الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الدول الغنية تتعطش مجدداً للنفط

الدول الغنية تتعطش مجدداً للنفط
21 أكتوبر 2017 02:51
ترجمة: حسونة الطيب ربما يتبدد الجهد الذي بذلته الدول الغنية بشأن خفض استهلاك النفط لمدة عقد كامل، بفعل دفع انخفاض أسعار النفط، لعجلة الطلب وعودة المستخدمين للسيارات التي تستهلك كميات كبيرة من الوقود. وتشير الأرقام الواردة من الوكالة الدولية للطاقة ومؤسسات عالمية أخرى، إلى أن طلب دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من النفط والذي تراجع في الفترة بين 2005 إلى 2014، أخذت وتيرته في ارتفاع سريع خلال السنوات الثلاث الماضية، في أعقاب انهيار أسعار النفط من أكثر من 100 دولار للبرميل، لدون 55 دولاراً. وفي حالة استمرار هذا التوجه، ربما تنعكس نسبة خفض دول المنظمة من استهلاك النفط بنحو 62% بحلول نهاية السنة المقبلة، بصرف النظر عن مساعي الحكومات الهادفة لكفاءة استهلاك الوقود وتقليص تلوث الهواء والاعتماد على النفط الأجنبي. وألقت الزيادة في استخدام النفط في الدول الغنية، التي كان من المتوقع انخفاضها قبل سنوات عديدة، في الوقت الذي ارتفعت فيه وتيرة استهلاك الدول الناشئة، بشكوكها حول الوقت الذي يسجل فيه الطلب العالمي أرقاماً قياسية. ونوهت بعض الشركات الكبيرة مثل رويال دوتش شل، بأن ذلك ربما يحدث قريباً مع حلول بداية العقد المقبل. وقال كونيت كازوكوجلو، مدير قسم طلب النفط في مؤسسة (أف جي إي) الاستشارية،: «إن هذه الفترة التي اتسمت بانخفاض أسعار النفط، أسهمت في بطء تحول الطاقة. وفي حال ظلت أسعار الخام حول مستوى السعر الحالي، ربما يعاني انخفاض الطلب الهيكلي الذي يتوقعه الجميع، من المزيد من التراجع». وارتفع استهلاك النفط في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في 2005، إلى 50.4 مليون برميل يومياً، قبل تراجعه بنحو 10% حتى 2014، حيث أدى ارتفاع الأسعار للحد من الطلب. ومنذ ذلك الوقت، ظل الطلب في هذه الدول الغنية، في الارتفاع بمتوسط سنوي ناهز 400 ألف برميل يومياً، حسب البيانات الواردة من الوكالة الدولية للطاقة، مع توقعات بوصوله لنحو 47.4 مليون برميل يومياً بحلول السنة المقبلة. ويعكس ذلك، المستوى الذي تم بلوغه قبل عقد من الزمان، قبل تسجيل الأسعار لرقم قياسي قارب 150 دولاراً للبرميل، ما حدا بالحكومات تبني سياسات كفاءة استهلاك الوقود. وأشار مايكل كوهين محلل الطاقة في بنك باركليز بنيويورك، إلى أنه وبينما ينمو الطلب جنباً إلى جنب مع حالة النمو التي يشهدها الاقتصاد في أميركا الشمالية وأوروبا، لعب تدني الأسعار الدور الأكبر في التحول، من خلال التأثير على سلوك المستهلك. ويقول كوهين: «إن التحسن المستمر الذي شهده العالم في عدد من السنوات فيما يتعلق بمتوسط كفاءة وقود السيارات، توقف وبشكل كبير. وفي حين أنه ليس الناس جميعهم يقومون بشراء سيارات الدفع الرباعي، لكنهم من المؤكد لا يختارون السيارات التي تتميز بالكفاءة العالية في استهلاك الوقود، التي ربما كانوا سيختارونها عندما تجاوزت أسعار النفط 100 دولار للبرميل». وفي حين تراجع مستوى الانبعاثات في دول مختلفة حول العالم، تتقدمها أميركا بفضل تحولها من الفحم إلى الغاز، ربما يشكل تنامي استهلاك النفط، تهديداً محتملاً لهذا التوجه. وأكدت مؤسسة «أف جي إي»، أن كل سيارة كهربائية جديدة تم شراؤها خلال النصف الأول من العام الجاري في أميركا، تقابلها 60 سيارة من ذات الاستهلاك العالي للوقود، بينما تتراجع النسبة في الصين، إلى 30 سيارة عالية الاستهلاك مقابل كل سيارة كهربائية وإلى 25 في قارة أوروبا. وفي العام 2009، توقع توني هوارد، الذي شغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة «بي بي» فيما بعد، أن طلب البنزين لن يعود لمستواه السابق عندما ناهزت الأسعار 150 دولاراً للبرميل. لكن أشارت وزارة الطاقة الأميركية، إلى تسجيل طلب البنزين لرقم قياسي جديد في أغسطس الماضي، إلى 9.9 مليون برميل يومياً. وتصب قوة الطلب، في مصلحة مرافق التكرير ومنتجي النفط. وساعد النمو الكلي للطلب، الذي تضمن أكثر من مليون برميل يومياً من الزيادات في الاستهلاك السنوي في الأسواق الناشئة، منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» وحلفاؤها مثل روسيا، في الجهود التي تبذلها لتقليص الإنتاج. وعاد إنتاج النفط الصخري الأميركي، الذي أسهم في انهيار أسعار الخام عام 2014، للتهديد مرة أخرى بإغراق السوق في مستهل السنة الحالية، بيد أن أسعار الخام العالمية استقرت منذ ذلك الوقت فوق 50 دولاراً للبرميل، الخطوة التي يعزوها العديد من المحللين لارتفاع وتيرة الاستهلاك. وتمكنت مرافق تكرير النفط، التي تتسابق نحو تحويل تخمة الخام إلى طلب أقوى لأنواع الوقود المختلفة، من تحقيق أرباح أعلى. وترى بعض منظمات حماية البيئة، أنه كان من المفروض على الحكومات، استغلال فترة انخفاض أسعار النفط لفرض ضريبة تجزئة أعلى عند محطات الوقود، للتصدي للآثار التي تنجم عن تنامي استخدام النفط. وأكد شارلي كرونك، أحد كبار المنظمين للحملات المناصرة للبيئة في منظمة السلام الأخضر (جرينبيس) للبيئة، أن الحراك الذي تعيشه بعض الدول الآسيوية الكبيرة مثل الصين والهند، الذي ينادي بحظر استخدام السيارات التي تستهلك البنزين والديزل، أكثر فعالية من أي سياسة تنتهجها الدول الغربية، لتحويل دفة السوق العالمية لمصلحة السيارات الكهربائية. وقطاع طاقة ما زال يكيف نفسه على حقبة 100 دولار للبرميل، ولا يمكن إغفال التحول المهم في استهلاك دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والتعقيدات التي تنجم عن ذلك في الوقت الراهن، بما في ذلك الحاجة التي لا مناص منها، للمزيد من إمدادات النفط. نقلاً عن: فاينانشيال تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©