الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الفن الإسلامي وعناصره التقليدية تدخل إلى جدل الحداثة وما بعدها

الفن الإسلامي وعناصره التقليدية تدخل إلى جدل الحداثة وما بعدها
24 سبتمبر 2010 22:41
يشير معرض “جائزة جميل 2009” الذي افتتح الأربعاء الماضي ويستمر حتى الرابع والعشرين من الشهر الجاري في متحف الحضارة الإسلامية بالشارقة، إلى قابلية عناصر الفنون الإسلامية التقليدية على “التعايش” مع عناصر راهنة ومعاصرة في الأعمال والتصميمات الفنية التي تنتمي في مجملها إلى تيارات الحداثة وما بعد الحداثة في مجالات اللوحة والنحت والتصوير الفوتوغرافي حيث جمع أكثر من عمل بين أكثر من مجال من هذه المجالات. ويضم المعرض أعمالاً لتسعة فنانين فازوا بالجائزة التي تقام مرة لكل عامين بإشراف متحف فكتوريا وألبرت الذي يقيم المعرض بالتعاون مع إدارته والمجلس الثقافي البريطاني. وتنحاز الأعمال في المعرض إلى ما هو جمالي في الفنون التقليدية الإسلامية، وخاصة العمارة بكل تفاصيلها ومعالجاتها للبناء من الداخل والخارج، بهدف إبرازها وإبراز حيويتها داخل العمل وما تمنحه للناظر إليها من دلالات مختلفة حتى لو بدا أن الكثير من الأعمال لا تريد أن تقول شيئاً، مثل العمل النحتي لسوزان حيفونا الذي هو عبارة عن “صناعة فنية متقنة” لمشربيات النوافذ في القاهرة التقليدية أو أعمال الفنان رضا عابديني التي استفادت من إمكانات الخط العربي، وجمالياته لتعيد إنتاج فنون بصرية مهملة من طراز فن بوستر الأفلام السينمائية وبالاستفادة من مدارس في التصوير الفوتوغرافي منشغلة بالبحث عن “الجميل” في الواقع الإنساني كما هو. وهذا ما يجد صدى له في أعمال خسرو زاده الذي يأخذ الصورة إلى العمل التشكيلي قبل تظهيرها، أي في تلك الحالة التي تعرف بالسالب في علم التصوير الفوتوغرافي التقليدي، تعمل على إبرازها خلفية قائمة بالأساس على توزيع حروف عربية مصحوبة بكلمات تخلق تناغماً لافتاً بين الكتلة البشرية غائبة الملامح ودوامة الحروف التي تقرّب العمل بسبب دينامية الحرف العربي من فن الفيديو آرت. أما أعمال كميل زخريا، فهي استجابة فنية ذكية للهندسة الإسلامية التي استلهمها من السجاد الفارسي وسواه وابتكر من خلالها تكوينات خاصة به انتجها بوصفها “علامات” قد جرى تحويرها وإعادة إنتاجها من عناصر بيئية محيطة أيضاً وليس كما هي الزخرفة الإسلامية فحسب. وربما تكون أعمال كل من سحر شاه وحسن حجاج أكثر قرباً من الوظيفة النفعية للفن مع الافتراق الهائل بينهما الذي يسببه ارتفاع مستوى المخيلة عن أرض الواقع مثلما نعهده. تعالج شاه البيئة المعمارية من الداخل وفقاً لاشتراطات هندسية كما يمليها علم المنظور، لكنها داخل هذا النزوع الهندسي الصارم تعيد شاه إنتاج أرضيات ومنمنمات إسلامية في سياق تخييلي ربما يمكن تخيله إنما من غير الممكن تنفيذه لتجعل منه بذلك عملاً فنياً محضاً يكتسب شروطه الفنية من داخله وليس لأسباب خارجية في حين يقوم حسن حجاج بصناعة مقهى شعبي كي لا نقول تقليديا، تتجاور فيه عناصر مختلفة تنتمي إلى العديد من الثقافات الراهنة بالإضافة إلى الجانب التقليدي المغربي مستعيناً بعلامات ورموز تشير إلى تعدد واسع في الهويات والمرجعيات الثقافية بحيث إن العمل بدلالته الواسعة يتطرق إلى التشظي في الهوية الجمعية الذي يكاد يجعل، أو جعل، من الثقافات الراهنة في العالم ثقافات هجينة ينتجها أفراد هم بدورهم متعددو الثقافات. واخيراً إلى أفروز أميغي، الذي يقيم في أعماله جدلاً بين النور والظل ويجعل من الفراغات التي يصنعها في تصميمه الهندسي مساقط ضوئية تقع على تصميم آخر في الخلف من التصميم الأقرب إلى المتفرج ليكتشف المرء بعد ذلك أن التصميم عبارة عن قطعة واحدة وأن التصميم الخلفي هو الضوء نفسه وقد تسرب من الفراغات فأنتج تصميماً موازياً، حيث يقوم أميغي بذلك على نحو مفاجئ وغير متوقع يدهش عين المتفرج. أما فيما يتعلق بالخامة وأسلوب إنتاج العمل الفني، فيمكن القول إن المعرض أبعد ما يكون عن مشاغل الفن الكلاسيكي سواء أكان إسلامياً أم لا، لكنه يستفيد من حيوية الفنون الإسلامية لابتكار طرائق معالجة خاصة في الإنتاج تجعل لكل عمل بصمة خاصة بين الأعمال الفنية الأخرى في المعرض، وذلك إلى جوار أن الجامع بين هذه الأعمال هو أنها نتاج أسئلة راهنة عن الفن والجمال ما يجعلها جميعاً أقرب إلى الحداثة وما بعدها.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©