الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

سوق الدولار في مصر تعود للاشتعال

15 يونيو 2006
القاهرة- محمود عبد العظيم:
شكل التصاعد المتوالي لأسعار الدولار في السوق المصرية خلال الأسابيع القليلة الماضية هاجساً للمتعاملين في سوق الصرف الأجنبي بشأن إمكانية عودة أزمة الدولار بعدما اقترب سعره في البنوك من 580 قرشاً بينما تتم الصفقات الكبيرة في السوق الموازية بنحو '6 جنيهات'· ولم تفلح إعلانات البنك المركزي المصري المتكررة عن تنامي الاحتياطي الدولاري لدى البنك ليقترب من 23 مليار دولار في طمأنة المتعاملين بالسوق خاصة أن قفزات متوالية في أسعار الدولار خلال فترة قصيرة بعثت برسالة عدم ثقة· ويرشح خبراء السوق مؤشر الأسعار لمزيد من الصعود خلال المرحلة المقبلة بسبب خروج أكثر من ثلاثة مليارات دولار من مصر عبر مستثمرين عرب وأجانب انسحبوا من بورصة الأوراق المالية مع هبوط أسعار الأسهم خلال الشهرين الماضيين وكان على سوق النقد تدبير هذا المبلغ الكبير نسبياً· وعادت ظاهرة 'الدولرة' بقوة إلى سوق النقد الأجنبي المصري مع تهاوي أسعار الفائدة على الودائع بالجنيه المصري بفعل سياسة البنك المركزي التي تستهدف كبح جماح التضخم حيث وصلت أسعار الفائدة في البنوك الكبرى إلى أدنى معدل لها منذ عشر سنوات ولا تتجاوز حاليا 7,5 بالمئة على معظم الودائع فيما قفزت أسعار الفائدة على الدولار إلى 5,5 بالمئة في بعض البنوك مثل 'بريوس مصر' و'كاليون' و'بيت التمويل المصري السعودي' وهو المعدل المرشح للوصول إلى 6 بالمئة قريباً وبالتالي تحول الكثير من أصحاب الودائع من العملة المحلية إلى العملة الأميركية مما شكل طلباً متزايداً على الدولار· واندفع عدد كبير من المصارف والمؤسسات المالية لإنشاء وإطلاق صناديق استثمار بالدولار واليورو وهي تجربة جديدة نسبياً على سوق المال المصرية بهدف التعامل على الأسهم المسجلة بالدولار في البورصة ويبلغ عددها سبع شركات وهي أسهم تتمتع بجاذبية استثمارية كبيرة، فقد بدأت ثلاثة بنوك اتخاذ الإجراءات التنفيذية لإطلاق ثلاثة صناديق بالدولار وهي الوطني المصري وبنك الشركة المصرفية إلى جانب البنك التجاري الدولي·
وبينما سجل الميزان التجاري تراجع نسبة العجز بفعل نمو صادرات البترول والغاز ورسوم المرور في قناة السويس '1,3 مليار دولار' في الربع الأول من العام الجاري تراجعت نسبة تحويلات المصريين العاملين في الخارج لأقل من 600 مليون دولار خلال النصف الثاني من العام الماضي حسب الأرقام المعلنة من البنك المركزي وارتفعت قيمة الواردات لتتجاوز 14 مليار دولار·
اضطراب مؤقـت
وتخلق هذه المتناقضات الاضطراب المؤقت في سوق النقد -حسبما يقول الدكتور حافظ الغندور -المدير العام للبنك الأهلي المصري- لأن العوامل الموضوعية الخاصة بنظرية العرض والطلب تتوارى مؤقتاً أمام هذه المتغيرات· والانخفاض المتوالي لأسعار الفائدة على الودائع بالعملة المحلية والإشارات الصادرة عن السلطة النقدية في الأسابيع الأخيرة بإمكانية استمرار الاتجاه الخاص بخفض الفائدة خلق نوعاً من الذعر المؤقت لدى أصحاب المدخرات حيث سارع كثير منهم إلى تحويل مدخراتهم من العملة المحلية إلى الدولار، ما يؤدي إلى زيادة ضغوط الطلب كما أن الصناديق التي يتم إطلاقها بالدولار تمتص جزءأ مهماً من السيولة الدولارية المتاحة بالبنوك وتتجه للبورصة· ويقلل الغندور من دور سداد أقساط خدمة الدين الخارجي المصري - 29 مليار دولار- في التأثير على ارتفاع أسعار الدولار لأن تدبير الأقساط مهمة البنك المركزي الذي لا يلجأ إلى السوق لشراء الدولارات المطلوبة لأن لديه احتياطياً كبيراً يتم السحب منه لسداد الأقساط·
وتوقع استمرار صعود سعر الدولار في مصر في المرحلة المقبلة خاصة في ظل المؤشرات التي تؤكد أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يعتزم رفع سعر الفائدة على الدولار بمعدل نصف في المئة قبل نهاية أغسطس المقبل ما سيؤدي إلى التكالب على شراء الدولار في مصر لأن سعر الفائدة عليه يكاد يقترب من سعر الفائدة على الجنيه وبالتالي تفقد العملة المحلية ميزتها كعملة ادخار·
وقال: إن الارتفاع المتزايد في سعر الدولار يعود إلى تنامي الواردات خاصة للسلع الوسيطة والرأسمالية بفعل المشروعات الجديدة التي يتم تأسيسها حالياً وتحتاج لخطوط إنتاج من الخارج إلى جانب الواردات الاستهلاكية التي تزيد بمعدلات كبيرة الأمر الذي يستنزف معظم الموارد الدولارية للبلاد· وأكد محمود عبد اللطيف -نائب رئيس اتحاد بنوك مصر ورئيس بنك الإسكندرية- أن المخاوف من عودة أزمة الدولار غير واقعية ولا تستند لمبررات قوية، لكن مبررات استقرار الأسعار هي الأقوى والارتفاع الحالي مؤقت وسرعان ما ينتهي مع نهاية أسبابه ومعظمها يتعلق بخروج بعض كبار المستثمرين العرب من سوق الأوراق المالية لتغطية مراكزهم المكشوفة في بورصات دول الخليج مما اضطرهم لتسييل محافظهم في البورصة المصرية وتحويل الأموال بعملة الدخول وهو أمر يكفله القانون وتوفره آليات مرنة لشركة مصر للمقاصة وشكل ذلك طلباً كبيراً على الدولار في وقت قصير فارتفعت الأسعار· أما مبررات استقرار الأسعار فتشمل نمو موارد مصر من صادرات البترول والغاز التي تقترب من 10 مليارات دولار وتزايد رسوم المرور في قناة السويس والمتوقع أن تبلغ 4 مليارات دولار العام الجاري وكذلك موارد السياحة إلى جانب الصادرات التقليدية وتحويلات المصريين العاملين بالخارج، ووجود سياسة نقدية مرنة ونجاح آلية الانتربنك الدولاري التي وفرت تعاملاً آمناً وسريعاً بين البنوك في العملات الأجنبية يومياً· وبالتالي تم فك الاختناقات التي كانت تواجهها البنوك وانتهت الشكوى من تأخر تدبير موارد للاعتمادات المستندية للمستوردين الذين كانوا يلجأون للسوق السوداء لتدبير احتياجاتهم وهؤلاء كانوا يشكلون مصدر الطلب الرئيسي على الدولار في السوق السوداء التي لم يعد لها وجود ملموس في مصر منذ شهور طويلة·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©