الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

نحاتون إماراتيون: تجاوزنا مرحلة الخطوط الحمر

نحاتون إماراتيون: تجاوزنا مرحلة الخطوط الحمر
27 يونيو 2015 02:49
هيفاء مصباح (دبي) أكمل فن النحت 38 عاماً من عمره في الدولة، مع أول فنان يمتهن هذا الفن هو د. محمد يوسف الذي تخرج في كلية الفنون الجميلة في القاهرة في العام 1977، ليصبح أول إماراتي يمارس النحت منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا، صامداً في وجه مجموعة من الظروف المتشابكة والخطوط الحمر التي تقف عائقاً أمام أي فنان بدءاً من النظرة النمطية باعتباره محظوراً دينياً، قبل أن إلى تطويع هذا الفن بشكل تراكيبي تعبيري ينأى به عن كل ما هو مخالف للدين من التجسيد المباشر للروح والجسد، وإنما لجأ إلى الرمزية في أعماله كالنخيل والبحر والوطن، هذا إلى جانب الصعوبات الأخرى من التكلفة المادية والدعم اللوجستي من الأتيليهات الخاصة لممارسة هذا الفن. وعلى الرغم من العوامل السابقة بقي هذا الفن صامداً على الساحة التشكيلية الإماراتية، وظهر إلى جانب د. محمد يوسف مجموعة من الفنانين الإماراتيين الذين تمسكوا بموهبتهم الخاصة بالنحت، على الرغم من المعوقات السابقة، مؤكدين أن لهذا الفن عشاقه من الفنانين الإماراتيين الموهوبين، والذين قدموا بصمتهم الخاصة في مجاله. «الاتحاد» ناقشت مجموعة من هؤلاء الفنانين، وفي مقدمتهم المؤسس د. محمد يوسف، والذي صرح لـ«الاتحاد»، مشيراً إلى أن البدايات كانت في غاية الصعوبة وتعرض خلالها إلى ما أسماه بـ«الصدمات» التي لم تثنِه أبداً عن شغفه بهذا الفن الراقي، ويقول إن أول عمل أنجزه كان عقب تخرجه عام 1977، وكان عملاً فنياً رمزياً بحت وخالياً من التجسيد المباشر للروح البشرية، وذلك امتثالاً لديننا الإسلامي وعاداتنا وتقاليدنا، وكان قد وُضع أمام مقر جمعية التشكيليين إلا أنه تفاجأ عندما وجد أنه قد تعرض للتحطيم بالكامل. عمل وطني ويؤكد يوسف أنه يحلم في تقديم عمل فني في أي مكان عام في الدولة يجمع خلاله شغفه في الفن الذي أحبه ويهديه إلى وطنه الذي قدم له الكثير، ويخلّد في الوقت ذاته سيرته الذاتية كفنان، ويقول: أحلم في هذا الأمر في أي مكان عام في الدولة، مهما كانت مساحته بسيطة أقدم فيه خلاصة تجربتي وأهديه إلى وطني، ويبقى من بعدي للأجيال القادمة. ويتابع د. يوسف بأن فن النحت يحتاج إلى مظلة رسمية تقوم برعايته ليزدهر ويُعطى حقه المعنوي من خلال تخصيص متاحف تضم أعمال الفنانين، ولا سيما أن الأعمال الموجودة على الساحة التشكيلية الإماراتية عبارة عن أعمال فنية تصويرية وتركيبية تبتعد عن النحت المباشر من تجسيد للروح والجسم البشري. ويؤكد د. يوسف أن الدعم المعنوي يساند الفنان بشكل كبير ويجعله يتجاوز الصعوبات الأخرى من الجهد والوقت، بالإضافة إلى حاجته لورش خاصة، ويعطي مثلاً، أنه امتنع عن استخدام الحجر كمادة كونه يؤثر صحياً ليس فقط على الفنان نفسه، وإنما على البيئة المحيطة به بالإضافة إلى الإزعاج للجيران، وهو ما دفعه مؤخراً للتوقف عن الأعمال الحجرية. الإدراك البصري وحول اقتناء الجمهور للأعمال، يوضح يوسف أن إقبال الجمهور على شراء الأعمال الفنية قليل جداً وأقرب إلى الندرة، ويشاركه بالرأي الفنان مطر بن لاحج، الذي أرجع الأمر إلى الذائقة العامة للجمهور، والتي تحتاج إلى تغذية في جانب فن الإدراك البصري للأعمال الفنية، ويقول: إنها مسؤوليتنا تجاه الأجيال الجديدة. ويتابع بن لاحج أن الثلج بدأ يذوب حول النحت كفن في الدولة، وباتت التحفظات المتعلقة باعتبارات اجتماعية ودينية تزول، ولا سيما أن الأعمال الفنية الموجودة في الساحة هي أعمال تركيبية رمزية، مشيراً إلى أن فن النحت من أصعب أنواع الفنون كونه يحتاج إلى فكرة جاهزة في ذهن الفنان قبل التطبيق على نموذج مبسط ونقلها إلى عمل متكامل على أرض الواقع. الرؤية والتكلفة وفي السياق ذاته تحدثت د. نجاة مكي التي تخصصت في دراسة النحت إلا أنها ابتعدت عنه في مسيرتها المهنية، فقالت: قدمت مجموعة من الأعمال عقب تخرجي، إلا أنني اتجهت بشكل أكبر إلى الرسم التشكيلي، مؤكدة أن أحد أهم الأسباب هو الأدوات الخاصة التي يتطلبها والمكان الخاص إلى جانب التكلفة المادية. وتتابع بأن القيمة الفنية موجودة في المشغولات النحتية وفي اللوحة التصويرية، وهو الأمر الذي أدركه المجتمع وباتت المشغولات النحتية تلقى إقبالاً من المجتمع أكبر من ذي قبل. الفنان جمال بن حبروش السويدي أكد أن القيمة الفنية للعمل النحتي تكتسب في الدرجة الأولى من الفكرة التي يسعى لإيصالها للجمهور وربطها بالفكر أو التراث أو البيئة التي يعيش فيها، وهو ما حرص عليه في أعماله الثلاثة التي قدمها، وهي «المحارة» و«الطموح» و«أنغام الحياة». وأكد أن مقتنياً إيطالياً قام بشراء «أنغام الحياة»، مؤكداً بأنه يعتز بهذا العمل كثيراً كونه قدم فكرة مغايرة لمنظور العالم للنفط، فتلك المادة الخام التي ترمز دائماً إلى الماديات الملموسة من المال والصناعات سعى لتجسيدها على شكل آلة البيانو بما تحمل من رمزيات لآثار النفط على العالم كآثار الموسيقى بالروح. ويؤكد السويدي أن فن النحت وإن كان مكلفاً مادياً على الفنان ويتطلب جهداً خاصاً بالعمل نفسه وبالنقل والمشاركة بالمعارض إلا أن الفنان الشغوف به لا يستطيع أن يبتعد عنه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©