الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جاسم عبيد.. رحلة من أعماق البحار للوصول إلى الفن الراقي

جاسم عبيد.. رحلة من أعماق البحار للوصول إلى الفن الراقي
26 يونيو 2015 21:50
أحمد السعداوي (أبوظبي) يحمل جاسم عبيد عديداً من الذكريات التي جمعها عبر عشرات السنين قضاها معلماً وموجهاً لأجيال متعاقبة من أبناء الإمارات، خلال مسيرة حياته التي بدأت منذ طفولته مبحراً في أعماق البحار باحثاً عن اللؤلؤ وتقديمه إلى العالم حجراً كريماً يصنعون منه أبهى الحُلي إلى أن وصل إلى أعلى درجات النجاح وصار علماً من أعلام الفن الراقي في منطقة الخليج، عبر شخصية «دبدوب» التي جسدها وصارت قاسماً مشتركاً في غالبية الفعاليات والأحداث الاجتماعية المهمة التي تشهدها الإمارات منذ السبعينيات. وبدأت علاقته مع الشخصية حتى أيامنا هذه، وهو يقدم للأطفال المعلومة والمعرفة في قالب جذاب يدهش له الرائي، لما يتمتع به جاسم عبيد من موهبة في التواصل مع الصغار والكبار على حد سواء وتوصيل آلاف رسائل التوعية للمواطنين والمقيمين. رحلة شقاء ويقول جاسم عبيد «ولدت في الأول من يناير عام 1952، لأبوين بسيطين من الذين رسم الزمن خطوطه على وجهيهما، عبر رحلة شقاء طويلة قضياها في تربية ستة أبناء، كان ترتيبي الأول بينهم، وكانت علاقتي بهما عليهما رحمة الله نموذجا لبر وطاعة الوالدين ولم يكن هذا سلوكا شخصيا مني، بل من جميع أبناء منطقة الخليج في تلك الحقبة الزمنية البعيدة التي كانت العادات والتقاليد فيها راسخة في النفوس». واتجه في سن مبكرة إلى العمل مع والده في أسفاره وغوصه بحثاً عن اللؤلؤ، ما جعله يدرك مبكراً المعاني الحقيقية للحياة، وضرورة تحديد الأهداف، حتى يستطيع الإنسان الوصول إليها والتغلب على أي معوقات. ويقول: هذه العزيمة تعتبر أفضل ما تعلمته من مرافقة أهل البحر والعمل بمهنة الغوص في سن الثانية عشرة، ورغم أنها سن مبكرة جدا على الشقاء والعمل إلا أن عدم انتشار التعليم وقلة الإمكانات آنذاك لم تترك خياراً أمامي. ويوضح أن رحلات الغوص كانت تبدأ من أسبوعين حتى أربعة أشهر، التي كانت تسمى «الغوص العود»، نظراً لطول الفترة، وتشهد عديداً من المواقف المفرحة حين نرزق ببعض اللآلئ، أو المؤلمة حين يصيب المرض أحدنا، وكانت طرق العلاج غاية في البساطة، وكانت أكثر الأوقات إيلاماً على النفس حين تفارق أحد طاقم الرحلة روحه. ويذكر أن الغوص نفسه مدرسة عظيمة الفضل على كل من عمل فيه، حيث يتعلم الصبر والشجاعة وكيفية البحث عن الرزق، وأول مهنة عمل فيها أثناء رحلات الغوص هي «تباب»، وهذه الوظيفة تتطلب أن يقدم الولد الصغير للغواصين الماء والغذاء، وكان يشارك زملاءه في عالم الغوص والأسفار، البحث عن اللؤلؤ الصغير، المعروف عند أهل الساحل بـ «القماش»، وكان يستخدم لتزيين الخواتم التي كانت ترتديها النساء ويعطيها قيمة مادية كبيرة في تلك الأيام، حيث كان يجمعه ويعطيه للأهل، ثم يتولون هم بيعه حين يعود إلى الساحل ويتعامل مع «الطوّاش»، الذي كان يقوم بوزن هذه اللآلئ وغيره مما فاء به الغواصون والنواخذة ويعطيهم قيمته المادية، لتصريف أمور حياتهم وشراء احتياجاتهم المنزلية لفترات طويلة تكفيهم حتى القيام برحلة الغوص التالية والعودة منها. حكاية الدبدوب ويبين أن حكايته مع شخصية الدبدوب بالمصادفة عام 1975، حيث كان يحلم بتأدية هذه الشخصية إلى أن جاء هذا اليوم الذي منعت الظروف على التميمي عن القيام بهذه الشخصية الجميلة التي رافقته من بعدها، وما كانت هذه العلاقة الممتدة لتتم لولا السفر المفاجئ للفنان علي التميمي، ما دعا المخرج محمد ياسين، المعروف بـ «بابا ياسين»، إلى أن يعرض عليه القيام بشخصية الدبدوب، وقام بالشخصية على أكمل وجه وقدم أداء لم يكن يتوقعه، وهو ما رواه له ياسين بعد ثلاث سنوات من تجسيد شخصية الدبدوب، حيث أخبره هو والمعد، أنهما كانا يختبراه في ذلك اليوم الذي أدى فيه شخصية الدبدوب بدلا من على التميمي ويقيمان قدراته، ولم يتوقعا هذا النجاح الذي قدمه حين أدى شخصية دبدوب لأول مرة. ويقول «الصعوبة الأكبر التي قابلتها في تأدية شخصية الدبدوب، هي ارتداء الملابس وخلعها، لأنها كانت ثقيلة الوزن على حد أني أحتاج ثلاثة أشخاص يساعدونني وكانت الخامات المصنوع منها الزي، غير صحية بالمرة وتعتمد على الإسفنج والصوف الذي تصنع منه مقاعد السيارات، ما كان يسبب قدرا كبيرا من الإجهاد لدى تقديمي للشخصية، ولكن حب الجمهور وتعلقي بالأطفال وتعلقهم بالدبدوب، كان أكبر المحفزات لتناسي هذه المصاعب والتغلب على الحرارة وثقل وزن الملابس التي ارتديها أثناء العرض الذي كان يمتد أحياناً إلى 4 ساعات، أتعامل خلالها مع الجمهور والأطفال بأريحية ظاهرة، معاكسة تماماً لما أشعر به داخل الزي من إجهاد». وتغيير نمط ملابس شخصية دبدوب، وألوانها، حيث كان شغلي الشاعل بعد ما ازداد تعلقي بهذا النمط الجميل من الشخصيات المحببة إلى قلوب الأطفال، وبالفعل عملت على الابتعاد عن اللون البني الذي كان الدبدوب معروفا به، واستخدمت الأصفر والأزرق، لإدخال البهجة والسرور إلى قلوب الصغار، بدلاً من اللون البني القاتم، الذي كان يرتديه الدبدوب في السنوات الأولى لظهوره، وصارت الغلبة للأصفر والأزرق في كامل الجسد وانحسر البني في منطقة الرأس فقط. سمات ويوضح أن دبدوب كان له الأثر الأكبر على شخصيته الحقيقية، حتى صارت سماته متماهية إلى حد كبير مع شخصية جاسم عبيد، نتيجة التلازم الكبير لشخصية الدبدوب منذ عام 1974 حتى الآن، ومن خلال شخصية الدبدوب عرف الطريق إلى حب الناس والنجاح والانتشار في المجتمع. وحين يخاطبه أي من الجمهور في أي مكان بـ «الدبدوب»، يكون ذلك مصدر لسعادته ولا يشعر بضيق مثل ما يشعر به آخرون حين يرتبطون في أذهان الجمهور بشخصية معينة يكون لها نصيب من الحب أو الكراهية حسب طبيعة الشخصية، ويؤكد أن شخصية دبدوب، أفادت المجتمع كبارا وصغارا، وتعلموا منها الكثير، عبر الرسائل التي التربوية والتعليمية التي تلقتها أجيال عديدة، ما دعا مؤسسات بالدولة إلى الاستعانة بالدبدوب في كثير من الفعاليات. إلى جانب شخصية الدبدوب، عمل جاسم عبيد في مجالات فنية، منها الإذاعة والتلفزيون والإخراج، ما أكسبه خبرة واسعة في التعامل مع الفن والجمهور على حد سواء ويسر له توصيل ما يريد من رسائل توعية يقدمها إلى الناس عبر شخصيته الثرية، التي اعتمدت كمحاضر رسمي من قبل مجلس أبوظبي للتعليم، ليستفيد طلاب المدارس من أسلوبه في التوعية بالثقافة المرورية وغيرها من أنواع الثقافات والمعارف العامة. أيام الفريج بالحديث عن ذكرياته الرمضانية، يقول إن الشهر الفضيل يختلف بشكل جذري في الزمن القديم عن أيامنا هذه، حيث كان التواصل أقوى بين الجميع في الفريج، والزيارات المتبادلة طوال الشهر، والأكل الجماعي، وكنا نجهز موائد الإفطار أمام البيوت لاستقبال الأهل أو الغرباء، وكان الشهر يتيح لنا الجلوس معاً أكثر من أي وقت آخر طوال العام، حيث كنا نجتمع بسكان الحي في الفترة من المغرب حتى العشاء، ثم نعود مرة أخرى للمسامرة وتبادل الحديث بعد الانتهاء من صلاة التراويح، وكان الحديث يشمل كل أمور الحياة، وفي مقدمتها المسائل الدينية والشرعية التي ربما لا يعرفها البعض فيسأل عنها الأكثر علماً من أهل الفريج أو من الحضور، أما الآن، فإن الجلوس اقتصر على المقاهي فقط، وقلت إلى حد كبير تجمعات الجيران. أغرب المواقف من أغرب المواقف التي يتذكرها خلال مسيرة عمله بالتمثيل، ما حدث له أثناء تقديم مسرحية «الله يا دنيا» التي قدمها عن عالم الغوص والبحر وأحداثها تدور عن حادثة تقع للسفينة نتيجة شدة الرياح، وكانت كل ملابسه ملطخة بلون الدماء منفذ بشكل بدائي، باستخدام عصير الطماطم وألوان حمراء. وبعد أن أنهى الدور عائداً إلى المنزل بتلك الملابس، فزع أهل منزله حين رأوه كذلك، ورفضوا دخوله البيت ظناً منهم أنه شخص غريب، ومرتكب لإحدى الجرائم، فقال لهم: «أنا جاسم ولدكم، وقتها اطمأنوا وأدخلوه إلى البيت». كادر// أغرب المواقف من أغرب المواقف التي يتذكرها خلال مسيرة عمله بالتمثيل، ما حدث له أثناء تقديم مسرحية «الله يا دنيا» التي قدمها عن عالم الغوص والبحر وأحداثها تدور عن حادثة تقع للسفينة نتيجة شدة الرياح، وكانت كل ملابسه ملطخة بلون الدماء منفذ بشكل بدائي، باستخدام عصير الطماطم وألوان حمراء. وبعد أن أنهى الدور عائداً إلى المنزل بتلك الملابس، فزع أهل منزله حين رأوه كذلك، ورفضوا دخوله البيت ظناً منهم أنه شخص غريب، ومرتكب لإحدى الجرائم، فقال لهم: «أنا جاسم ولدكم، وقتها اطمأنوا وأدخلوه إلى البيت». كادر// أيام الفريج بالحديث عن ذكرياته الرمضانية، يقول إن الشهر الفضيل يختلف بشكل جذري في الزمن القديم عن أيامنا هذه، حيث كان التواصل أقوى بين الجميع في الفريج، والزيارات المتبادلة طوال الشهر، والأكل الجماعي، وكنا نجهز موائد الإفطار أمام البيوت لاستقبال الأهل أو الغرباء، وكان الشهر يتيح لنا الجلوس معاً أكثر من أي وقت آخر طوال العام، حيث كنا نجتمع بسكان الحي في الفترة من المغرب حتى العشاء، ثم نعود مرة أخرى للمسامرة وتبادل الحديث بعد الانتهاء من صلاة التراويح، وكان الحديث يشمل كل أمور الحياة، وفي مقدمتها المسائل الدينية والشرعية التي ربما لا يعرفها البعض فيسأل عنها الأكثر علماً من أهل الفريج أو من الحضور، أما الآن، فإن الجلوس اقتصر على المقاهي فقط، وقلت إلى حد كبير تجمعات الجيران.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©