الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محاولات الغرب إنقاذ أفريقيا!

14 يوليو 2014 01:08
آدم تايلور مراسل «واشنطن بوست» للشؤون الدولية في وقت سابق من هذا العام، وعقب قيام ميليشيات جماعة «بوكو حرام» النيجيرية بخطف عشرات من طالبات المدارس، هرع مستخدمو الإنترنت في الغرب إلى مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن غضبهم حيال ذلك الحادث. وبينما بدأ الهاشتاج «احضروا لنا فتياتنا» في الظهور كظاهرة نيجيرية، كان من الصعب ألا نشعر بشيء من الغرابة إزاء انتشاره في الغرب، أي في أميركا الشمالية وفي كثير من الدول الأوروبية. فما هي الخلفيات الحقيقية وراء هذا الاهتمام الغربي المستجد بأفريقيا؟ وهل من شأنها في واقع الأمر أن يساعد القارة على تخطي أزماتها الكثيرة والمتراكمة؟ وكما لاحظ العديد من الناس، فإن الاهتمام الذي انصب فجأة على الفتيات النيجيريات تلاشى على نحو مفاجئ كما بدأ بشكل مفاجئ أيضاً. إنه سيناريو مألوف بشكل محزن، حتى بالنسبة لاستخدام الهاشتاج: فقبل ذلك بعامين فقط، ظهرت حملة شعبية ضخمة بعنوان «كوني 2012»، وهي حملة تم تصميمها للمساعدة في إلقاء القبض على زعيم الميليشيات الأوغندي «جوزيف كوني»، لكنها انهارت وتحولت إلى موجة من الانتقادات والتوبيخ المتبادل. وبالنسبة للمخرجة «كاسندرا هيرمان» والمنتجة «كاثرين ماذرز» ، فإن هاتين الحالتين ليستا حالتين فريدتين، بل هما جزء من قضية أوسع نطاقاً تتعلق بكيفية تعامل الغرب (أوروبا وأميركا) مع أفريقيا. فهذا التعامل يتراوح بين تصوير منتقد تماماً لشعب جنوب أفريقيا، كما هو الحال في آخر أفلام «آدم ساندلر» بعنوان «بلينديد» (أي الممزوج)، أو القيام بمشروعات خيرية حسنة النية، لكنها معيبة، في جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا، والتي عادة ما يعمل عليها الآلاف من طلاب الجامعات الأميركية كل عام. أما الفيلم الوثائقي الأخير لـ«هيرمان» و«ماذرز» بعنوان «فريمد» أو «المؤطَّر» (الشيء الذي له إطار)، فهو محاولة للإجابة على أسباب اهتمام الغرب بـ «إنقاذ» أفريقيا، ولماذا ينحرف مسار هذا الهوس في كثير من الأحيان؟ وقد بدأت فكرة فيلم «فريمد» عندما قامت «ماذرز»، وهي عالمة أنثروبولوجيا، و«هيرمان» الطالبة بكلية الصحافة بجامعة كاليفورنيا في بريكلي، برحلة دولية لتغطية الأحداث في جنوب أفريقيا، مسقط رأس «هيرمان». واستمرت قصة «هيرمان» لتصبح جزءاً لا يتجزأ من كتاب «ماذرز» عن رؤية الأميركيين لأفريقيا، والتي تتلخص في «السفر، والنزعة الإنسانية، وأن تصبح مواطناً أميركياً في جنوب أفريقيا». وقد ظلت «ماذرز» تبحث في مواقف الأميركيين تجاه أفريقيا لأكثر من عشر سنوات. وهي تقول إنه «بينما تغيرت بعض الطرق والمفردات»، فقد كانت دائماً تشعر بالغرابة لكون أفريقيا شديدة المركزية عندما يتعلق الأمر بمفهوم الإحسان لدى الشباب الأميركي. وتستطرد «ماذرز» موضحة في رسالة عبر البريد الإلكتروني: «لقد ظلت أفريقيا لفترة طويلة هي أكثر الأماكن التي يفضل الشباب الأميركي معرفة أنها في حاجة لعمل إنقاذي. ونتيجة لذلك، فإنه مع أفضل النتائج عادة ما ينتهي بهم الحال بإنتاج الصور والأفكار حول أفريقيا، لكنها أفكار تتجاهل الهياكل المحلية، والنشطاء المحليين والحلول المنتَجة محلياً للمشاكل التي يحاولون حلها». وفي حين أن العديد من الدول النامية تواجه تصورات مماثلة، تشير «ماذرز» إلى أن الدول الأفريقية على وجه الخصوص غالباً ما تجد مشاكلها يساء تفسيرها أو يتم تبسيطها أكثر من اللازم. وتقول إن «الصور المنتشرة عن أفريقيا تصورها كمكان يفتقر، ليس فقط إلى التقنيات والهياكل الحديثة، ولكن أيضاً إلى الأشخاص الناضجين الذين لديهم شعور بالمسؤولية، وإلى التكنوقراطيين من ذوي الكفاءات، وحتى الناس الذين يولونها اهتماماً». وتضيف عالمة الأنثروبولوجيا أن «هذه الصور كان يتم تداولها لقرون، ورغم تكرارها المعاصر على مواقع التواصل الاجتماعي، فإنها لا تبدو مختلفة عن الصور الاستعمارية التي تعمل على تبرير التدخل الأوروبي واستغلال الأماكن والشعوب الأفريقية». وبطبيعة الحال، فإن النقد الموجه للرؤى الغربية حول أفريقيا ليس نادراً هذه الأيام. فعقب انهيار حملة «كوني 2012»، أجريت الكثير من الأبحاث حول فضائل الاهتمام الغربي بالمشاكل الأفريقية، بينما كان الموقع الإلكتروني «أفريقيا دولة» ينتقد ويسخر من المواقف التي ظلت لسنوات وحتى الآن تهتم بأفريقيا. كما ألقى كتاب «طغيان الخبراء»، للكاتب «بيل إيستيرلي»، نظرة أوسع نطاقاً حول دور المؤسسات الدولية وكيف تؤدي إلى فشل الدول (الأفريقية بشكل خاص) التي تحاول مساعدتها. ولا يقول كل هؤلاء النقاد إن الاهتمام في حد ذاته يمثل مشكلة، ولكن المشكلة تكمن في كيفية توظيف هذا الاهتمام. ويبدو أن «ماذرز» توافق على هذا الرأي، كما أنه يحدوها الأمل في ألا يؤدي الفيلم الوثائقي «فريمد» إلى جعل الناس يحجمون عن الاهتمام بأفريقيا، ولكن أن يجعلهم بالأحرى يفكرون أكثر في كيفية الاهتمام بها. تقول «ماذرز»: «أعتقد أنه يجب توجيه النوايا الحسنة لمحاولة التعرف على المنظمات التي تحاول حل المشكلات، وإيجاد وسائل لمساعدة هؤلاء الناس بطريقة مباشرة». وتضيف: «كما يقول زين ماجوباني، الأستاذ بجامعة بوسطن ذي الأصول الجنوب أفريقية، في الفيلم، فإن هناك دائماً أناسا في هذه المجتمعات يحاولون حل المشكلات الخاصة بهم، مهما كانت تبدو عويصة ومدمرة». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©