الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«لقمان» عبدٌ أحبه الله وآتاه العلم والحكمة

15 يوليو 2014 00:22
أحمد محمد (القاهرة) اكرم الله عباده المؤمنين بعطاياه، وخير ما أعطاه لهم العلم والحكمة، كما قال: (... وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ)، «سورة البقرة: الآية 269»، ومن هؤلاء لقمان الحكيم، حباه الله بتخليد اسمه في سورة باسمه في القرآن الكريم، تميز بالعدل والعلم والحلم، وبمداومة الشكر لله، يقول المفسرون وأصحاب السير، إن لقمان كان يفتي قبل بعثه داود عليه السلام، وأدرك بعثته وأخذ عنه العلم وترك الفتيا، والمشهور عن الجمهور أنه كان حكيماً، وليا ولم يكن نبيا، أثنى الله عليه وحكى كلامه فيما وعظ به ولده. اتفق المفسرون على انه كان عبداً اسود البعض جزم بأنه من النوبة، ومنهم سعيد بن المسيب قال‏‏ كان لقمان من سودان مصر، والبعض الآخر قال إنه من الحبشة، وكان أهون مملوك على سيده، ولكن الله منّ عليه بالحكمة فغدا أفضلهم لديه، قالوا كان نجاراً، وقيل كان راعياً. قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لقمان كان عبدا كثير التفكر، حسن الظن، كثير الصمت، أحب الله فأحبه الله تعالى، فمن عليه بالحكمة، نودي بالخلافة قبل داوود، فقيل له يا لقمان، هل لك أن يجعلك الله خليفة تحكم بين الناس بالحق؟ قال لقمان: إن أجبرني ربي عز وجل قبلت، فإني أعلم أنه إن فعل ذلك أعانني وعلمني وعصمني، وإن خيرني ربي قبلت العافية ولا أسأل البلاء، فقالت الملائكة يا لقمان لم؟ قال لأن الحاكم بأشد المنازل وأكدرها، يغشاه الظلم من كل مكان، فيخذل أو يعان، فإن أصاب فبالحري أن ينجو، وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة، ومن يكن في الدنيا ذليلاً خير من أن يكون شريفاً ضائعاً، ومن يختار الدنيا على الآخرة فاتته الدنيا ولا يصير إلى ملك الآخرة، فعجبت الملائكة من حسن منطقه، فنام نومة فغط بالحكمة غطا، فانتبه فتكلم بها». وصايا وقال مجاهد، كان لقمان الحكيم عبدا حبشياً غليظ الشفتين مشقق القدمين، أتاه رجل وهو في مجلس ناس يحدثهم، فقال له، ألست الذي كنت ترعى الغنم في مكان كذا وكذا؟ قال نعم، قال فما بلغ بك ما أرى؟ قال صدق الحديث، والصمت عما لا يعنيني. وذكر القرطبي، أنه رأى رجلاً ينظر إليه، فقال إن كنت تراني غليظ الشفتين فإنه يخرج من بينهما كلام رقيق، وإن كنت تراني أسود فقلبي أبيض. ووصايا لقمان هي إحدى القصص القرآني عن حكمته، قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ)، «سورة لقمان: الآيات 13 - 19». مأثورات قال ابن كثير، إنه يوصي ولده الذي هو أشفق الناس عليه، وأحبهم إليه، أولا بأن يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئاً، ثم حذره من الشرك وأنه أعظم الظلم، ثم قرن بوصيته إياه بعبادة الله وحده، البر بالوالدين، ثم قال له ولو كانت تلك الذرة محصنة محجبة في داخل صخرة صماء أو غائبة ذاهبة في أرجاء السماوات والأرض فإن الله يأتي بها، لأنه لا تخفى عليه خافية ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، ولهذا فإن الله لطيف العلم لا تخفى عليه الأشياء وإن دقت ولطفت، خبير بدبيب النمل في الليل البهيم. ثم أوصاه، أن يقيم الصلاة بحدودها وفروضها وأوقاتها، وأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بحسب طاقته وجهده، وأن يصبر على ما أصابه، لأن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لا بد أن ينال من الناس أذى، فأمره بالصبر، والصبر على أذى الناس من عزم الأمور، وقيل أمره بالصبر على شدائد الدنيا كالأمراض وغيرها وألا يخرج من الجزع إلى معصية الله، وأوصاه، ألا تتكبر فتحتقر عباد الله وتعرض عنهم بوجهك إذا كلموك، والصعار هو المتكبر لأنه يميل بخده ويعرض عن الناس بوجهه، واغضض من صوتك، ولا تتكلف رفع الصوت، والمراد كله التواضع، وإن أنكر الأصوات لصوت الحمير، أقبحها وأوحشها. الحكمة سيد الأخلاق وحكمة لقمان مأثورة وكثيرة وقال وهب بن منبه قرأت في حكمة لقمان أكثر من عشرة آلاف باب، ومما ذكر من وصاياه لابنه أنه قال، يا بني سيد الأخلاق الحكمة ودين الله تعالى، ومثل الدين كمثل شجرة نابتة، فالإيمان بالله ماؤها، والصلاة عروقها، والزكاة جذوعها، والتآخي في الله شعبها، والأخلاق الحسنة ورقها، والخروج عن معاصي الله ثمرها، ولا تكمل الشجرة إلا بثمرة طيبة. اعلم بني أن المقام في الدنيا قليل، والركون إليها غرور، والغبطة فيها حلم، وجامعة كل ذلك، اتق الله في جميع أحوالك ولا تعصه في شيء من أمورك.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©