محمد عريقات (عمان)
لم يكن الأديب والشاعر الأميركي تشارلز بوكوفسكي (1920-1994) بحاجة إلى كتابة مذكراته أو سيرته الذاتية، فحياته بتفاصيلها مكشوفة في ما كتب من قصائد وقصص قصيرة؛ فهذا الشاعر، على مدار عمره الأدبي، يعيش في بيتٍ من زجاج، ما يُمكّن المارة العاديين، قبل النقاد والقراء، من الاطلاع على أدق تفاصيله (تناوله الجنوني للكحول، هوسه بالنساء، إضافة إلى سلوكه الحياتي الذي كان يحرص على أن يكون فجًا بخروجه عن السياق العام).
إن حياة بوكوفسكي، التي تأخذ طابعاً انتهاكياً، مرتبطة بنصّه ارتباطاً وثيقاً ومن الصعب على الذين يقرؤون نتاجه أن يتناولوه خارج سياق حياته وتفاصيلها. بوكوفسكي يكتب حياته، وتظل قراءته خارج هذا السياق قراءة ناقصة. إلا أن الكحول والنساء، (على عكس ما فهم الكثيرون من الكتّاب)، ليسا شرطاً شعريّاً أو إبداعياً، والقصيدة لا تشترطهما، لكن في حالة بوكوفسكي كان يقبل على العلاقات بشراهة لجرح نرجسيّ سبّبته النساء له. لقد كان مصاباً بمرض جلدي في وجهه، نفّرهنَّ منه، فانتقم لهذا الجرح. أما الكحول فكانت مهربة من مجتمعه المادي. هما إذن ثيمة أرادها بوكوفسكي للانتقام من العالم عبرهما. فما الذي قد يضيفه بوكوفسكي بكتابة مذكراته وسيرته الذاتية؟.
![]() |
|
![]() |
أسوق هذه المقدمة، بعد انتهائي من قراءة رواية بوكوفسكي أو سيرته الذاتية «مكتب البريد» والتي نقلت لأول مرة إلى العربية بوساطة المترجمة الفلسطينية «ريم غنايم» والصادرة مؤخرا عن دار الجمل للنشر والتوزيع. غنايم التي تعمل على مشروع نقل كل نتاجات هذا الشاعر إلى العربية تقول حول اختيارها لترجمة أدب بكوفسكي:
![]() |
|
![]() |
صدرت لغنايم مجموعتان شعريتان «ماغي: سيرة المنافي»، و«نبوءات»، إلى جانب ترجماتها لأعمال مثل رواية «مكتب البريد»، والمجموعة القصصية «أجمل نساء المدينة» لتشارلز بوكوفسكي، إضافة إلى «كتاب أشعار» وهو مختارات من أشعار جيمس جويس، وكذلك مختارات شعرية لبابلو نيرودا، أوكتافيو باث، أليس والكر، ريتشارد رايت، جاك كيرواك، أودري لورد هارولد بينتر وصموئيل بكيت وأدريان ريتش.