الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«البيت العود»..مدرسة الأجيال

«البيت العود»..مدرسة الأجيال
28 يونيو 2015 22:24
خديجة الكثيري (أبوظبي) يشكل البيت العود في نفوس الآباء والأبناء، الحضن الذي يلجؤون إليه في كل فترات الحنين والاشتياق، وللأهل والأقارب مركز الحب والوفاق والبحث في أمور العائلة، حيث يعدونه كشجرة تفرعوا منها، أو كمدرسة تخرجوا فيها ويرجعون إليها لتعلم ومعرفة المزيد في أمور الحياة، ويشكل البيت العود للجيران والأصدقاء مركز الوصل والالتقاء والبحث عن الفقيد والتقرب من البعيد، والنهل من المعلومات والتعرف على الأخبار. وفي شهر رمضان المبارك، شهر التواصل وصلة الرحم، شهر التجمع والأمسيات، يزداد ألق البيت العود بزيادة أعداد زواره، وبالتالي تتنوع وتزدحم على موائد الإفطار أطباقه. وتقول مريم الحداد «أم لطفلين»: البيت العود بالنسبة إلي عالم التواصل الأسري، فبيت «جدتي ليس «بالبيت العود» حجماً، لكنه «عود» بضمه لنا جميعاً، فنحن 9 عائلات، يحتوينا في كل المناسبات، خاصة شهر الرحمة والبركات، ويحمل لنا أجمل ذكريات طفولتنا، بقلوبنا وشوقنا لملاقاة الأعضاء الجدد من الأحفاد والأحباب. وتؤكد أنه جرت العادة في كل مناسبة، أن تجتمع مع العائلة في بيت جدتها خاصة خلال شهر رمضان، حيث تتسابق للتجمع على موائد الفطور و«الفوالة» وتحضير السحور، حيث أحاديث الذكريات والضحكات، ثم يندمج الجميع في مشاهدة المسلسلات والبرامج الرمضانية، بالإضافة إلى المشاركة في سباق وتنافس أسري لإتمام «ختمة» للقرآن الكريم. تواصل أسري وحين تتجمع مع الأهل في البيت العود، تشعر بفرحة وبهجة، فمع ازدياد انشغال الناس بهمهم وحياتهم الخاصة، أصبحت فرص التواصل وصلة الرحم قليلة، قد تكون صعبة في كثير من الأيام، لكن عندما يظهر «البيت العود»، ليكون نواة تجمع الأهل، على تقوية أواصر الرحم والروابط بين العائلات الصغيرة تحت سقف العائلة الكبيرة. وتضيف مريم: بما أنني أم، فأطفالي أجدهم في غاية السعادة والمرح والفرح عندما يأتون للبيت للعود، فيلتقون بأقرانهم في العائلة، ويتعلمون أهمية دور وجود العائلة في الحياة والأمن الذي تحققه للإنسان، كما يتعلمون تفاصيل مختلفة لعاداتنا وتقاليدنا، وبالتالي يتعودون ويحبون عادات التجمع المتوارثة مهما تعاقبت الأجيال. معانٍ وقيم وتشير الخبيرة والباحثة التراثية فاطمة المغني إلى أن البيت العود الملاذ الأول للأهل في كل الأيام، ومجالسه مفتوحة لجميع الأهل وحتى الأصدقاء، وقديماً لم يقتصر على بيت كبير العائلة فقط، بل وجدت هذه العادة الكريمة على مستوى منازل الأحياء والفرجان، فيعتبر «البيت العود» ليس بحجمه، وإنما بوجود كبير السن فيه، أو كبير القوم، فكبار السن في البيت هم البركة وأهل العلم والخبرة، والتجمع معهم يؤكد مبادئ التكافل والتواصل قديماً، ومشاركة الجيران في الطعام والشراب والتفاعل الاجتماعي، وهذه عادات ومعانٍ وقيم نشأ عليها أجدادنا آباؤنا، وهي ما يتوارثه الأبناء والأحفاد. تجمع العائلة وتؤكد أنها تحرص على تجمع أفراد العائلة من صغيرها وكبيرها مع أبنائهم في الحضور على مائدة الإفطار اليومي في البيت العود، حرصاً على هذه العادة الأصيلة من معانٍ وقيم عميقة تنشئ الفرد نشأة سوية، مبنية على المحبة والتآخي والتعاون والتكافل، وتصف البيت العود بأنه المظلة الذي يضم في قلبه الكبير جميع أفراد الأسرة والعائلات الصغيرة في كنفه، ففيه كثير من الفرص التي قد لا تتسنى للعائلات الصغيرة في مكان غيره، ومنها أن البيت العود فرص للتلاقي وتبادل النقاش وحل المسائل وفيه فرص لسماع الأخبار وتناقل المعلومات، وفيه فرص لتعلم معارف جديدة قد ينقلها أحدهم للآخر. وتضيف: كذلك تتجمع السيدات في البيت العود، وقد جهزت كل منهن الطبق الرمضاني للمائدة، باعتبار ذلك فرصة لتبادل وصفات الطعام، وتذوق أطعمة الجدات والأمهات، كما فيه فرصة لتعلم البنات الصغار أهمية المعرفة بالطبخ للمستقبل، والحديث حول الهموم الأسرية، فيأخذن من بعضهن الحلول والنصائح والخبرة. وأوضحت أنه على مستوى الأبناء الشباب فهذا التجمع يعلمهم تعاليم ومعاني آبائه وأجداده، ويتسلح بخبرتهم وينهل من ثقافتهم، أما الأطفال فبالإضافة إلى حبهم للعب جميعاً إلا أنهم يتربون على التجمع الأسري والتلاقي. ذكريات الطفولة يقول الشاب سعيد عبدالله: أحرص في شهر رمضان بشكل يومي على تناول الإفطار والتجمع في مجلس العائلة، مع «كبار السن والشباب»، بل وأقوم بدعوة أصدقائي دائماً إن لم يكن على الإفطار فعلى السحور أو الفوالة عقب التراويح، فنتجمع جميعاً في البيت العود الذي يشعرنا بالدفء وحميمية الأهل وصلة القربى، وشخصياً أجده بكل ركن فيه يحمل ذكريات الطفولة، والمكان الذي ضمنا صغارا، وتعلمنا فيه أساسيات الحياة في كافة مناحيها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©