الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهجوم على «زاري»... طفرة في الحرب الأفغانية

الهجوم على «زاري»... طفرة في الحرب الأفغانية
24 سبتمبر 2010 22:39
سعيد شاه أشكيه- أفغانستان في وقت مبكر من يوم الأربعاء قبل الماضي، أطلقت القوات الأميركية عملية عسكرية كبيرة في جنوب أفغانستان، وذلك في المنطقة التي شهدت ولادة حركة "طالبان" فيما يمكن أن يكون واحداً من أهم العمليات الهجومية في حرب أفغانستان؛ حيث شن آلاف الجنود الأميركيين والأفغان هجوماً مباغتاً على حزام من المناطق الزراعية في منطقة "زاري"، التي تمثل معقلاً لحركة "طالبان" تنطلق منها عملياتها، وهذه المنطقة تقع إلى الغرب من مدينة قندهار وتعرف لدى الجنود الأجانب بـ"قلب الظلام". وتشكل بلدات رئيسية يسيطر عليها المتمردون مثل "ماكوان" و"باشمول" و"سنجسار" أهداف لهذه الحملة، علماً بأن هذه المناطق لم تطأها عموما أقدام قوات التحالف منذ أن دخلت أفغانستان عام 2001. وقد بدأت العملية العسكرية في الساعة الرابعة صباحا حسب التوقيت المحلي؛ ووفرت القوةَ النارية لقوات المساعدة الأمنية الدولية، "إيساف"، في "زاري" ثلاثُ كتائب عسكرية أميركية، مدعومة من قبل فرق العمليات الخاصة، وهدفت إلى مباغتة "طالبان" بهجوم كبير يدوم عدة أيام ويشمل الهجوم الجوي. أما الجيش الأفغاني الفتي، الذي يواجه اختباراً لجاهزيته لخوض المعارك، فستوكل إليه مهمة القيام بعمليات المداهمة والتحقق من خلو المنازل من عناصر "طالبان". غير أنه يُعتقد أن "طالبان" عززت مواقعها وأنفاقها في البلدات، وحصَّنتها بالألغام الأرضية والبنايات المفخخة. كما أن طبيعة المنطقة، التي تنتشر فيها الأشجار وحقول العنب والتلال الترابية وقنوات الري والنباتات الطويلة، تشكل بيئة مناسبة لاختباء مقاتلي "طالبان". وسيتعين على قوات التحالف والجنود الأفغان أن يفوزوا بدعم السكان المحليين عبر ضمان حماية أرواح أي مدنيين موجودين في هذه البلدات. والهدف هو أن تُظهر القوات الدولية والأفغانية لسكان "زاري" المرعوبين أنه بالإمكان دحر المتمردين وأن ثمة بديلاً: الحكومة الأفغانية، التي تستطيع أن توفر لهم الأمن، كما يقول النقيب "برانت أوج"، قائد من الكتيبة الأولى المرابطة بالمركز القتالي أشكيه، شرق بلدة "موكوان"، التي تعد أكبر مركز للمتمردين في شرق "زاري". ويقول أوج: "موكوان هي البعبع في هذه المناطق، أعتقد أن الناس والمتمردين لا يعتقدون أننا نستطيع دخول موكوان والسيطرة، ولكني أعتقد أنه ليست لديهم فكرة حول عدد الجنود والموارد التي سيتم تسخيرها (لهذه المهمة)". كانت "زاري" ولاتزال في صلب الحروب التي عرفتها أفغانستان خلال الثلاثين عاماً الماضية، وهي منطقة لم يتمكن الغزاة السوفييت أبداً من تهدئتها في الثمانينيات. وعقب هزيمة السوفييت وانسحابهم في 1989، انقلب قادة "المجاهدين" الأفغان على بعضهم بعضاً، ورموا بالبلاد في دوامة حرب أهلية دموية. وفي 1994، حشد رجل دين من المنطقة التي تعرف حالياً بزاري، الملا محمد عمر، الذي كان يدير حلقة علمية في بلدة سنجسار، طلبة المدارس القرآنية من أجل مهاجمة زعماء الحرب المتناحرين، وفرضوا نظام حكم صارم ومتشدد على معظم البلاد تحت لواء حركته (حركة طالبان) خلال السنوات القليلة التالية. وأدار عمر حركته انطلاقاً من مدينة قندهار، التي تعد ثاني أكبر بلدة في أفغانستان. ويعد هجوم "زاري" جزءاً من مهمة تروم تأمين القلب النابض لإقليم قندهار، ويعتبرها كثيرون العملية الحاسمة في حرب التسع سنوات. وقد كانت "زاري" ومدينة قندهار ووادي أرجنداب، الواقع إلى الشمال من مدينة قندهار، مهملة نسبياً من قبل قوات التحالف حتى هذا الصيف؛ حيث تم إطلاق عمليات لتطهير "أرجنداب" ومدينة قندهار من المتمردين. واليوم، حان دور "زاري"، حيث ستسعى قوات قتالية تقدر بنحو 5 آلاف جندي إلى أن تثبت من خلال هذه العملية قوة القوات الدولية والأفغانية. وفي هذا السياق، يقول "كارل فورزبرج"، محلل البحوث في معهد دراسة الحرب، وهو مركز بحوث مستقل يوجد في واشنطن: "إن وصول الفريق القتالي الثاني سيمنح قوات إيساف، للمرة الأولى، القوةَ الضرورية للقيام بعمليات محاربة التمرد كما ينبغي في زاري. ولكن حتى في ظل القوات الإضافية، فإن تطهير زاري والسيطرة عليها سيشكل تحديا كبيراً"، مضيفاً "حتى في حال تم كل شيء على نحو صحيح، إلا أن العنف في زاري يمكن أن يظل مرتفعا لأشهر عدة". ولدى الحكومة وجود محدود في زاري، إذ يعمل حاكم المنطقة الجديد كريم جان، والذي تعرض لمحاولة اغتيال العام الماضي، انطلاقاً من قاعدة عسكرية تابعة للتحالف مع ثلاثة موظفين. وتعليقاً على هذا الموضوع يقول العقيد آرثر إيه. كاندريان إن جان في حاجة إلى دعم مزيد من الشيوخ والأعيان: "علينا أن نحسن الأوضاع الأمنية؛ ذلك أن الناس يحاولون القيام باختيار (بين طالبان والحكومة)" مضيفاً أن "زاري وأرجنداب هما الطريق إلى مدينة قندهار". غير أن توقيت العملية أخرق سياسياً، إذ يأتي قبل أيام قليلة قبل انتخابات الثامن عشر من سبتمر البرلمانية. ومع ذلك، فإنه من المرجح أن تستمر العملية، وهو ما يثير علامات استفهام بشأن كيف سيستطيع سكان "زاري" الإدلاء بأصواتهم في هذه الانتخابات. بعض التفسيرات تشير إلى أن الفكرة من وراء هذا التوقيت هو توجيه ضربة قوية لـ"طالبان" قبل فصل الشتاء، حين يقل نشاط حركة التمرد عادة، من أجل الحفاظ على المنطقة خالية من عناصر "طالبان" لفترة طويلة من الوقت. وقال الجنرال "نيك كارتر"، الذي يرأس القيادة الإقليمية الجنوبية التي تشمل إقليم قندهار، الأسبوع الماضي: "إننا سنُطهر تلك المناطق (مدينة قندهار والبلدات المحيطة بها) من طالبان" بحلول منتصف إلى أواخر نوفمبر، مشيراً إلى أن ثمة ما بين 10 آلاف و12 ألف جندي من الجيش الأفغاني في المنطقة إلى جانب 5 آلاف شرطي أفغاني، ونحو 15 ألف من الجنود الدوليين، وهو ما يجعل منهم أكبر قوة قتالية مشتركة بين القوات الدولية والأفغانية التي يتم جمعها خلال التسع سنوات من الحرب الأفغانية، ستواجه نحو ألف مقاتل متمرد، كما يقول "كارتر"، وهو ضابط بريطاني. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال«
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©