الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«مهيمن» على الكتب السابقة وشاهد عليها بشرائعه وتعاليمه

«مهيمن» على الكتب السابقة وشاهد عليها بشرائعه وتعاليمه
30 يونيو 2011 20:13
المهيمن هو الشاهد والأمين والمؤتمن ومن يؤمن غيره من الخوف والمصدق، والقرآن يجمع بين كل ذلك، والمهيمن احد اسمائه، كما ورد في قول الله تعالى: “وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم .....”سورة المائدة- الاية 48. جاء في التفاسير: وانزلنا اليك الكتاب الكامل وهو القرآن ملازما الحق في كل احكامه وانبائه، موافقا ومصدقا لما سبقه من الكتب، وشاهدا عليها بالصحة، ورقيبا عليها بسبب حفظه من التغيير، فاحكم بين اهل الكتاب اذا تحاكموا اليك بما انزل الله عليك، ولا تتبع في حكمك شهواتهم ورغباتهم، فتنحرف عما جاءك من الحق، لكل امة منكم ايها الناس جعلنا منهاجا لبيان الحق، وطريقا واضحا في الدين يمشي عليه، ولو شاء الله لجعلكم جماعة متفقة ذات مشارب واحدة لا تختلف في جميع العصور، ولكنه جعلكم هكذا ليختبركم فيما اتاكم من الشرائع ليتبين المطيع والعاصي، وامرناك ايها الرسول بان تحكم بينهم بما انزل الله. وقال القرطبي في تفسيره: “مهيمنا عليه” أي عاليا ورفيعا، والقرآن مهيمن على الكتب السابقة ورقيب عليها وامين ومؤتمن وشاهد عليها، والهيمنة هي القيام على الشيء. وقال العلماء ان القرآن مهيمن على الكتب من قبله لانه بما مضى وبما هو آت ومهيمن بتعاليمه على تعاليم كل الكتب السماوية، وإنه مصلح لما تم تحريفه منها. فهذه الآية الكريمة تبين إن القرآن المجيد مهيمن على كل الكتب، لأن فيه تبيانا لكل شيء ولكل ما يحتاج اليه البشر إلى يوم القيامة، كما إن فيه تعاليم ربانية تكفي كل الناس كأفراد أو أسرة أو مجتمع، وبتطبيقها يسود بينهم الود والانسجام المتبادل والأمن، وبفضلها يعيشون ويرتقون ويحصلون على أكبر عز وكرامة في عالم المعنويات، وبأحسن صورة ممكنة لكرامة الحياة، ومع التوحيد الخالص لله تعالى. فالقرآن لم تمسه يد التحريف والله سبحانه حافظ عليه وهذه خصوصية غير موجودة في الكتب السابقة فقال تعالى: “إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون” سورة الحجر الاية 9، وهذا يشهد للقرآن الموجود بين ايدينا بأنه كلما يمر الزمان تزداد شدة الاعتناء به حتى أن كل المسلمين اليوم بيدهم مصحف واحد، بأفصح كلام، وبأبلغ بيان، وبأفضل أسلوب، وهذا أمر معجز لا يوجد في الكتب السابقة، وأيضا يدل على أن كل ما فيه هدى وصادق محكم ولكل البشر، ويوجب على كل عاقل أن يتبعه لما فيه من الخصوصيات المفقودة في الكتب السابقة. وتعاليم الله في القرآن المجيد فيها أحسن الهدى والبيان الواضح الذي يقر له كل منصف ويؤمن به كل من يطلب التقى، وفيه بالإضافة للتعاليم الأخلاقية الفردية والأسرية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، أقوى الأدلة والحجج على معرفة الله تعالى وأسمائه الحسنى وصفاته العليا، وفيه أقوى الحجج والبراهين الموجبة للإذعان لوجوب الإيمان ولإخلاص التوحيد لله في جميع مراتبه، فهو في كل آياته يدل على الله تعالى وتوحيده، كما يدل على معرفته الحقيقية وكيفية إقامة العبودية له تعالى، كما هو مؤيد لنبوة رسول الله خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وفيه بيان يتحدى الله به الإنس والجن أن يأتوا بتعاليم أحسن منه، أو أهدى وأفضل فهو يصلح البشر ويأخذ بهم لكل سعادة مع كونه بفصيح الكلام وبأحسن بلاغة، وهذه حقيقة قائمة تتحدى كل البشر في كل العصور، والأمر الأعظم أن الله يتحدى البشر بأن يأتوا بسورة واحدة مثله فيها هدى وبيان محكم وواضح. ومن يقرأ كتاب الله المجيد يوقن ويشعر بأن هذا كلام خالق الوجود العليم القدير ومعطي الحياة لكائناته، مسير الكون بقانون موجود في الذرة إلى المجرة، وهذا الذي عجز عن معرفته البشر قبل تطور العلوم الحديثة، ولكن الله سبحانه اوجزه في آية واحدة. فهذه بعض براهين أعظم كتاب سماوي فيه تعاليم الله وهداه، في كل آياته بيان عظيم يدعو لوجوب الإيمان بالله والطاعة له وتوحيده سبحانه وبتعاليمه المحكمة وببليغ بيانه، وما فيه من حقائق ومعارف السنن الكونية. والكتب السماوية غير المحرفة لا تختلف في الأصول الاعتقادية والقيم الدينية العامة بل يصدق المتأخر منها المتقدم كما يشهد قوله تعالى: “وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين” وقوله تعالى واصفا القرآن الكريم: “نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل”. فالقرآن الكريم يتحد مع سائر الكتب السماوية في أصوله العامة ويختلف عنها من جهة استيعابه لتمام ما أراده الله لعباده أن يتعرفوا عليه إلى آخر الدهر، قال تعالى: “ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء”. وثمة جهة أخرى قد تختلف فيها الكتب السماوية وهي بعض التشريعات، فقد يكون شيء محرما في شريعة موسى عليه السلام ولكنه مباح في شريعة الإسلام وقد ينعكس الأمر أو يكون ثمة فعل واجب في شريعة ما ولكنه ليس واجبا في شريعة الإسلام. لذلك فإن كل حكم اشتملت عليه الكتب السماوية السابقة يكون منسوخا إذا أورد القرآن ما يخالفه، فمعنى أن القرآن مهيمن على ما سبقه من الكتب السماوية هو أن التشريعات التي تضمنها تكون ناسخة للتشريعات الواردة في الكتب السابقة إذا كانت على خلاف ما ورد في القرآن الكريم. وقال ابن منظور ان المهيمن اسم من أسماء الله تعالى، كما انه اسم للقرآن الكريم.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©