الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أصدقاء البحر

أصدقاء البحر
17 فبراير 2009 00:53
أعطى أجدادنا البحارة لكل سفينة شراعاً مناسباً يمكنها من صدّ الرياح، فقد كانوا أحبة البحر والخبراء بأحواله وتقلباته يقضون نصف أيام سنتهم بين أمواجه أو على شاطئه· يعملون في صيد السمك أو الغوص بحثاً عن اللؤلؤ، ويذهبون في رحلات تمتد لشهور طويلة تكسبهم فضلاً عن الرزق العديد من التجارب والمعلومات والقصص والحكايات، وكذلك الأمثال التي فرضها واقع يومياتهم· وكان من البديهي أن يبتكر أو يطلق أحد البحارة؛ قولاً أو بيت شعر مستلهما من عالم البحر فيذهب بعد حين مثلاً لأن البحار أشبه بحكيم في عرف العامة كمقولة ''اعط كل هوا شراعه'' التي يرددها اليوم أبناء الدولة، لأن أحد ''النواخذة'' القدامى هو من أطلقها حين قال قوله هذا لرافع الشراع ''الخطّاف'' ينبهه إلى ضرورة أن يرفع شراعاً متيناً أمام الرياح التي تعترض السفينة التي تشق عباب الموج· ومعلوم أن ''النوخذة'' قبل ركوب السفينة وإبحارها يتحرى حركة البحر، من خلال أمواج الشاطئ والسفن القادمة، ويدرك أي شراع يُفترض على ''الخطاف'' رفعه فوق سارية السفينة لتتمكن من المضي قدماً· وبذلك الإدراك تصل السفينة إلى الشاطئ سالمة غانمة، لأن صديق البحر ليس من يرتاده فقط، بل من يعرف أسراره ومتطلباته· لم تكن تلك المقولات التي تحولت إلى أمثال يتداولها الناس فيما بينهم غريبة عن البيئة المحلية، ولا البيئة العربية ككل، فمعظم تلك المقولات يوازيها مأثورات في اللغة العربية الفصحى، كما في مقولة ''النوخذة'' التي يقابلها ''لكل وقت أذان''، إذ لكل ريح شراع يصمد أمامها، فالشراع الصغير يتناسب مع النسيم، بينما الشراع الكبير يصمد أمام الرياح القوية، ولا ينوب شراع مكان آخر· تشكّل هذه الحكاية الشعبية، وغيرها الكثير، ارثاً معرفياً لنا، يرسو في شواطئ ذواتنا، يقدم لنا الحكمة من شباك (البحارة والنواخذة والنهامة)، الذي يعد سلطان بن خلفان بن غافان، ضيف ''مرامس'' لهذا العدد، أحد أبرزهم في الدولة، فقد قضى سنوات عمره ما بين البحر، والانشغال بعوالمه، فبحث وكتب وغنى أجمل النهمات عشقاً لموجه وخيره الوفير، وبات يُعرف بن غافان بأنه من أصدقاء البحر·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©