الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العنصرية في أميركا.. عصر الازدهار

27 يونيو 2015 23:57
في إطار جهودنا الفاشلة للاهتمام بقضية العنصرية في بلادنا أميركا، تم تخصيص وقت طويل لدراسة أعراض المشكلة بدلاً من الاهتمام بالجذور التي كانت سبباً في خلقها، وهذا ما يفسّر السبب الذي جعل الظاهرة تعيد تكرار نفسها في كل مرة. وفي عام 2013 تم إغلاق «جمعية سيجما ألفا إبسيلون» الدينية التابعة لجامعة واشنطن بعد أن اتهمت بالسماح لمنتسبيها بترديد أغانٍ مسيئة إلى الطلاب الأميركيين من ذوي الأصل الأفريقي، وفي شهر نوفمبر الماضي، عمدت «جامعة كونيتيكت» إلى إغلاق «كلية باي كابا ألفا» للبنات الأميركيات من ذوات الأصل الأفريقي عقب اندلاع اشتباكات مع عضوات نادٍ آخر على خلفية تراشق بالسباب والألفاظ العنصرية. وفي شهر مارس من العام الجاري، شهدت جامعة مريلاند طرد بعض الطلاب بدعوى توجيه رسائل بالبريد الإلكتروني تتضمن عبارات القدح والذمّ بحق الأميركيين ذوي الأصل الأفريقي والتجريح للنساء من ذوات الأصل الهندي والآسيوي. وليست هذه إلا أمثلة قليلة عن ممارسات عنصرية كثيرة الانتشار في المجتمع الأميركي. ويعود السبب الرئيسي في كل هذه الممارسات إلى أن الإجراءات التي اتخذت إزاءها من طرف إدارات الجامعات المعنية كانت تهدف إلى معالجة «الأعراض» مثل السباب وتوجيه النعوت الجارحة والأغاني ذات المضمون العنصري ضد الأميركيين ذوي الأصل الأفريقي، وهي الممارسات التي تدل على وجود عداء مستحكم ضد السود مبني على مشاعر التفوق التي تغلب على البيض، وفي مثل هذه الأحوال لا يؤدي الإيقاف والطرد إلا إلى شحن المجتمع الجامعي ذاته بالبغضاء بدلاً من معالجة الجذور العنصرية للمشكلة. ويمكن القول بكلمة أخرى إن الولايات المتحدة بقيت منذ الحرب الأهلية وحتى الآن تهتم بمعالجة الظواهر الدالة على العنصرية بدلاً من معالجة أسبابها. وباتت المظاهر التي توحي بعودة «العبودية» شائعة، مثل التمييز العنصري في برك السباحة والباصات والقطارات وأماكن العمل والإسكان وبقية المؤشرات التي تعبّر عن الانحياز والعداء، وكلها تعمل عمل المقاييس البغيضة المعبرة عن تردّي الحالة العنصرية في الأمة الأميركية، وكان يتم التعامل معها بمثل ما يتم التعامل مع محاولة تهدئة الألم الناتج عن الرجل المكسورة بدلاً من معالجة الكسور ذاتها، وذلك لأن علاج الكسور هو وحده الذي من شأنه أن يوقف الألم ويعيد الأمور إلى نصابها. وحتى البنود المعدلة في الدستور الأميركي التي تحمل الأرقام 13 و14 و15، لم تفعل شيئاً أكثر من تمديد العمل بقانون حماية الحقوق المدنية للأرقاء، ولا شك أن تلك البنود خففت من الألم، إلا أن أرجل السود بقيت مكسورة، وما لبث الشعور بالألم أن عاد بقوة أكبر بسبب حوادث الضرب والتفجير والاغتيال ذات الدوافع العنصرية. ويكون في وسعك أن تلاحظ أيضاً أن القوانين التي تم تشريعها منذ انتخاب الرئيس أوباما في رئاسته الأولى وحتى الآن جعلت مهمة تصويت الأميركيين السود في الانتخابات أكثر صعوبة من ذي قبل، وما لبثت أن طفت بعض الأسماء الشهيرة على سطح حوادث الجريمة العنصرية المنظمة ضد السود في أميركا، ومنهم «ديلان روف» الذي تمكن من التسلل إلى كنيسة في مدينة «تشارلستون» في ولاية ساوث كارولينا، وبدأ بإطلاق النار على الموجودين ليستلب بذلك بعضاً من الشهرة التي فاز بها المجرم الشهير «إيرل راي» عندما أطلق النار على المناضل الأسود مارتن لوثر كينج وأرداه قتيلاً، أو ليتقمص شخصية الأميركي الأبيض «كلانسمين» الذي قتل أكثر من 150 أميركياً/‏ أفريقياً في بلدة بولاية فلوريدا وبضع مئات آخرين في بلدات ومدن أميركية أخرى، وهو ذاته الذي فجّر كنيسة «بابتيست» في مدينة برمنجهام بولاية آلاباما، ويؤكد كل ذلك أن المشكلة ستتواصل ما لم نقتلع أسبابها من جذورها. كولبرت كينج - واشنطن *محلل أميركي متخصص بالشؤون الحضريّة والعلاقات الاجتماعية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©