السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الطائرة التركية: دمشق تخفّف وأنقرة تهدد!

الطائرة التركية: دمشق تخفّف وأنقرة تهدد!
25 يونيو 2012
ليز سلاي بيروت تعهدت تركيا باتخاذ "الخطوات اللازمة" بعد التأكد من أن سوريا أسقطت مقاتلة تركية بالقرب من الحدود السورية يوم الجمعة الماضي، مما يزيد من حدة التوتر في المنطقة المشحونة أصلاً. ففي بيان وجيز صدر بعد اجتماع أمني عاجل دعا إليه رئيس الوزراء أردوجان، أعلنت الحكومة التركية أن مقاتلة مفقودة من طراز إف 4 قد أُسقطت من قبل سوريا. وقال البيان إن تركيا "ستعلن موقفها النهائي عندما يتم الكشف عن الأدلة بشكل كامل وستتخذ الخطوات اللازمة". الرئيس التركي عبدالله جول ومسؤولون آخرون قالوا يوم السبت إن حكومتهم تحاول تقييم الظروف الدقيقة للحادث وستتخذ خطوات لم يحددها للرد وفقاً لذلك. وقد اعترف جول بأن الطائرة التركية قد تكون انتهكت، عن غير قصد، المجال الجوي السوري. غير أنه من غير الواضح ما إن كانت تركيا تفكر في رد عسكري، أو زيادة العقوبات، أو خطوات أخرى ممكنة، مثل المطالبة بتعويض أو اعتذار. لكن فاروق تشيليك، وزير العمل والضمان الاجتماعي التركي، قال إن بلاده سترد "إما في المجال الدبلوماسي أو من خلال أنواع أخرى من الردود". وقال تشيليك للصحفيين: "حتى إذا افترضنا أن انتهاكاً للمجال الجوي السوري قد حدث -رغم أن الوضع مازال غير واضح- فإن الرد السوري لا يمكن أن يكون هو إسقاط الطائرة"، مضيفاً أن الحادث غير مقبول. وتركيا لا يمكنها أن تتحمله في صمت". وكان الرئيس التركي قد قال يوم السبت الماضي إن التحقيق يبحث ما إن كانت الطائرة قد أُسقطت في المجال الجوي التركي، مثلما أفادت وكالة "رويترز" للأنباء نقلاً عن وسائل إعلام تركية. ومن جهتها، نقلت وكالة الأناضول للأنباء الرسمية عن جول قوله: "من غير الممكن التستر على شيء مثل هذا، وكل الخطوات اللازمة سيتم اتخاذها". والجدير بالذكر هنا أن التوتر كان حاداً أصلاً بين سوريا وتركيا. فالجاران كانا حليفين قبل بدء الانتفاضة في مارس 2011، لكن تركيا أصبحت واحدة من أشد المنتقدين للطريقة القمعية التي يرد بها النظام السوري على انتفاضة شعبه، وتستضيف مجموعات سورية معارضة، مدنية وعسكرية. وعلى هذه الخلفية، دعت كل من ألمانيا والعراق، تركيا وسوريا إلى التزام الهدوء وعدم السماح للاضطرابات في سوريا بأن تتحول إلى نزاع واسع في المنطقة. مصير الطيارين اللذين كانا على متن الطائرة غير معروف، وقد أعلنت تركيا أن سفناً سورية انضمت إلى عملية بحث واسعة في شرق المتوسط حيث يُعتقد أن الطائرة أُسقطت. وكان الجيش التركي قد أوضح في وقت سابق أنه فقد الاتصال مع الطائرة قبل منتصف النهار بوقت قصير أثناء تحليقها فوق إقليم هاتاي التركي الواقع جنوب البلاد. وبعد أن أكدت تركيا، وهي عضو في حلف "الناتو"، نبأ إسقاط الطائرة، أصدر ناطق عسكري سوري بياناً يعترف بإسقاط الطائرة في الساعة الحادية عشرة وأربعين دقيقة صباحاً، بعد أن اقتربت من الأراضي السورية على علو منخفض من جهة البحر. وقال البيان: "إن هدفاً جوياً مجهول الهوية اخترق المجال الجوي السوري فوق المياه الإقليمية من اتجاه الغرب، على ارتفاع منخفض جداً وبسرعة عالية، فتصدت له وسائل الدفاع الجوي السوري بالمدفعية المضادة للطائرات"، مثلما ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا". وقد كانت الطائرة تبعد بنحو كيلومتر واحد عن الساحل السوري عندما ضُربت، وقد سقطت في المياه الإقليمية السورية، على بعد نحو 10 كيلومترات عن الساحل، يقول البيان. الحادث يسلط الضوء على الجو المشحون الذي يسود المنطقة في وقت أخذت تتحول فيه الانتفاضة في سوريا إلى نزاع مسلح يخشى الكثيرون أن يمتد إلى خارج حدودها، ويجر إليه جيرانها، ويؤدي ربما إلى تدخل عسكري دولي واسع. ومما يزيد من حدة التوتر بروز تركيا كقناة رئيسية للإمدادات الجديدة للأسلحة التي تتدفق على المتمردين السوريين بفضل أموال عربية وتسهيلات جزئية من الولايات المتحدة. ويذكر هنا أن أكثر من 30 ألف لاجئ سوري تدفقوا على جنوب تركيا خلال العام الماضي، كما أن قيادة الجيش السوري الحر تتخذ من مخيمات اللاجئين هناك مقراً لها. وهذه ليست المرة الأولى التي تهدد فيها تركيا منذ اندلاع الانتفاضة ضد بشار الأسد قبل 15 شهراً، مما يسمم العلاقة التي كانت ممتازة في الماضي بين دمشق وأنقرة. ففي أبريل الماضي وبعد أن أطلقت القوات السورية طلقات عبر الحدود على مخيم للاجئين السوريين، هددت تركيا باللجوء إلى بند الدفاع المشترك في ميثاق "الناتو". غير أن سوريا بدت حريصة على التخفيف من شأن حادث الطائرة. وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد المقدسي على حسابه في تويتر: "لم يكن ثمة اعتداء... بل الأمر يتعلق بهدف مجهول الهوية كان يحلق على ارتفاع منخفض جداً عندما انتهك المجال الجوي السوري"، مؤكداً على الدور الذي تلعبه السفن السورية في المساعدة في عملية البحث عن الطيارين المفقودين. غير أن إسقاط الطائرة يأتي في وقت يتميز بازدياد القلق بشأن دوامة العنف في سوريا عقب انهيار خطة سلام أممية يرعاها المبعوث الخاص كوفي عنان. فالمراقبون الأمميون الذي أُرسلوا إلى سوريا من أجل مراقبة وقف لإطلاق النار لم يعد اليوم موجوداً، لا يغادرون فنادقهم لأنه بات من الخطير جداً أن يخرجوا، ومجلس الأمن الدولي مازال منقسماً بشأن أي البدائل التي ينبغي اتباعها. وفي مؤتمر صحفي بجنيف، حذّر عنان من أنه إذا لم يتفق المجتمع الدولي على طريقة للتقدم إلى الأمام، فإنه "سيكون قد فات الأوان لمنع الأزمة من الخروج عن السيطرة". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©