السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

سيناريوهات إعمار العراق تصطدم بالانفلات الأمني

15 يونيو 2006

أمل المهيري:
يعتمد كتاب 'العراق: إعادة الأعمار والدور المستقبلي'، أساساً على أعمال الندوة التي عقدها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، في أبوظبي خلال الفترة 14-15 سبتمبر ،2003 وتحمل نفس الاسم ، وضمت رؤى لنخبة من المحللين والخبراء في الشؤون العراقية والدولية والنفطية· وقد عالج الكتاب قضايا مثيرة للاهتمام؛ مثل: الأمن الإقليمي في الخليج، ومستقبل العلاقات العراقية-الأميركية في ضوء تصاعد ظاهرة معاداة الولايات المتحدة الأميركية في العراق، والتوازنات السياسية والطائفية في العراق وتداعياتها الإقليمية، والسياسات الإسلامية في العراق بعد سقوط صدام حسين، والنفط العراقي في خريطة جديدة لإمدادات النفط في العالم· وجاء الكتاب في خمسة فصول·
الأعمار والأمن
وأكد المؤلف باتريك كلاوسن، نائب مدير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، في الفصل الأول 'إعادة الأعمار والأمن الإقليمي'، على أن عملية 'إعادة إعمار العراق تسير جيداً بالكثير من المعايير، ولكن ليس وفقاً للتوقعات المرتفعة التي خلقت قبل الحرب'، كذلك احتياج التحولات المستجدة في العراق إلى بنية مؤسسية جديدة تماماً؛ إذ لا يمكن معالجة القضايا الجديدة بمؤسسات قديمة؛ لذا تكتسب عملية إعادة الإعمار في العراق مزيداً من التعقيد والبطء، إلى جانب وجود فهم خاطئ للدور الدولي المطلوب في إعادة إعمار العراق·
حيث لا يقدم المجتمع الدولي- وخاصة الأمم المتحدة- سوى القليل في هذه العملية، وهو غير مؤهل لإنجاز عملية إعادة الإعمار في العراق، أو تحقيق الوفاق السياسي بين القوى العراقية المختلفة، كذلك أن المقاربة الأكثر ملاءمة هي أن تتولى الولايات المتحدة الأميركية تسليم قيادة السلطة للشعب العراقي، بمجرد أن يتم ابتكار مؤسسات جديدة· وعلى الرغم من ذلك، سوف يبقى على الولايات المتحدة الأميركية، أن تساعد في الدفاع عن العراق في المستقبل المنظور·
إضافة إلى توقف الأمن الإقليمي في الخليج على مدى توافر بيئة إقليمية جديدة، يتم فيها تخفيض التسلح، وتوجيه الموارد إلى التنمية والتعاون الإقليميين· ومن شأن برنامج تسلح نووي إيراني أن يجعل الأمور تتحول نحو توجيه الموارد إلى التسلح، كما يقتضي زيادة الوجود الأميركي في المنطقة·
كبح المد المتصاعد
بينما اعتبرت المؤلفة باتشيبا كروكر، باحثة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن من خلال الفصل الثاني 'كبح المد المتصاعد: معاداة الولايات المتحدة الأميركية في العراق ومستقبل العلاقات الأميركية-العراقية'، أن 'إعادة إعمار العراق بعد حرب عام 2003 أكبر تحدٍ تتولى أمره الولايات المتحدة الأميركية، بعد نزاع منذ نهاية الحرب العالمية الثانية'، وأن نجاح هذه العملية من شأنه أن يوفر للشعب العراقي الاستقرار والازدهار، ويضمن للعراق دوراً إقليمياً إيجابياً وقوياً، وبالمقابل فإن انحدار الوضع العراقي ستكون له نتائج كارثية على الشعب العراقي، وعلى الاستقرار الإقليمي، وعلى علاقات الولايات المتحدة الأميركية مع العالمين العربي والإسلامي· وفي هذا الإطار قامت المؤلفة بما يأتي:
تحليل العلاقات الأميريكية-العراقية خلال فترة الحرب الباردة، ثم في أثناء حرب الخليج (1991)، ومستقبل العلاقة بعد حرب عام ،2003 بالإضافة إلى تحليل عملية إعادة الإعمار في العراق من زوايا: الأمن والسلامة العامة للمجتمع العراقي، والحكم والمشاركة، والاقتصاد والخدمات الأساسية، والنفط·
وتوصلت إلى أن السياسة الأميركية في العراق قد أثارت سخط العراقيين، وصعَّدت معاداتهم للولايات المتحدة الأميركية؛ بسبب إغفالها خصوصيات المجتمع العراقي، وإخفاقها في توفير الأمن والخدمات الأساسية للعراقيين، وتهديدها بتقسيم العراق شعباً وإقليماً، وإشعال النزعة الطائفية في مجتمع عرف تاريخياً بالتماسك، والسيطرة على موارده- وأهمها النفط- وهو ما سيؤدي إلى تصاعد العداء حتى لعملية إعادة الإعمار نفسها، كما يبرز في تخريب المنشآت النفطية بخاصة؛ حيث يعتبر بعض الناس أن هذه العملية إنما تصب في مصلحة الولايات المتحدة الأميركية لا العراقيين! ومع ذلك، يبدو أن على الولايات المتحدة الأميركية أن تمضي بحذر في طريق محفوفة بالمخاطر، وأن تتحمل إلى النهاية مسؤوليتها في إعادة الإعمار الناجحة، وأن تتجنب القسوة وإملاء مستقبل العراق، وخصوصاً من حيث ما يتعلق بالقرارات الاقتصادية الحساسة؛ كخصخصة مؤسسات الدولة·
السيناريوهات السياسية
ورصد المؤلف كينيث كاتزمان، المحلل الأول لشؤون الشرق الأوسط في هيئة البحوث في الكونجرس الأميركي، في الفصل الثالث' السيناريوهات السياسية في عراق ما بعد الحرب'، تطور المعارضة العراقية، وأطيافها السنية والشيعية والكردية، وتطور علاقة الولايات المتحدة الأميركية بها، خلال فترة التسعينيات من القرن العشرين، كذلك 'قانون تحرير العراق' الذي حدد الأطراف التي على الولايات المتحدة الأميركية أن تدعمها، وسبل الدعم، وأوجه التوافق والتعارض بين سياسات هذه الأطراف والسياسة الأميركية·
إلى جانب سياسة الرئيس بوش تجاه العراق قبل 11 سبتمبر 2001 وبعده، وقرار العمل العسكري ضد العراق، ودور المعارضة العراقية في الاستراتيجية الأميركية لإسقاط نظام صدام حسين، وسيناريوهات ما بعد الحرب الأميركية على العراق، التي تشمل تأسيس الحكم الذاتي العراقي، وتمثيل الأطراف المعارضة في مجلس الحكم الانتقالي، كذلك عمليات العنف المتبادلة بين القوات الأميركية في العراق وبين المقاومة المسلحة، والاستجابة الأميركية لها ببناء مؤسسات الأمن العراقية، وتوسيع الدور الدولي في حفظ السلام·
وقد انتهى المؤلف في خلاصته أن تصاعد تكلفة الاحتلال بسبب المقاومة، قد أجبر الولايات المتحدة الأميركية على مشاركة العبء الأمني مع أطراف دولية أخرى، والمسارعة بنقل السلطات إلى العراقيين·
وإذا كان المؤلف يعبر عن تخوف الولايات المتحدة الأميركية من تكوين دولة شيعية يقودها الإسلاميون في العراق، وتخضع لسيطرة طهران، فإنه في الوقت نفسه يستبعد أن تكون مثل هذه الدولة موالية بدون تمحص لإيران؛ حيث تتميز القوى الشيعية العراقية بتبلور مفهوم المواطنة العراقية لديها، وقد طورت علاقات واسعة الانتشار بالأكراد والعرب السنة، ومن غير المرجح أن تحكم هذه المجتمعات بالقوة والقمع، ولكن من المرجح- في المقابل- أن تزيد الهيمنة الشيعية في العراق نفوذ الحركات الشيعية في الخليج ولبنان·
العراق بعد صدام
وتناول المؤلف جراهام فولر، الخبير في الشؤون الروسية والشرق أوسطية، والمستشار السابق في مؤسسة راند الأميركية، في الفصل الرابع ' السياسات الإسلامية في العراق بعد سقوط صدام حسين'، تحديد مفهوم 'الإسلامية' الذي يرادف لديه 'الإسلام السياسي'، وتفسير نجاح ظاهرة الإسلام السياسي في العالم المسلم بسقوط الأطروحات الوطنية والقومية، وإخفاق أنظمة الحكم في العالم المسلم في تحقيق التنمية والاستقلال، اما الإسلامية في العراق، وعلاقتها بالطائفية، وفي هذا السياق يرصد المؤلف القوى الإسلامية بين مختلف الأطراف العراقية: العرب السنة، والشيعة، والأكراد، كذلك تداعيات الإسلامية العراقية على السياسة الخارجية العراقية؛ حيث يفترض أن يشهد العراق في النهاية تأسيس نظام ديمقراطي، يمثل فيه الشيعة الصوت المهيمن أول مرة في التاريخ العراقي، وهو ما ستكون له انعكاسات جوهرية على سياسة البلاد الخارجية، وخصوصاً تجاه إيران؛ حيث ستتنافس المرجعيتان الشيعيتان العراقية والإيرانية، وسيستقطب العراق النفوذ الشيعي في العالم، ولابد من أن ذلك سينعكس على أحد المفاهيم الجوهرية في التشيع الإيراني، وهو ولاية الفقيه، ودور علماء الدين في السياسة والحكم؛ حيث لا يتمتع علماء الدين في العراق بمثل تلك المكانة التي يتمتع بها نظراؤهم في إيران· كما ستكون لهيمنة الشيعة في العراق تأثيرات داعمة للمجتمعات الشيعية في كل من مملكة البحرين، والمملكة العربية السعودية، ولبنان، وسورية· وإجمالاً، سيؤدي تزايد الإسلامية العراقية إلى تضخيم تيارات الإسلام السياسي السنية والشيعية عبر منطقة الشرق الأوسط بأسرها·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©