الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

الحكمة من خلق السماوات والأرض

19 أكتوبر 2017 23:19
أحمد محمد (القاهرة) أتت قريش اليهود، فقالوا: ما جاءكم به موسى من الآيات؟ قالوا: عصاه ويده بيضاء للناظرين، وأتوا النصارى فقالوا: كيف كان عيسى فيكم؟، فقالوا: يبرئ الأكمه والأبرص، ويحيي الموتى، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ادع لنا ربك يجعل لنا الصفا ذهباً، فأنزل الله تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ)، «سورة آل عمران: الآية 190». قال ابن كثير، ومعنى الآية أنه يقول تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ...) هذه في ارتفاعها واتساعها، وهذه في انخفاضها وكثافتها وما فيهما من الآيات المشاهدة العظيمة من كواكب سيارات، وثوابت وبحار، وجبال وقفار وأشجار ونبات وزروع وثمار، وحيوان ومعادن ومنافع، مختلفة الألوان والطعوم والروائح والخواص، واختلاف الليل والنهار، تعاقبهما واختلافهما في الطول والقصر، فتارة يطول هذا ويقصر هذا، ثم يعتدلان، ثم يأخذ هذا من هذا، فيطول الذي كان قصيراً، ويقصر الذي كان طويلاً وكل ذلك تقدير العزيز الحكيم، ولهذا قال: (لِّأُولِي الْأَلْبَابِ)، العقول التامة الذكية التي تدرك الأشياء بحقائقها على جلياتها، وليسوا كالصم البكم الذين لا يعقلون. ثم وصف تعالى أولي الألباب، فقال: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ...)، «سورة آل عمران: الآية 191»، كما ثبت في صحيح البخاري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنبك»، أي: لا يقطعون ذكره في جميع أحوالهم بسرائرهم وضمائرهم وألسنتهم «ويتفكرون في خلق السماوات والأرض»، يفهمون ما فيهما من الحكم الدالة على عظمة الخالق وقدرته، وعلمه وحكمته، واختياره ورحمته. وقال القاسمي في تفسيره، إن في خلق السماوات والأرض، وما فيهما من الآيات العظيمة، واختلاف الليل والنهار، في تعاقبهما، وكون كل منهما خلفة للآخر، أو في تفاوتهما بازدياد كل منهما بانتقاص الآخر، لأدلة واضحة على الصانع وعظيم قدرته، وباهر حكمته، والتنكير للتفخيم كما وكيفا، لأولي الألباب، لذوي العقول المجلوة بالتزكية والتصفية بملازمة الذكر دائماً. وقال السعدي، يخبر تعالى أن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب، وفي ضمن ذلك حث العباد على التفكر فيها، والتبصر بآياتها، وتدبر خلقها، وأبهم قوله: (آيات)، إشارة لكثرتها وعمومها، وذلك لأن فيها من الآيات العجيبة ما يبهر الناظرين، ويقنع المتفكرين، ويجذب أفئدة الصادقين، وينبه العقول النيرة على جميع المطالب الإلهية، فأما تفصيل ما اشتملت عليه، فلا يمكن لمخلوق أن يحصره، ويحيط ببعضه، وفي الجملة فما فيها من العظمة والسعة، وانتظام السير والحركة، يدل على عظمة خالقها، وعظمة سلطانه وشمول قدرته، وما فيها من الإحكام والإتقان، وبديع الصنع، ولطائف الفعل، يدل على حكمة الله ووضعه الأشياء مواضعها، وسعة علمه، وما فيها من المنافع للخلق، يدل على سعة رحمة الله، وعموم فضله، وشمول بره، ووجوب شكره، وكل ذلك يدل على تعلق القلب بخالقها ومبدعها، وبذل الجهد في مرضاته، وأن لا يشرك به سواه، ممن لا يملك لنفسه ولا لغيره مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء. وخص الله بالآيات أولي الألباب، وهم أهل العقول، لأنهم هم المنتفعون بها، الناظرون إليها بعقولهم لا بأبصارهم فقط، ثم وصف أولي الألباب بأنهم يذكرون الله في جميع أحوالهم، قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم وهذا يشمل جميع أنواع الذكر بالقول والقلب، ويدخل في ذلك الصلاة قائماً، فإن لم يستطع فقاعدا، فإن لم يستطع فعلى جنب، وأنهم (...وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ...)، ليستدلوا بها على المقصود منها، ودل هذا على أن التفكر عبادة من صفات أولياء الله العارفين، فإذا تفكروا بها، عرفوا أن الله لم يخلقها عبثاً، فيقولون: ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك عن كل ما لا يليق بجلالك، بل خلقتها بالحق، فقنا عذاب النار بأن تعصمنا من السيئات، وتوفقنا للأعمال الصالحات، لننال بذلك النجاة من النار.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©