الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ليس بعد اليوم!

ليس بعد اليوم!
18 يناير 2015 00:54
لماذا أصبحت الرسوم المسيئة للإسلام مادة إعلامية «مغرية» في الغرب الطاعن في العلمانية حتى العظام والخارج من جذوره الدينية حتى النسيان مرة والنكران مرات؟ ولماذا تحول الإسلام فجأة من ممارسة يخدمها الغرب ويفتح لها الأبواب، لا بل يسهم في نشرها عبر المساجد والتشريعات والدساتير، إلى «ضيف» تدور حوله الشبهات وتحتار بأمره الحكومات وتشكك فيه المجتمعات وتراقبه العيون والآذان والمناظير؟ ولماذا أخيراً صار التكاثر الإسلامي «ثقيلاً» والجاليات الإسلامية «دخيلة» والمساجد الإسلامية «ثكناً» والفتاوى الإسلامية «عصياناً» والخطب الإسلامية «تحريضاً» و«تعبئة» و«غسل أدمغة» و«دعوات» إلى «قتل الآخر واحتلال أرض الآخر»؟ أسئلة نسألها اليوم واليوم فقط، ويسألها المسلمون عن آخرهم، بعضهم يعرف الجواب ولا يكترث وبعضهم يعرفه ولا يستطيع شيئاً وبعضهم يستطيع ولا يفعل شيئاً. هل هذه كانت حال الإسلام والمسلمين قبل أسامة بن لادن وبعده أبو مصعب الزرقاوي وبعدهما الطالبان وأبو بكر البغدادي وبوكو حرام وبينهم جميعاً «الإخوان» وعلى رأسهم جميعاً الثورة الإسلامية في إيران؟ الجواب، أن الإسلام لم يكن يوماً ديناً استقطابياً في الغرب بقدر ما كان ديناً منتشراً في حدود المكان والزمان لا يلغيه أحد ولا يلغي أحداً.. والجواب أيضاً أن الإسلام لم يكن يوماً خصماً أو عدواً لما هو أبعد من إسرائيل، فإذا به اليوم خصم أو عدو لما هو أبعد شارع في أبعد نقطة في أبعد دولة في العالم. والجواب أيضاً وأيضاً أن بعض المسلمين كانوا أكثر حرصاً على النظام منه على الإيمان وأكثر دفاعاً عن المناصب منه عن المؤمنين، وأن بعض المسلمين الآخرين كانوا يرون في «جهاد» هؤلاء الرد الأمثل على سخرية من هنا وإساءة من هناك قبل أن يدركوا أن ما فعلت أيديهم لم يكن إلا الجحيم الذي يأكل أخضر الإسلام ويابسه ومعه الأنظمة والحكام وحتى العروبة بكل أشكالها وفصولها. لا تستطيع دولة الإمارات وحدها أن تبني مجتمعاً منفتحاً على الآخر، أو أن تعطي العالم من أقصاه إلى أقصاه مثالاً في تعايش الحضارات والأديان والثقافات، فهي جزء من هذا العالم العربي - الإسلامي، وليست العالم كله، وهي أدت قسطها ولا تزال ليس في إنتاج إسلام صحيح وحسب بل في ضرب الإسلام المخطوف في كل مكان وبكل الوسائل العسكرية والفكرية والثقافية والتبشيرية. وهنا، لا ينفع الأزهر أن يدعو المسلمين إلى عدم التصفح في مجلة «شارلي إيبدو» العائدة بسخرية أكبر وغضب أكبر وحقد أعمق وإصرار أوثق، بل ما ينفع الإسلام الآن هو الإطلالة على الدنيا معلقاً رأس «داعش» على أوتاد الشرق وصارخاً بأعلى صوته ومن أعلى قبابه: لقد قتلنا من حملكم على الاستهزاء بنا، فالويل والثبور وعظائم الأمور لمن يجعل الاستهزاء بعد اليوم مادة للبيع والشراء. مريم العبد - أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©