الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«العجلة» من الشيطان .. و«الحلم» من الإيمان

«العجلة» من الشيطان .. و«الحلم» من الإيمان
28 يونيو 2015 22:10
أحمد شعبان (القاهرة) العجلة صفة مذمومة ومرض يصيب الإنسان، فيجعله يطلب الشيء قبل أوانه من قبيل الشهوة التي تتملك قلوب بعض الناس، وصفة تؤدي إلى قلق الإنسان وانزعاجه، وتورث الأسى والأسف في مشاعره وأحاسيسه والندامة من أعراضها، حذرنا منها الله تعالى في كتابه العزيز، وفي أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أرشد أمته إلى التأني والصبر. تقول الدكتورة آمنة نصير الأستاذ بجامعة الأزهر، اعتبر القرآن الكريم العجلة في الإنسان مرضاً خطيراً يستحق العلاج، ومن واقعنا المعاصر نرى كثيراً من الناس يندمون حين لا ينفعهم الندم، بسبب استعجالهم في أمور كان عليهم أن يتأنوا فيها، فمن أقل الأسباب يطلق الرجل زوجته فتتشتت الأسر، ويضيع الأطفال، وتهدم البيوت، ويقع الهم والغم. الأهل والمال وقد يستعجل الإنسان بالدعاء على الأهل والمال والأولاد عند الغضب، أو يستعجل استبطاء الرزق كما قال تعالى: (وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا)، «سورة الإسراء: الآية 11»، وتحدثنا الآية عن عجلة الإنسان وجهله ودعائه في بعض الأحيان على نفسه وأولاده أو ماله بالشر والموت أو الهلاك، فلو استجاب له ربه لهلك كما قال تعالى: (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ)، «سورة يونس: الآية 11»، ولكن الله بلطفه وكرمه يستجيب للإنسان في الخير ولا يستجيب له بالشر. ويقول تعالى: (وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ * خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ)، «سورة الأنبياء: الآيتان 36 - 37»، قال: (وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا * إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا)، «سورة الفرقان: الآيتان 41 - 42»، فالمؤمنون يستعجلون عقوبة الله للكافرين، والكافرون يتولون ويستعجلون بالعذاب تكذيباً وعناداً ويقولون ويتساءلون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين والله تعالى يمهل ولا يهمل ويحلم ويجعل لهم أجلاً مؤقتاً. وقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ)، «سورة الأحقاف: الآية 35»، وجاء في الحديث: «لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أموالكم ولا تدعوا على أولادكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم»، وإنما يحمل ابن آدم على ذلك عجلته وقلقه. فعل الخيرات أما المسارعة إلى فعل الخيرات والمبادرة إليها وانتهاز الفرص إذا حانت فإن ذلك محمود ولا يعد استعجالا قال تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)، «آل عمران: الآية 133»، وقال تعالى على لسان نبيه موسى عليه السلام: (... وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى)، «سورة طه: الآية 84» لأن العجلة المذمومة هي أن يقطع الإنسان ويبت في الأمور قبل التفكير والمشاورة وأخذ الرأي والاستخارة. وقد يستعجل الإنسان إجابة الدعاء، كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل فيقول، قد دعوت فلم يستجب لي» ويستعجل في صلاته فلا يتم ركوعها ولا سجودها ولا يطمئن فيها. استعجال الرزق وقد يستعجل الإنسان الرزق فيطلبه من طرق محرمة ووجوه غير مشروعة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته». ولعلاج الاستعجال يجب على المسلم المداومة على الطاعات والعبادات وخاصة الصلاة التي تقرب العبد من الله، وتجعله هادئ البال مطمئنا، وقراءة القرآن، فإن ذلك يبصرنا بسنن الله في الكون وفي النفس، وإمعان النظر في الآثار والعواقب المترتبة على الاستعجال، فإن ذلك مما يهدئ النفس ويحمل على التريث والتأني.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©