الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تبادل أطباق الطعام.. طقوس رمضانية تعكس روحانية الشهر

تبادل أطباق الطعام.. طقوس رمضانية تعكس روحانية الشهر
15 يوليو 2014 02:10
هناء الحمادي (أبوظبي) مشهد يتكرر يومياً في أحياء الأسر الإماراتية بالدولة، ففي آخر ساعة قبل الإفطار تفوح رائحة الأطباق الرمضانية في «الفريج»، حيث تجوب تلك الأطعمة الشهية المنازل بصحبة الأطفال أو أحد أفراد الأسرة لتوصيلها للأقارب والجيران، وتعد هذه العادة الاجتماعية من أبرز ما يميز الشهر الفضيل، حيث تتفن الكثير من ربات البيوت في تقديم أصناف مختلفة ومذاقات متنوعة وتزيينها وترتيبها في صواني التقديم، ما يعمق الروابط الاجتماعية ويقويها ويزيد الألفة بين الجيران. معاني المشاركة لمسات جميلة تضفيها مريم أحمد (ربة بيت) على صحون الجيران، رشة من النكهة الحلوة على طبق «السويت» الذي أعدته بجانب الطبق الرئيس «برياني دجاج» الذي يحمل النكهة الهندية، وهي منذ بداية شهر رمضان تحرص على توزيع بعض الأطباق على جاراتها عبر أحد أبنائها. إلى ذلك، تذكر مريم أن إرسال أطباق للجيران عادة باتت جزءاً أساسياً من سلوكات الشهر الفضيل، حيث تسهم في خلق المحبة وتقوية أواصر المودة وتعزيز تماسك المجتمع وترابطه، لافتة إلى أن تذوق بعض طعام الجيران يحمل معاني المشاركة، بالإضافة إلى التنافس وتنويع الأطباق وطرق الطبخ، فالجميع يتشاركون لذة الأطباق مع بعضهم. في المقابل، لا تستغنى خلود يوسف (موظفة وأم لأربعة أبناء) عن هذه العادات الشعبية التي هي من أيام «زمن الطيبين»، مضيفة أن تبادل الأطباق والمأكولات الشعبية بين الأهل والجيران متداولة منذ القدم، حيث كانت النساء في الماضي يتبادلن الأطباق الشعبية كالبلاليط وخبز الرقاق والخبيص واللقيمات وغيرها من المأكولات من باب المشاركة المعنوية والاجتماعية. وتوضح أن السيدات يقمن بإعداد الأطباق منذ وقت مبكر ليتسنى لهن توزيعها على الأقارب والجيران، وتكون غالباً من الأكلات التي يشتهر بها المطبخ الإماراتي في الشهر الفضيل. وتضيف «لا بد أن تخرج أطباق الطعام بمظهر لائق لأنها تعكس حرص صاحبة المنزل على جودة الطبخ، ويتم التوزيع قبل أذان المغرب بدقائق قليلة»، لافتة إلى أن الأطفال هم من كانوا يقومون بتوزيع الأطباق على الجيران في الماضي، إلا أن أطفالها يتهربون الآن من هذه المهمة. جو إيماني تذكر الأربعينية ظبية المزروعي أنهم قديماً كانوا أكثر تقارباً من أبناء الجيل الحالي، وكانت المهاداة في شهر رمضان أكثر وضوحاً وتنظيماً، خاصة عند أهل القُرى وهي واضحة وجلية، حيثُ ترى الصغار قبل أذان المغرب يجوبون الحي وهم يحملون الأطباق والصحون ويوصلونها للجميع في مشهد اجتماعي بامتياز، لافتة إلى أنهم كانوا يحرصون على حصر الأُسر المحتاجة أو التي من دون عائل، ويزودونها بالإفطار والسحور طيلة الشهر الكريم، بالتنسيق مع الأسر الميسورة. وتؤكد «المُهاداة ليست قاصرة على الأسر المحتاجة فقط، بل هي بين الجيران والأهل، فمع قبيل الغروب تجد النساء والأطفال والرجال يتناقلون الأطعمة فيما بينهم في جو إيماني أخوي رائع، لتتضمن تلك الأطباق أكلات شعبية مثل الهريس، والثريد، واللقيمات، والشوربة، والجريش، والكاسترد، والمهلبية، وغيرها». من جهتها، ترى لطيفة راشد (ربة منزل) أن لرمضان عادات لا تتغير رغم اختلاف الظروف المعيشية، مشيرة إلى أن عادة تبادل الأكل في رمضان جزء أساسي من «روحانية» الشهر الفضيل. وتضيف أن أهالي الإمارات خاصة والخليج عامة ما زالوا متمسكين بهذه العادة منذ سنوات طوال، فيحرص كثيرون على نيل الأجر، والظفر بثواب «إفطار الصائم»، خاصة أن الأحاديث النبوية تحث على ذلك. كما أنه فرصة لتذوق أصناف متنوعة من الطعام، حيث يحرص كل جار على أن يذوق جاره من الطعام الذي يأكل منه، والعكس بالعكس. آثار إيجابية تقول شمسة عبدالله، إن تبادل الأطباق عادة رمضانية تعزز التعاون في المجتمع وتزرع المحبة والمودة والألفة بين أبناء الفريج الواحد، كما تسهم في مساعدة الأسر المحتاجة من دون أن تجرح مشاعرها، إلى جانب الالتزام بما أوصانا به الرسول الكريم من الجود والتواصي بالجيران والحرص على ربط أواصر المحبة والإخاء. توزيع الأطباق بفرح وشغف تنتظر عهود خالد الصف الخامس ابتدائي قبل الأذان بساعة أن تحمل صينية بها مجموعة من الأكلات التي تم إعدادها في المنزل، لتقدمها لجارتهم التي تسكن بالقرب منهم، وفي أثناء هذه الرحلة القصيرة من المنزل إلى بيت الجيران تجد عهود المتعة في تبادل الأطباق، وتقول «أنتظر بشغف شهر رمضان، حيث أحرص بنفسي على توزيع الأطباق التي تعدها والدتي، ولكن أذهب برفقة الخادمة طبعاً لتوزيعها على الجيران». وتلفت إلى أن هذه العادة الرمضانية تغرس قيماً إيجابية في نفوسهم عن ترابط الجار بجاره. ولا يختلف الوضع مع سلطان عادل سعيد (طالب في الصف الثالث)، حيث يقوم بحمل طبق من الطعام ويرسله إلى جارهم. ويقول «أمي عودتنا على ممارسة هذه العادة الجميلة، ويومياً في رمضان أوزع الأطباق، بأصناف متنوعة، كالثريد والهريس، والبيتزا، وبعض الحلويات التي تعد في المنزل».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©