الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شخوص عامة

شخوص عامة
24 سبتمبر 2010 22:28
(1) هو ليس مجرد ثرثار .... بل يستخدم جق الحكي أسلوباً لتمرير وقت الحلاقة على الزبون بأقل قدر من المضايقة تحت وطأة السكاكين والمقصات ناهيك عن الشفرات والخيط. يأتيه الشخص وبه رغبة للهروب بأسرع وقت ممكن، لكن صاحبنا مضطر للتأني في عمله، حيث إن الخطأ هنا لا يمكن إصلاحه بسهولة، والزبون دائماً على حق، وهو يسعى إلى حل هذه المعادلة دون أن يخسر زبائنه. الزبون وهو... اثنان يبحلقان ببعضهما البعض بعد انعكاس الصورة في المرآة العملاقة الواقفة أمامهما... الجالس منهما يمط رقبته باستسلام محير للآخر، والآخر يحمل الموسى أو المقص ويهوي به على رأس الرجل ويوغل فيه نتفاً... يقاتل الطبيعة التي تجعل الشعر ينمو، ويقاتل الموضة التي تتغير كل يوم ويعد كل أغنية جديدة لمراهق مغناج. هو فنان ... نحات تحديداً ، يعيد صياغة شكل الزبون ويرجع كشته الى عواملها الأولية بعد أن يقوم بتنسيقها حسب الطلب . كيف يمكن أن نتخيل أشكالنا لولا وجود هذا الرجل الذي نلقي عليه أوساخنا وشعرنا الزائد ونرجع أكثر نظافة ونظارة وشبابا. علينا أن نتذكر هذا كلما شعرنا بالتضايق من ثرثراته التي يقترفها بنية حسنة..... وقلب نظيف. (2) هو أقلهم راتباً وأكثرهم عملاً ، يصل موقع العمل قبل الجميع . ينظف المكاتب.. يفرغ سلال المهملات، يفتح الشبابيك... يجعل المكان مقبولا ومناسبا لاستقبال يوم جديد، ثم يجيء الموظفون. يدخلون الى مكاتبهم مرتاحين. يعرفهم واحدا واحدا، مذ جاءوا شبابا مرتبكين الى الدائرة، كانوا خجولين ومضطربين، لا يعرفون شيئا لكأنهم هبطوا للتو في كوكب آخر... يعرفهم منذ ذلك الزمن السحيق الى أن صاروا رؤساء أقسام يعرفون كل شيء. يخدم الجميع، وهذا واجبه، ولا يخدمه أحد، وهذا قدره. يكبرون أمام عينيه حتى يتقاعدوا.. وهو يتقاعد دون أن يكبر.. مجرد مراسل أو فراش أو آذن. لكنه يظل رغم ذلك أكثرهم معرفة بالدائرة وخفاياها والمستور والمخبور فيها، وما حصل وسوف يحصل ، هوالوحيد صاحب النظرة الشاملة الخبيرة بعالمه الصغير هذا. اذا غاب موظف أو أكثر، فإن الزملاء يحلون مكانهم بلا مشكلة، أما هو .. إن غاب ... فإن الجميع يستشعر الفراغ الذي يتركه. (3) الجميع يصفق له أو يشير إليه بالبنان، لا هو بالشاعر ولا الممثل، لكنهم يصفقون حتى يأتي لتلقي أوامرهم ويتحمل «ثقالة» دمهم وغلاستهم في الكثير من الأحيان.» الزبون دائما على حق» ... هكذا يقولون ، لكنه ليس صاحب المطعم.. هو فقط يتحمل اللوم والتقريع ومكمكات الزبائن وأخطاء الطباخين والقائمين على العمل .. إنه مجرد ممسحة زفر لا دخل له بالموضوع، لكن هذا عمله . يبدأ بالمماسح وينتهي بالمماسح، ينظف الطاولات التي يجلس عليها الرواد، ثم يجلب لهم ما يطلبون من طعام وشراب، ويظل على أهبة الخدمة حتى يطلبوا الفاتورة، حيث يحضرها لهم ويقوم بإيصال المال للمحاسبين أو لصاحب العمل، ثم يعود الى الطاولة، يجمع عنها الصحون و يمسحها وينظفها ويرتبها من جديد ويجهزها لاستقبال زبون جديد . راتبه محدود جدا، إذ أن صاحب المحل يعتبر البقشيش الذي قد يحصل عليه من الزبائن جزءا من راتبه، والزبائن يعتبرونه موظفا لا يستحق البقشيش، باستثناء بعضهم من كرماء النفس أو ممن يأنفون من وضع الفراطة المتبقية في جيوبهم. عمله مرهق جسديا ونفسيا، لكنه يحب الحياة إن استطاع إليها سبيلا!! يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©