الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محمد دراز.. عاشق القرآن وإمام الوسطية

محمد دراز.. عاشق القرآن وإمام الوسطية
27 يونيو 2015 20:50
أحمد مراد (القاهرة) ولد د. محمد عبد الله دراز العام 1894 بمحافظة كفر الشيخ - في دلتا مصر - ونشأ في أسرة عُرفت بالورع والتقوى وحب العلم، وكان والده الشيخ عبد الله دراز من أبرز علماء الأزهر الشريف، وهو الذي وضع شرح كتاب «الموافقات» للإمام الشاطبي. وفي إحدى الكتاتيب أتم محمد دراز حفظ القرآن الكريم، وهو لا يتجاوز العاشرة من عمره، والتحق بالتعليم الأزهري وتدرج فيه حتى حصل على شهادة العالمية العام 1916. عمل دراز مدرساً بجامعة الأزهر، وسافر إلى الحج العام 1936، وفي العام ذاته حصل على منحة دراسية للدراسة بجامعة السوربون الفرنسية، وأقام بها 12 سنة قضاها كلها جداً وانكباباً على استيعاب الثقافة الغربية من منابعها الأصلية، وتأملاً مقارناً لتلك الحصيلة بمبادئ علم الأخلاق في القرآن الكريم، وحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة السوربون، ونالت رسالته لنيل شهادة الدكتوراه التي حملت عنوان «أخلاق القرآن» إعجاب كبار المستشرقين الفرنسيين. وبعد عودته إلى القاهرة، اختير عضواً في هيئة كبار العلماء وعمل محاضراً بعدد من الجامعات المصرية حول تاريخ الأديان والتفسير وفلسفة الأخلاق. تمتع د. دراز بالفطنة والذكاء والحلم والتواضع والوداعة والوفاء والجرأة والإقدام والصلابة في الحق، ولباقة الحديث، يحمل هموم الأمة أينما حل وارتحل، فعاش حياته مشغولاً بأمر الإسلام والمسلمين، وحينما عرض عليه رجال الثورة المصرية أن يكون شيخاً للأزهر اشترط أن يتمتع الأزهر باستقلالية أكاديمية عن السلطة، ولما رفض رجال الثورة ذلك اعتذر عن عدم قبول المنصب، وأصر على رفضه له رغم المحاولات والعروض المتكررة. وكانت أهم سمة من سمات شخصية د. دراز، والمنبع الذي فاضت منه مآثره العلمية والعملية هي الولع بالقرآن الكريم، فكان رجل القرآن، فكان شغله الشاغل، لا يكاد يُرى إلا وهو منكب على قراءته وتدبره، فلا يكاد يوجد له عمل علمي إلا والقرآن محوره. وكان د. دراز أحد أئمة الوسطية الإسلامية السمحة، وقد تجلت وسطيته في تناوله لعدد من الثنائيات الكبرى التي حيرت الفكر واستنزفته، وهي العقل والنقل، السنة والبدعة، الجبر والاختيار، السلم والحرب، العلم والدين ، لا يكاد عمل من أعماله الفكرية يخلو من نظرات تجديدية، تجلى في الدراسات القرآنية، وقد أسس علمين جديدين، هما «أخلاق القرآن» و«مصدر القرآن»، توفي د. دراز في مدينة لاهور الباكستانية العام 1958 في أثناء مشاركته في مؤتمر الثقافة الإسلامية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©