أرض الخوف

16 يونيو 2006

قالها لي كريستيان أوده عمدة ميونخ بالحرف الواحد قبل أن يبدأ المونديال :' الأمن رقم واحد في كأس العالم '
ويوم بعد الآخر يتأكد هذا الشعار في كل مكان وكل مدينة وكل ملعب وكل شارع
والحياة هنا ليست كرة قدم فقط ونجوم ومباريات وسعادة مرسومة على وجوه الشوارع والمدن والبشر ،بل أيضا عليك أن تتعامل مع الوجه الآخر للحياة فوق أرض الخوف ،فهذا التجمع الضخم الذين يضم ملايين من كل الجنسيات والثقافات والديانات يعد بمثابة أرض شديدة الخصوبة للإرهاب وتصفية الحسابات والعنصرية والشغب ·
وأمام حالة الحذر والقلق التي تشعر ، وأنت ترى رجال الأمن السريين والرسميين ينتشرون في الشوارع والملاعب والفنادق لاتملك سوى أن تنضم إلى الألمان وتشعر بالقلق حتى وأن لم يبد ذلك واضحا في سلوكياتهم اليومية
إلا أن المشكلة الحقيقة أننا هنا لا نعرف من أين يأتي الخطر ولذلك دائما هناك حالة طوارئ لمدة 24 ساعة في اليوم، وننزعج من انفجار بالونة هواء أو سقوط زجاجة على الأرض ، وحتى وأن حاول البعض أخفاء حالة الخوف لعدم إفساد حفل المونديال الجميل إلا أن مرارة الإجراءات الأمنية المكثفة أهون بكثير من مرارة انفجار وسط تجمع أو داخل فندق يدمر كل سنوات الشقاء والعمل للاستعداد من أجل المونديال بل يتجاوز ذلك بكثير ويهز صورة بلد بأكمله ويؤثر على اقتصادها وسمعتها ومكانتها ويحرم عشاق كرة القدم من الاستمتاع بهذا الحفل الجميل ·
ومازال شبح عملية ميونخ في أيلول الأسود عام 1972 يطارد الألمان في كل مناسبة ،خاصة وأن الظروف التي يمر بها العالم على الساحة السياسية لا يختلف كثيرا عن ظروف العالم عام 1972 التي دفعت ثمانية من الفدائيين الفلسطينيين للسفر إلى ميونخ وخطف 11 رياضيا إسرائيليا من القرية الأولمبية وقتلهم عندما تدخلت الشرطة الألمانية وأطلقت النار ·
وماحدث بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 والحرب على العراق وأفغانستان والإرهاب ومحور الشر والاغتيالات اليومية للفلسطينيين الأبرياء والتفجيرات في مصر ولندن ومدريد والدار البيضاء يدعو أكثر للقلق خاصة·
وفي كأس العالم هناك أكثر من هدف سواء نجوم الكرة الذين ينتمون للدول التي تقوم بتلك العمليات العسكرية أو خارج الملعب في التجمعات الضخمة أمام الشاشات العملاقة بالحدائق والشوارع ·
ولأن المنتخب الأميركي من بين الأهداف التي حذر منها خبراء الأمن في ألمانيا فإن الحراسة وسيارات الشرطة التي ترافق الفريق في كل مكان تبدوا بالفعل مفزعة ولا يجرؤ أحد من الجماهير على الاقتراب حتى للحصول على توقيع أو التقاط صورة تذكارية لأن شرطي الحراسة يبدو مثل الدبابة يحمل كل الأسلحة ·
ضرب بيكهام
وما حدث في مونديال 1998 وكشف عنه كتاب ' الرعب في الملاعب ' الذي صدر مؤخرا في لندن للمؤلف ديفيد روبنسون يثير الكثير والكثير من المخاوف حيث كشف رسائل باللغة العربية التي كان يتم تبادلها بين أعضاء تنظيمات باريس ولندن قبل مونديال 1998 بإلقاء قنابل على الملعب بجوار ديفيد بيكهام ومايكل أوين أثناء البطولة ·
وإذا كانت تلك المحاولات أجهضت قبل أن تخرج إلى النور ومرت كأس العالم 1998 بهدوء وسلام باستثناء شغب الجماهير ،فإن كأس العالم 2002 في كوريا واليايان شهدت إجراءات أمنية لم يسبق لها مثيل لأن البطولة أقيمت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وكانت المقاتلات الحربية تحرس سماء البطولة ·
وفي ألمانيا الوضع يختلف كثيرا لأن الأوضاع السياسية أصبحت أكثر سوءا ،واتسعت دائرة الصراعات ، ومناطق الألم ،وبات من الصعب تحديد مصدر الخطر ، خاصة وأن مواقف ألمانيا السياسية تنحاز بشكل كبير للولايات المتحدة ، وهناك العديد من المهاجرين في ألمانيا الذين تغضبهم المواقف السياسية ، كما أن مدينة هامبورج في الشمال الألماني كانت محطة مهمة في التخطيط لهجمات الحادي عشر من سبتمبر ·
ولذلك خصصت وزارة الدفاع الألمانية سبعة آلاف جندي لمساعدة رجال الشرطة أثناء البطولة ، وكان من المفترض أن يقوم 2000 جندي فقط بالمساعدة أثناء البطولة إلا أن دراسة قامت بها وزارة الدفاع أشارت إلى أنه غير مستبعد وقوع حوادث خطيرة تسفر عن أضرار بالغة ،ولذلك تم توفير خبراء طوارئ في الألغام والأسلحة النووية والكيماوية للتعامل مع أية حالات قد تحدث خلال البطولة ·
وامتدت الحراسة من الأرض إلى السماء وتقوم طائرات أواكس بتأمين الأجواء والرقابة على ارتفاع 9150 مترا وبسرعة تزيد عن 810 كم في الساعة ،
وهنا الخوف من كل شيء وأي شيء حتى يثبت العكس لدرجة أن زجاجات المياه يصادرها رجال الأمن منا عند بوابات الملاعب ·
اقتحام الملعب
وبعيدا عن المواقف السياسية ارتفعت حدة القلق من شغب الجماهير ،خاصة مع دخول البطولة جولتها الثانية ، وشهد المونديال أول حالة شغب بين الجماهير البولندية التي تتسم بالعنف والشراسة ، وبين الجماهير الألمانية بمدينة دورتموند قبل بداية مباراة ألمانيا وبولندا يوم 14 يونيو الماضي وأسفرت تلك الموقعة عن إصابة 50 شخصا والقبض على 400 أخريين، وتلك هى البداية ومن المتوقع مزيد من الصدامات في الشوارع والميادين العامة عندما تشتد حرارة المنافسة في الأدوار التالية ، وفي حالة حدوث مواجهة بين ألمانيا وانجلترا في الدور الثاني قد تستيقظ الرغبة في الثأر لدى الألمان بعد أن نشرت صحيفة صن وديلي سبورت صورا للمستشارة ميركل بمايوة السباحة ووضعت عليها تعليقات ساخرة في ابريل الماضي
وقالت صحيفة بيلد بأن المنتخب الإنجليزي سيدفع الثمن غاليا في كأس العالم ·
وتحاول الشرطة الألمانية أن لاتمنح الفرصة لحدوث صدامات بين الجماهير خاصة عندما يشربون قبل أو بعد المباريات يفقدون توازنهم وعقولهم وبمجرد أن تدخل الملعب تجد نوعين من الشرطة الأول لفرض النظام والتفتيش والتأكد من صحة التذاكر والثاني يتجول من بعيد بملابس مليئة بكل أنواع الأسلحة لايتدخل إلا عند الضرورة ، ودائما ماتمتليء محطات القطارات برجال الشرطة للسيطرة على الموقف لحظة وصول الجماهير·
ومن أكثر الأشياء التي فجرت غضب الشرطة وأثارت قلقها تكرار حوادث نزول الجماهير الملعب أثناء المباريات ، فأثناء تدريبات المنتخب البرازيلي قفز طفل الملعب وذهب إلى رونالدنييو ، وفي مباراة البرازيل وكرواتيا نزل مشجع كرواتي الملعب ، وفي مباراة تونس والسعودية نزل مشجع تونسي الملعب ، وفي مباراة الأكوادور وكوستاريكا نزل مشجع اكوادوري الملعب أيضا
وتلك الحوادث تضع أكثر من علامة استفهام حول مدى يقظة رجال الأمن أثناء المباريات التي يتابعها الملايين ·
مناطق الخطر
تطل علينا العنصرية بوجهها القبيح في ألمانيا مثل الكثير من دول أوروبا ، ويعاني الكثير من أصحاب البشرة السوداء لهتافات عنصرية أثناء مباريات الدوري الألماني ،بل يتجاوز الأمر حدود الملاعب ورغم الشعار الجذاب الذي نجده في كل مكان هناك كراهية شديدة للأجانب وقبل البطولة مباشرة تعرض مهندس زراعي من إثيوبيا للضرب من جماعة النازيون الجدد حتى فقد وعيه ودخل في غيبوبة ·
والتقيت سائق تاكسي من ارتيريا أسمه عبد الوهاب يقيم في شتوتجارت منذ 18 عاما ويقول أنه طوال هذه الفترة لم يتعرض لإهانات عنصرية وأضاف :' أنا طوال اليوم في الشارع لا أرى شيئا ، فقط عندما يكون سكاري يفقدون وعيهم وهذا أمر طبيعي وقبل اقل من أسبوعين عن بداية كأس العالم طعن شاب من برلين 28 شخصا لأنه كان مخمورا·
وحذر عبد الوهاب من الذهاب لأماكن الجماعات المتشددة قائلا : لهم أماكن محددة من الأفضل أن تتجنب الذهاب إليها حتى لا تتعرض للمضايقة ،لا تدخل مناطق النازيين الجدد خاصة عندما تكون بمفردك وارتفاع نسبة البطالة تجعل هذه الجامعات تشعر بأن أي أجنبي يعمل هنا ولديه سيارة جديدة قد سرق منه فرصة العمل ودخله ولذلك تولد لديهم كراهية شديدة '·
وحتى الآن الأمور تسير عادية وكل ما حدث داخل أو خارج الملاعب أمر طبيعي في مثل هذه البطولات، وما يثير القلق أن يتجاوز هذا الحدود ·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©