الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حضرات الخريجين والخريجات الكرام

15 يونيو 2006

نشهد هذه الأيام - وفي نفس هذا الزمان من كل عام - إقامة حفلات تكريم لطلبة وطالبات في معاهد وكليات وجامعات، وذلك تقديراً لهم بعدما أنهوا متطلباتهم العلمية فأصبحوا على عتبات بوابة الحياة العملية، ولكن وقبل الولوج إليها تقابلهم أكبر العثرات، فأية عثرة تلك التي يلقاها كل من حضرات الخريجين والخريجات الكرام؟
إنها عثرة الواقع المؤلم والمؤسف والذي يثير في النفس السوية والكريمة التعاطف والمواساة والشفقة، تلك المعاناة التي يعانيها الخريجون والخريجات والتي لا تخفى على عاقل! إنها المعاناة بحثاً عن الموجود، والحلم السعيد، ألا وهو العمل الشريف، والوظيفة الكريمة التي تتناسب مع كرامتهم ومكانتهم ورغباتهم ومستواهم العلمي، ليكافأوا بها بعد الرحلة الشاقة التي قطعوها في سنين طويلة، بآمالها وآلامها، وحلوها ومرها، من أجل الاسهام في مسيرة الحياة، وكم هي تلك القصص والحكايات عن معاناة كل من الخريجين والخريجات، لو سردت على الجبال الصخرية لرقت لها، ولربما بكت وتصدعت ثم انهدت، فليست رحلة إكمال الدراسة والنجاح والتفوق الشريف بالأمر الهين، وليست المعاناة التي عاناها كل من الخريجين والخريجات بالأمر الذي يستهان به أو يستقل أو يستنكر، إذ يستحق كل إنسان اجتهد بشرف ونزاهة في طلب العلم ثم نال النجاح وأعلى الدرجات العلمية أن يكون وينزل المنزلة التي يستحقها جزاء ما أنجز، فكل من سعى طلباً للعلم زادت كرامته وعلا شأنه، والكريم لا يهان وجدير بالتقدير·
يشبه البعض مسألة ايجاد فرص العمل للخريجين وللخريجات كعنق الزجاجة التي يصعب المرور منها - فالشاغر فيها ضيق - وبالتالي فإنه يصعب ايجاد فرصة عمل لهم! كيف لا وهم لا يرون إلا بقدر ثقب الزجاجة التي أشاروا إليها، أنانية تظهر في أقوالهم وتتجلى من أفعالهم، لا هم لهم الا الحط من أقدار الخريجين والخريجات، والتقليل من شأنهم، والتشجيع على غض الطرف عنهم، وعدم التعاطف معهم، وبأنهم لا يحسنون إنجاز الأعمال؛ فهم ليسوا بمبدعين، ومتسيبون يؤثرون الدعة والراحة والكسل؛ فهم وبال، وليس لديهم خبرة، وهم بحاجة إلى الكفاءة، ومغرورون بما حصلوه، إلى غير ذلك في سرد لقائمة لا تنتهي وبدع تظهر بين الحين والآخر من الأمور التي لا أصل لها والتي دحضتها التجربة وأثبتت ميادين الحياة خلافها·
أيها السادة الكرام، إن كل من كافحوا بشرف من أجل هدف سام وصلوا إليه فأصبحوا - بفضل الله ومنه - خريجين وخريجات حاملي علم ومعرفة - قبل حملهم لشهادات - لابد أنهم أجدر الناس بحمل رسالة سامية في الحياة، وليست المسألة مسألة عمل والحصول على وظيفة فحسب، بل العطاء والبناء والاسهام في سبيل نهوض مجتمع لا يمكن أن يستقيم أو يقوم إلا بسواعد أبنائه وأهله والمخلصين من محبيه والمعترفين بالجميل لفضله، أليس جديراً بهؤلاء الخريجين والخريجات أن يكونوا محل ثقة وأهلاً لحمل رسالة في الحياة، أليست انجازاتهم التي حققوها بسهر الليل وجهد النهار محلاً بأن توضع موضع التقدير والاعتبار، أما أن تصم الآذان عن السماع لهم، وتخطف الأبصار عن النظر لحالهم، وتنعقد الألسن في الحديث عن حقيقة معاناتهم ومأساتهم وحقوقهم، فتلك مصيبة وفاجعة، وعثرة تقف في طريقهم، فمن يجبر عثرات الخريجين والخريجات الكرام؟
رُوي في التاريخ أنه قد جاءت حقبة من الزمن كان ينادي فيها بين الناس على أموال الصدقات والزكاة فلا يجدون لها طالباً أو صاحب حاجة، لأن الناس كانت في غنى عنها، وأتمنى أن يعيد التاريخ نفسه ويأتي اليوم الذي تعطى فيه جميع الشواغر والدرجات الوظيفية المكنوزة حتى تفيض وتزيد فينادى عليها بين جميع الخريجين والخريجات فلا يجدون لها طالباً أو صاحب حاجة، ولم لا يحدث ذلك؛ فكثيراً ما يعيد التاريخ نفسه، وليس ذلك على الله بعزيز، مع التقدير والاحترام لكل الخريجين والخريجات الكرام، وأسأل الله الرزاق أن يغنيكم من فضله إنه واسع كريم·
منصور محمد المهيري
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©