الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محمد إقبال.. وهب حياته لقضايا الأمة

محمد إقبال.. وهب حياته لقضايا الأمة
28 يونيو 2015 22:05
أحمد مراد (القاهرة) كان الفيلسوف والشاعر الهندي محمد إقبال نموذجاً للمسلم المعتز بدينه، ومثالا للمفكر الذي سخر علمه وفكره لخدمة قضايا أمته، يرى كل ما سوى العبودية لله ذلا ومهانة، نشأ في أجواء الثقافة الهندوسية، ثم اغترف الثقافة الغربية من منبعها، فما زاده كل ذلك إلا ولعا بجمال الإسلام. ولد في مدينة «سيالكوت» بمقاطعة البنجاب عام 1877، لأسرة اعتنقت الإسلام في عصور متأخرة. تلقى تعليمه في مدرسة إنجليزية، وانتقل للدراسة إلى كلية حكومية بمدينة «لاهور» عاصمة البنجاب، وتميز في اللغتين العربية والإنجليزية، وحصل على الماجستير في الفلسفة، وعمل مدرسا للتاريخ والفلسفة السياسية في الكلية الشرقية بلاهور، وبدأ ينشر بواكير شعره الذي هز الحياة الأدبية والفكرية. سافر إلى أوروبا عام 1905، وتابع تحصيله العلمي بجامعتي كامبريدج البريطانية وميونيخ الألمانية، حيث حصل على الدكتوراه في الفلسفة وشهادة في القانون، وعاد إلى الهند بحصاد علمي في فترة قصيرة لا تتجاوز ثلاث سنوات. وبعد عودته إلى الهند عمل إقبال في المحاماة، لكن اهتمامه بالفلسفة والشعر والسياسة شغله عن ذلك، فانضم إلى عدد من الجمعيات والمنظمات الساعية إلى حماية الوجود الإسلامي في الهند بعد أن بدأت بواكير تقرير المصير الهندي ورحيل المستعمر البريطاني تلوح في الأفق، وكان إقبال أول من اقترح فكرة تأسيس دولة خاصة بالمسلمين في القارة الهندية، تحفظ وجودهم وهويتهم، وتمنع تراثهم وحضارتهم الإسلامية من الاندثار، وهو الذي أقنع السياسي البارز محمد علي جناح بهذه الفكرة عبر المراسلات بينهما، فحولها جناح إلى برنامج عملي، وتجسدت فكرته عن الدولة المسلمة في القارة الهندية يوم ميلاد دولة باكستان، بعد وفاته بما يقرب من عشر سنوات. وألف محمد إقبال تسعة دواوين شعرية، ومن أبرز دواوينه: «جناح جبريل»، و«رسالة المشرق»، و«ضرب الكليم»، و«هدية الحجاز»، و«الأسرار والرموز». كما ألف بضعة كتب أبرزها «تجديد الفكر الديني في الإسلام»، و«تطور الفكر الميتافيزيقي في بلاد فارس»، وقد ترجمت دواوينه إلى العربية. وتلخصت فلسفة إقبال ونظرته للحياة في ثلاث كلمات هي «عز العبودية لله»، ويعبر عن هذه الفكرة بمصطلح «زهد الملوك» و«زهد المقتدر»، وتتألف فلسفة عز العبودية من شقين: أحدهما يدعوه إقبال «نفي الذات»، والثاني «إثبات الذات». والمقصود بنفي الذات التواضع والخضوع المطلق في العلاقة بالخالق، والمقصود بإثبات الذات العزة والثقة بالنفس في العلاقة بالمخلوق، فالعزة عند إقبال ليست فكرة ساذجة من الاستعلاء على الغير، أو الانكفاء على الذات، بل هي مفهوم مركب من العلاقة بالخالق وبالمخلوق. وكان إقبال مثالا للعالم المتبحر ذي العقل الكبير، فقد تعلم سبع لغات، وأتقن عدة تخصصات، ولكن روح إقبال ومرآة فكره الصافية تتجلى في شعره أكثر من نثره. وبعد رحلة حافلة بالعلم والعمل رحل إقبال في 19 أبريل سنة 1938.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©