الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عصر جديد لسكك حديد الهند

14 يوليو 2014 01:07
راما لاكشمي نيودلهي المستقبل سبق الماضي في المحطة الرئيسية للسكك الحديد في نيودلهي. ومع الاحتفاء بحقبة جديدة في نظام السكك الحديدية الهندي الذي يبلغ عمره 161 عاماً، كشف مسؤولون مؤخراً عن أول قطار عالي السرعة سينطلق من مدينة «أكرا» التي يوجد بها تاج محل، وبسرعة تبلغ 100 ميل في الساعة. لكن واقع نظام القطارات العتيق يهدد بوأد الفرحة. فالقطارات الأخرى تتأخر بضع ساعات والمسافرون المحبطون يفترشون الأرض بجانب جدران متسخة وقضبان مغطاة بالقمامة. والصورتان تجسدان التحدي الذي يواجهه رئيس الوزراء الهندي الجديد «ناريندرا مودي» الذي تعهد أثناء حملته الانتخابية بتطوير شبكة السكة الحديدية المتداعية وتزودها بسكك وعربات للشحن وبقطارات يابانية الطراز التي تعرف باسم «الطلقة» في أنحاء البلاد. والقطار عالي السرعة، والمقرر تدشينه رسمياً في نوفمبر القادم على خط نيودلهي -أكرا، يسير بنصف سرعة القطارات فائقة السرعة التي يريد مودي نشرها في البلاد. لكن هذا لم يمنع من أن تلوك الألسن كلمة «الطلقة» بسعادة. فقد أطلق المسؤولون على قطار أكرا اسم «قطار شبه الطلقة»، وأطلق عليه عمال المحطة اسم تدليل هو «الملك الطلقة» أو «راجا الطلقة». وقال انوراج ساشان، مدير قطاع دلهي للسكك الحديدية: «هذه أول خطوة نحو تحقيق حلم تسيير قطارات الطلقة. وهذا يوضح أننا قادرون على فعل هذا.. نحتاج إلى إرادة سياسية لإصلاح سككنا الحديدية. إذا كانت الصين تستطيع ذلك فلم لا نستطيع نحن؟». لكن المهمة قد تكون شديدة الصعوبة حتى بالنسبة لمودي المحنك الذي أبلى بلاءً حسناً عندما كان رئيساً لحكومة ولاية جوجارات، الذي تعهد بإعادة تشكيل الهند برمتها. فسكك حديد الهند مثقلة ببيروقراطية متوطنة، وإهمال، وبنية تحتية فقيرة، وسياسات شعبوية.. وهذه الأمور مجتمعة تمخضت العام الماضي عن خسائر بلغت خمسة مليارات دولار. واحتاجت البلاد 20 عاماً كي تزيد سرعة أسرع قطاراتها من 93 إلى 99 ميلا في الساعة. وجاء في معلومات قدمت إلى البرلمان عام 2012 أن قطارات الركاب العادية تسير 31 ميلا في الساعة بينما تسير قطارات الشحن 15 ميلا في الساعة. وعانى مودي من سوءات السياسة فيما يتعلق بسكك حديد الهند لأول مرة الشهر الماضي بعد أن زاد رسوم ركوب القطارات 14 في المئة، وهو قرار لم يجرؤ عليه سياسي لعقود. وقالت حكومته إن زيادة الأسعار ضرورية لخفض الخسائر في نظام السكك الحديدية وتحسين الخدمة. لكن المحتجين خرجوا على الفور وعرقلوا القطارات وأحرقوا دمية لمودي. ودافع أرون جيتلي، وزير المالية الجديد، عن رفع السعر، مؤكداً أن «الهند عليها أن تقرر ما إذا كانت تريد سكك حديد ذات مستوى عالمي أم سكك حديد متهالكة». وتراجع مودي في نهاية المطاف عن رفع الرسوم، لكن لصالح ركاب قطارات المدن فقط. ولطالما أثارت شبكة السكك الحديدية مترامية الأطراف في الهند صوراً رومانسية عن قطارات البخار، التي تعود إلى عصر الاستعمار البريطاني وهي تتعرج وسط بلدات الهمالايا والعربات الفارهة المخصصة للمهراجا. لكن لا شيء رومانسي في نظام السكك الحديدية الحالي المتهالك، الذي ينقل 23 مليون راكب يومياً. وفي مختلف أنحاء الهند يركب المسافرون الذين لا يدفعون ثمن التذاكر على أسطح القطارات وبعضهم يموت صعقاً بالكهرباء أو نتيجة السقوط. وجهود حظر عدم السفر على أسطح القطارات لم تجد نفعاً. وإجراءات النظافة ضعيفة بصفة عامة، حيث تمتلئ أرصفة المحطات بالمسافرين النائمين والكلاب والمتسولين. وقال جاي براكاش باترا، الرئيس السابق لهيئة السكك الحديد الهندية: «ظل السياسيون يضيفون قطارات ومحطات لإرضاء ناخبيهم دون أن يلقوا بالا إلى قدرة قضبان السكك على التحمل وحال العربات والقدرة المالية على الصمود». والأمر لا يتعلق بالمسافرين فقط. فالاقتصاديون يقولون إن نظام السكك الحديدية الهندي لا يلبي حاجات قوة اقتصادية وصناعية طموح. ويشير انوراج ساشان، مدير قطاع دلهي للسكك الحديدية، إلى أن طول السكك الحديدية غير مناسب بالمرة حالياً، والسكك الحديدية التي يزيد طولها على 40 ألف ميل لم تزد إلا 7400 ميل منذ أن نالت البلاد استقلالها عن بريطانيا عام 1947. وقال ارفيند ماهاجان، وهو خبير البنية التحتية في شركة الاستشارات «كيه. بي. إم. جي. الهند»: «نحو ثلثي البضائع في الهند تنتقل على الطرق لأنه ليس لدينا ما يكفي من قضبان سكك الحديد.. والأولية دوماً لقطارات المسافرين لذا يتعين على قطارات الشحن الانتظار. وهذا يرفع كلفة الإمدادات ويجعل الصناعة الهندية غير تنافسية.. البضائع تصل دون مواعيد محددة.. ولا يستطيع المرء حتى أن يتتبع شحنته». وصرح مسؤولون بأن الهند تبني سككاً للشحن بمساعدة مالية من اليابان والبنك الدولي، لكن عملية البناء متأخرة خمس سنوات، وهذا أمر معتاد. وأعلنت حكومة مودي هذا الأسبوع أنها ستطور عشر محطات سكة حديد لتصبح مثل المطارات وستشغل قطارات عالية السرعة على سبعة خطوط، وبدأت العمل على أول قطار طلقة هندي يربط مومباي وولاية مودي الأم جوغارات. وقال مودي: «القطارات ليست مجرد وسيلة للنقل، إنها محرك نمو الهند.. من خلال السكك الحديدية نريد نقل البلاد إلى مرتفعات أخرى». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©