الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لا خوف على تكساس!

17 يناير 2015 23:07
نشأتُ في ولاية تكساس التي يقيم فيها كثير من أصدقائي وأفراد عائلتي. ولذا، فإنني دائماً ما أشعر بالولاء لهذه الولاية الأميركية. وهذا من أسباب القلق الذي أشعر به توجساً من أن يتسبب الانخفاض الأخير في أسعار النفط في تراجع اقتصاد تكساس، كما حدث في عقد الثمانينيات. والسبب الآخر أن «معجزة تكساس» كانت واحداً من أكبر المحركات للانتعاش الأميركي: وحتى وقت قريب، كانت الولاية هي المسؤولة عن صافي نمو سوق العمل في البلاد منذ بداية الكساد العظيم. والآن، تواجه هذه الولاية المعجزة متاعب حقيقية. فقد كانت تكساس في طليعة الازدهار في مجال النفط الصخري، وذلك لأن الجزء الأكبر من إنتاجه يقع في الولاية، وكذلك الشركات التي توفر التكنولوجيا والخدمات اللازمة لاستخراجه. وفي 2009، كانت نسبة تكساس في إنتاج النفط بأميركا تصل الربع، وفي 2014، وبفضل النفط الصخري ارتفعت هذه النسبة إلى 40%. ولذا، فإن انخفاض أسعار النفط بنحو النصف سيمثل مشكلة كبيرة لصناعة النفط الصخري في تكساس. وعلى رغم أن العديد من مناطق إنتاجه في تكساس يمكن أن تكون مربحة حتى بأسعار اليوم المنخفضة، إلا أن مناطق أخرى ليست كذلك. وهذا من شأنه تقليل الحافز لحفر آبار جديدة لاستبدال الآبار التي ينفد مخزونها. ومن ناحية أخرى، يعني انخفاض الاستثمار أيضاً انخفاض النشاط الاقتصادي. وفي الوقت نفسه، تمكنت شركات الخدمات النفطية من تكوين ثروات عبر تقديم التكنولوجيا للدول الأخرى لاستخراج النفط الذي يصعب الحصول عليه. والآن، وبعد انخفاض الأسعار، لم تعد هناك حاجة إلى هذه الخدمات بقدر ما كان عليه الحال من قبل. ويمثل دخل الطاقة 11% فقط من اقتصاد تكساس. ولكن بسبب التأثيرات المضاعفة، فإن أزمة النفط يمكن أن تكون أكبر بكثير مما يوحي به هذا الرقم. ومن ناحية أخرى، فإن الوظائف المتعلقة بالنفط والخدمات النفطية عالية الرواتب، ولذلك، فعندما يتم فصل أو خفض أجور العاملين بهذه الصناعات، فسيحجمون عن شراء الكثير من السلع والخدمات مما يؤثر سلباً على القدرة الشرائية في الاقتصاد المحلي. وعليه، يمكن للأزمة أن تتفاقم. وقد رأينا مثل هذا في السابق، فعندما هوت أسعار النفط في الثمانينيات من القرن الماضي، تضرر اقتصاد تكساس بشدة. ولكن لأنني أعلم أن المؤسسات وسكان تكساس يتمتعون بالذكاء، فإنني أعتقد أن الولاية ستتخذ الخطوات اللازمة كي تجعل مشكلة أسعار النفط هذه أقل ضرراً من تلك التي أصابت البلاد في 1986، وأن تستغل الفرصة للخروج من هذه الأزمة باقتصاد أقوى مما كان. وقد علمت أزمة الثمانينيات تكساس درساً قاسياً تمثل في إدراك أهمية تنويع الاقتصاد. وخلال الـ15 عاماً التي تلت 1986، حقق اقتصاد تكساس نمواً بنسبة 118%، بينما حققت صناعة التعدين -ومن ضمنها النفط والغاز- نمواً بنسبة 18% فقط. ومنذ بدء طفرة النفط الصخري، عرفت تكساس نمواً هائلًا في معدلات العمالة في قطاعات الخدمات المهنية والرعاية الصحية أكثر من الصناعات الاستخراجية. وفي الواقع تصدِّر الولاية السلع ذات التكنولوجيا العالية بمعدلات أعلى من صادرات كاليفورنيا. وهذا من شأنه الحد من الآثار السلبية لأزمة النفط. ومن ناحية أخرى، تعد أغلبية سكان تكساس من الشباب، إلى جانب ما تتمتع به من وفرة في الموارد الطبيعية والضرائب المنخفضة، ولذا فإن أزمة النفط لن تغير من نقاط القوة هذه. ولكن هذا لا يعني أن تكساس ليس بوسعها فعل المزيد. وأزمة النفط ستكون فرصة مثالية للولاية لإصلاح الاختلالات ونقاط الضعف في اقتصادها. ويعد التعليم العالي من المجالات التي تستطيع تكساس تحسين الأداء فيها. وعلى رغم كونها ثاني أكبر ولاية أميركية من حيث عدد السكان، إلا أن لديها جامعتين فقط تندرجان في قائمة «فوربس» لأفضل 100 جامعة. وفي المقابل، في كاليفورنيا 10 جامعات. كما أن 22% فقط من سكان تكساس هم من خريجي الجامعة، مقارنة بنسبة 35% من سكان كاليفورنيا. وحتى في ظل كون تكساس من الولايات ذات الضرائب المنخفضة، فبإمكانها تحمل المزيد من الأعباء المالية لتعزيز أداء جامعاتها. وهناك وسيلة أخرى للدفع قدماً بتكساس تتمثل في بناء مدن أفضل. وتعد مدينة «أوستن» مثالًا ناجحاً للغاية للتخطيط الحضري. ولكن دالاس وهيوستن وغيرهما من المدن الأخرى تطورت بطريقة أكثر عشوائية، ويمكن الاستفادة من تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص لتحويلها إلى مدن من الطراز العالمي. نوح سميث * * خبير اقتصادي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©