الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الأسواق الناشئة.. عجلة النمو تتحولعبئاً على الاقتصاد العالمي

الأسواق الناشئة.. عجلة النمو تتحولعبئاً على الاقتصاد العالمي
27 يونيو 2015 23:19
إعداد: حسونة الطيب دأبت اقتصادات الدول الناشئة ولسنوات عدة، على تعزيز النمو العالمي، إلا أنها تحولت عبئا ثقيلا على عاتق الاقتصاد العالمي في الوقت الحاضر. ومُنيت هذه الأسواق خلال الربع الأول من العام الجاري بأسوأ أداء لها منذ الأزمة المالية العالمية في 2008. وفي غضون ذلك، بدأت شهية الصين لخام الحديد في التضاؤل، ودخل اقتصاد البرازيل الذي كان يتسم بانتعاش قوي، في دائرة الركود وتعاني روسيا من ويلات الأزمة، بجانب معاناة العديد من الدول الصغيرة، جراء تراجع النمو وتدفق السيولة النقدية إلى الخارج. ويتوقع خبراء الاقتصاد في البنك الدولي، مواجهة اقتصادات الدول النامية بما فيها الصين، لظروف قاسية ربما تستمر لعدة سنوات، في وقت تتخلى فيه عن دورها كمحرك لعجلة النمو العالمي. وخفض البنك، توقعاته بشأن النمو العالمي للعام الجاري إلى 2,8%، نظراً لمحدودية الفوائد الناجمة عن انخفاض أسعار النفط. كما خفض هذه التوقعات لدول تتميز بدخل عالٍ، مثل أميركا والمملكة المتحدة إلى 2,7%، ولنحو 2,6% على التوالي، بينما زادها لمنطقة اليورو إلى 1,5%، ولما يقارب 7,5% للهند، كأسرع الاقتصادات الكبيرة نمواً. ومن المتوقع تراجع الاقتصاد البرازيلي بنسبة قدرها 1,3% هذه السنة. ونتيجة لذلك، يتوقع البنك، أن يكون أداء أميركا الجنوبية هو الأسوأ خلال العام الجاري بنمو لا يتجاوز سوى 0,4%، بالمقارنة مع 4,4% للاقتصادات الناشئة ككل. ومن المرجح أيضاً بطء وتيرة النمو على نطاق واسع من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إلى 4,2%، نظراً لضعف النمو في نيجيريا التي تمثل أكبر اقتصادات المنطقة، والتي خفض البنك نموها بنسبة مئوية كاملة إلى 4,5%. وبفضل النمو القوي في الهند، تعتبر منطقة جنوب آسيا وبنمو متوقع يصل إلى 6,9%، الأسرع نمواً. وبعد سبع سنوات من انقضاء الأزمة المالية، عاودت البلدان الغنية دورها كمحرك لعجلة نمو الاقتصاد العالمي. وفي المقابل، وباستثناء الهند ودول أخرى قليلة، ينبغي على الدول النامية بما فيها الصين، مواجهة حقبة من بطء النمو. وحذر البنك الدولي في تقريره النصف سنوي، من تحول الدعم المستمر الذي كان يحصل عليه الاقتصاد العالمي من دول البريك «البرازيل وروسيا والهند والصين» لسنوات عديدة، إلى عبء في الوقت الحالي. وجاء في التقرير: «بعد بداية متعثرة هذا العام، يبدو أن وتيرة التعافي في البلدان الغنية بدأت في استجماع قوتها، في وقت يرجح أن تستقبل الدول النامية بطئا ربما يسود معظم اقتصاداتها». نقلاً عن: فاينانشيال تايمز مخاوف الركود تشغل الدول المتقدمة بعد تقلص التجارة تكمن المخاوف في عدم إمكانية احتواء المشاكل الاقتصادية داخل محيط اقتصادات الدول الناشئة وانتشارها في الدول المتقدمة أيضاً. وأشار آدم سليتر، الخبير الاقتصادي في شركة أوكسفورد إيكونوميكس البحثية، إلى إمكانية أن يتسبب هذا البطء في حدوث الركود في الدول المتقدمة، خاصة أن اثنين من دول البريك التي تشكل خمس الناتج المحلي الإجمالي العالمي، تعانيان الركود فعلا وواحدة من بطء النمو. وتعتبر التجارة، بمثابة الآلية التي ينتشر من خلالها الطلب القوي للاقتصادات الأخرى، بما في ذلك أميركا وأوروبا. ووفقاً لتحليل شركة أكسفورد، أدى تعثر طلب الواردات خلال الربع الأول من العام الجاري، إلى تحويل الأسواق الناشئة من مساهمة في نمو التجارة العالمية، إلى أدوات تعطيل لذلك النمو للمرة الأولى منذ 2009. ويُعد حجم التحول مثيراً للغاية. وقلصت أكبر 17 اقتصادا في الدول النامية، قيمة التجارة العالمية بنسبة قدرها 0,9% خلال الربع الأول من العام الجاري، من واقع 2,5% التي أضافتها لنمو التجارة بوتيرة سنوية في الفترة بين 2000 إلى 2014، عندما كانت تقدر حصتها في التجارة العالمية بنحو 43,3%. ونجحت الأسواق الناشئة، في تحقيق ارتداد سريع بعد الأزمة المالية لمتوسط نمو في الناتج المحلي الإجمالي قدره 6%، بالمقارنة مع 2% بالنسبة للدول المتقدمة. وتدل المؤشرات الأولية، على استمرار بطء النمو في الربع الثاني من العام الجاري، حيث تراجعت صادرات الصين بنسبة سنوية قدرها 2,5% في مايو، للشهر الثالث على التوالي، بينما انخفضت وارداتها بنحو 17,6% قياساً على الدولار. وأكد بهانو باويجا، مدير استراتيجية الأسواق الناشئة في يو بي أس، أن النمو في هذه الأسواق قد تراجع فعلا إلى 3,5% خلال الربع الأول من هذا العام. وفي حالة إقصاء مساهمة الصين، ربما يصل متوسط الناتج المحلي الإجمالي في الأسواق الناشئة قياساً بالدولار، لما يقارب الصفر في 2015. ويبدو في الوقت عينه ، أن رأس المال العالمي متجه نحو التحفظ، حيث بدأت مستويات التدفقات المالية التي كانت تصب في الأسواق الناشئة عند انخفاض أسعار الفائدة، في الانخفاض أو في سلك طريق العودة. وعانت هذه الأسواق خلال الفصول الثلاثة الأولى حتى نهاية مارس الماضي، من تدفقات عكسية تجاوزت ما كانت عليه إبان الأزمة المالية. وأعلن المعهد الدولي للتمويل مؤخراً، عن أكبر عملية بيع سندات شهرية في الأسواق الناشئة منذ 2013، عندما كانت الأسواق تتخوف من خفض أميركا لبرنامج سياسة التيسير الكمي. صناع القرار يقرعون أجراس الخطر في حال استمر تعثر الأسواق الناشئة هذا العام، سيكون التأثير على الأسواق المتقدمة عميقاً للغاية. وآخر المرات التي تسببت فيها الأسواق الناشئة في بطء نمو الاقتصاد العالمي، كانت في العام 1999 في أعقاب الأزمة المالية الآسيوية، عندما كانت مساهمة الدول النامية هامشية. وقياساً على القوة الشرائية، تشكل هذه الأسواق 52% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وبنحو 35% من حيث القيمة الاسمية، مقارنة مع 38% ونحو 23% على التوالي خلال الأزمة الآسيوية. وحسب الأرقام الواردة من بنك التسويات الدولية، بلغ حجم القروض التي قدمها أعضاء البنك لبعض الجهات في الأسواق الناشئة، نحو 6 تريليونات دولار عند نهاية 2014، أي ما يساوي ضعف مستوى اقتراض هذه الدول في العام 1999. وفي غضون ذلك، بدأ صناع القرار في قرع أجراس الخطر، حيث ذكر وزير المالية الكوري الجنوبي، أن البطء في النمو العالمي في وقت فقدت فيه السياسات المالية صرامتها، يشكل تحدياً شبيهاً في تعقيداته بذلك الذي حدث إبان الأزمة المالية في 2008. وانتقد الوزير، عدم قيام اقتصادات الدول المتقدمة بما هو مطلوب لإنعاش النمو، ما يهدد بانتشار هذه التداعيات داخل حدودها. وتزامن هذا الانتقاد، مع خفض منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية توقعاتها للنمو العالمي هذا العام إلى 3,1%، من واقع 3,7%. ولم تكن كوريا الجنوبية استثناء في ظل هذا المناخ من البطء، حيث تراجعت صادراتها من 15,3% في مايو 2014، إلى 10,9% في الفترة نفسها من هذا العام. ويرى بعض الخبراء، أن انهيار التجارة هو أكبر المخاطر التي تواجه الدول الناشئة وتتجاوز تلك المخاطر التي يمكن أن تنجم عن رفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة. ويضيف بهانو باويجا: «في حين تتقلص الصادرات، فإن الآلية الوحيدة لإصلاح عدم التوازن الخارجي لهذه الدول، من خلال خفض معدلات الواردات، بيد أن ذلك ليس هو الحل. ففي حالة رفع معدل الصادرات، ينمو الاقتصاد، لكن في حالة قتل الطلب، يتراجع النمو بنسبة كبيرة». خطة بديلة للسلع الصينية وانخفاض الائتمان تبذل الدول التي كانت تستفيد من طفرة السلع الصينية ومن انخفاض قيمة الائتمان على الصعيد الدولي، جهوداً للحصول على خطة بديلة. ويبدو من الصعوبة التعرف على فائدة التجارة الحرة، حيث شكلت كل نسبة مئوية من نمو الاقتصاد العالمي خلال السنوات العشرين الماضية، نسبتين مئويتين في نمو حجم التجارة العالمية، ما شكل مصدراً لإنعاش العائدات لعدد من الدول الناشئة. ولا تقتصر المعاناة على الدول التي تعمل في تصدير السلع فحسب، بل تشير الأرقام الواردة من يو بي أس، لمعاناة تلك الدول أيضاً العاملة في تصدير السلع المصنعة. كما أنها ليست فقط مسألة تقييم الدولار، حيث يتضح ضعف التجارة أيضاً عند قياسها بالعملات المحلية. كما أن مفهوم التبادل التجاري بين الدول الغنية كمحرك لنمو الاقتصاد العالمي، مبالغاً فيه، حيث تلعب الصين بوصفها سلسلة كبيرة للتوزيع، مركزاً هاماً للتنسيق بين هذه الدول. ربما يقود ذلك بعض الدول للاستعانة ببرامج التحفيز المالي، حيث تخطط كوريا الجنوبية على سبيل المثال، للإعلان عن حزمة شاملة من التدابير التي تشجع على النمو. وتواجه دول أخرى المزيد من المعاناة، حيث تبذل البرازيل جهوداً مقدرة لاستعادة الثقة في حساباتها المالية من خلال خفض الإنفاق ورفع المعدلات الضريبية وأسعار الفائدة، بغرض محاربة التضخم وجذب رؤوس الأموال الأجنبية، بصرف النظر عن مواجهة البلاد لركود شديد. وفي الجانب الآخر، تتجه الميجر وتايلاند، إلى خفض أسعار الفائدة للتصدي للانكماش. لا شك في أن توجه الاحتياطي الفيدرالي نحو رفع أسعار الفائدة، يشكل صدمة للأسواق الناشئة، خاصة للعدد الضخم من الشركات التي أصدرت ديونا مقومة بالدولار على مدى العقد الماضي. ويرى بعض الخبراء، أن انخفاض أسعار الفائدة الأميركية والطفرة الصينية والعولمة، كلها عوامل صبت في مصلحة الدول النامية. لكن عندما تسلك جميع هذه العوامل الاتجاه العكسي، ليس من السهولة توقع محرك النمو المقبل لهذه الدول أو للاقتصاد العالمي ككل. ويتوقع البنك الدولي، تحمل معظم الدول النامية تداعيات قرار الاحتياطي الفيدرالي المتوقع هذه السنة برفع أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ عقد. ورغم أن هذه الزيادة مخاطرة لابد منها، إلا أن زوال التحديات التي واجهتها الأسواق الناشئة مثل، انخفاض أسعار السلع، ليس مرجحا قريباً. ووصفت بي بي البريطانية، نمو وتيرة استهلاك الصين للطاقة، بالأبطأ منذ الأزمة المالية الآسيوية في 1997 -98، في الوقت الذي هدأت ثورة البلاد الصناعية. نقلاً عن: فاينانشيال تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©