دينا محمود (الاتحاد)
بعد يومٍ واحد من تأكيد وكالة «بلومبرج» الأميركية للأنباء، والمعنية بالشؤون الاقتصادية والمالية، انهيار الريال القطري أمام الدولار إلى أدنى مستوياته منذ نحو 30 عاماً، حذرت وسائل إعلام غربية من أنه كلما طال أمد الإجراءات الحازمة المفروضة بحق النظام الحاكم في الدوحة من جانب الدول العربية الداعمة لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات ومصر والبحرين)، ثارت التساؤلات حول وضع قطر كمركز اقتصادي إقليمي، بل وتراجعت جاذبيتها في أعين المستثمرين الأجانب.
وفي تقرير تحليلي مطول، قال موقع «ذا ماركت موجول» الاقتصادي البريطاني إن ما يحدث على هذا الصعيد يشكل «ضربةً قويةً لبلدٍ استثمر ملياراتٍ من الدولارات في (شراء) أصولٍ رئيسية؛ من فرق رياضية إلى عقارات فارهة، إلى رعاية فعاليات رفيعة المستوى».
وضرب التقرير - الذي أعده المحلل الاقتصادي المرموق ماثيو سُمرز - أمثلةً على الإنفاق القطري السفيه في هذا الشأن، عبر الإشارة إلى استحواذ جهاز قطر للاستثمار - وهو أحد صناديق الثروة السيادية في هذا البلد المنبوذ خليجياً وعربياً - على نادي باريس سان جيرمان الذي يلعب في دوري الدرجة الأولى الفرنسي لكرة القدم، وشراء النادي بعد ذلك للنجم البرازيلي نيمار بمبلغ يُقدر بـ 200 مليون دولار لـ«يُضاف هذا النجم إلى محفظة أصول فرنسية تشمل فنادق.. وحصصاً في شركات كبرى».
لكن يبدو أن كل هذه الأموال لم تكفِ لضمان مستقبل اقتصادي آمن لقطر، فكما يقول التقرير؛ باتت آفاق النمو في هذا البلد «على المحك.. في حقبة تتراجع فيها بشكلٍ حاد أسعار مواردها الرئيسية من الدخل، وهي النفط والغاز الطبيعي، وهو ما أجبر الحكومة (القطرية) على البحث عن سبلٍ مختلفة لملء خزائنها».
وأبرز سُمرز حقيقة أن قرار الدوحة بضخ استثمارات كبيرة لشراء سلسلة من الأصول البارزة والمهمة على مستوى العالم، شكّل جزءاً رئيسياً من «محاولاتٍ محسوبة لتعزيز صورة البلاد على الساحة الدولية، وصرف الأنظار عن الاتهامات الموجهة إليها باستمرار، بأنها تمول الجماعات المتطرفة»، وهي اتهاماتٌ، يؤكد الكاتب أنها لا تفيد كثيراً في دعم الجهود الرامية لاجتذاب المستثمرين.
ولفت تقرير الموقع - المعني بمتابعة الشؤون الدولية، خاصة الاقتصادية منها - الانتباه إلى المحاولات القطرية المستميتة لشراء النفوذ السياسي عبر إنفاق الأموال بشكلٍ محموم، وقال في هذا الصدد إن «الطبيعة المُسرفة والمُبذرة للاستثمارات القطرية - في فترة تشهد تراجعاً في عائدات مصادر الطاقة - تثير شكوكاً حول مدى حجم محاولات الحكومة (في الدوحة) لكسب نفوذٍ سياسيٍ في بلدانٍ أوروبية، مثل فرنسا التي تتركز فيها معظم استثماراتها في الخارج».
وشدد سُمرز على أن قطر «ستُجبر قريباً» - وفي كل الأحوال - على إجراء مراجعة واسعة النطاق لـ«تكتيكاتها الاستثمارية العدوانية، وكذلك - وبشكل أوسع نطاقاً - لمحاولاتها لوضع نفسها (في مكانة مرموقة) على الصعيد الدولي، وذلك بالنظر إلى التأثير الاقتصادي الهائل للمقاطعة» المفروضة على نظامها الحاكم من قبل «الرباعي العربي المناوئ للإرهاب».
عدد اليوم
