الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الصين تنفض غبار الشيوعية

9 يونيو 2006

إعداد - عدنان عضيمة:
لا تزال ظاهرة النمو الصاروخي ذي السرعة العجيبة للاقتصاد الصيني تثير الكثير من تساؤلات الخبراء والمحللين· وكانت الصين سجلت خلال العام الماضي نمواً اقتصادياً قياسياً بلغ 9,5 بالمئة فيما بلغ حجم ناتجها القومي الإجمالي 2,225 تريليون دولار· ويعد هذا النمو الأسرع في العالم على الإطلاق· ويكون علينا أن نتذكر قبل كل شيء أن كبار المحللين كانوا قبل عشر سنوات فحسب يراهنون على سقوط وشيك للصين في مستنقع المجاعات والتوترات السياسية الداخلية والتفسّخ الاجتماعي والاقتصادي، ولكنهم باتوا منبهرين الآن بمشهد معاكس تماماً بعد أن أصبح اقتصاد الصين مارداً ضخماً يمكن أن يضاف إلى سورها العظيم كواحد من عجائب الدنيا· وأصبحت وسائل الإعلام المختلفة تتنـــــــاول هذه الظاهرة الآن بالكثير من الدرس والتحليل؛ ومن ذلك مثلاً ما جاء في تقرير نشرته المحللة الاقتصادية جين ماكارتني في صحيفة 'ذي تايمز' استهلّته بالإشارة إلى أن زعماء الحزب الشيوعي الصيني بدأوا بإظهار ميولهم القوية لصرف النظر عن التعاليم الشيوعية والاشتراكية، وليعلنوا بسلوكاتهم على الأقل عن مباركتهم للتعاليم الرأسمالية·
ويشير التقرير إلى أن الجدل الداخلي المتزايد الذي يدور الآن بين دعاة الإصلاح الاقتصادي واليساريين الجدد، بدأ يوحي بشكل قوي برجحان الكفّة لصالح الإصلاحيين· ويمكن لأي إنسان غير مصاب بقصر النظر الإدراكي أن يتلمّس هذه الحقيقة من مجرّد القيام بجولة قصيرة في أحياء شنغهاي الراقية· ووصل أمر هذا التحول الكبير حتى إلى 'صحيفة الشعب' اليومية التي تعدّ الصحيفة الرسمية الناطقة باسم الحزب الشيوعي الصيني الذي يحكم البلاد بقوة وصلابة منذ عام ،1949 والتي قالت في افتتاحية نشرتها قبل أيام بصريح العبارة بأنه ما من أحد على الإطلاق يمكنه أن يقف في وجه حركة الإصلاح الاقتصادي·
وما من ثمة شك في أن القرار بنشر مثل هذه الافتتاحية، وفي هذه الصحيفة بالذات التي تحرص على التعبير عن السياسات الرسمية للدولة، لا بد أن يكون قد صدر عن أعلى سلطة سياسية في الصين المتمثلة في شخص الرئيس هيو جينتاو، وبمباركته الشخصية· وبالرغم من أن الافتتاحية تحدثت عن أهمية القضايا التي يطرحها غلاة اليساريين الصينيين وضرورة أخذها بعين الاعتبار، ومن بينها الحديث عن الفجوة التي تزداد اتساعاً بين الأغنياء والفقراء، إلا أن في وسع المرء أن يخرج منها بانطباع صريح يفيد بأن أية معارضة لحركة الإصلاح الاقتصادي سيكون مآلها الفشل الأكيد· وربما كان الدافع الأساسي الذي أوحى للرئيس جينتاو بضرورة نشر مثل هذه الافتتاحية هو الوفاء بالعهود التي قطعتها الدولة على نفسها بتبنّي سلسلة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية في البلاد عقب الأحداث الدموية التي شهدتها ساحة تيانانمين في بكين عام ·1989 ولا شك أن لهذه الحركة الإصلاحية الواسعة التي ارتقت باقتصاد الصين إلى مستوى اقتصادات العمالقة خلال هذه الفترة الوجيزة، وجهها الآخر· وتشير جين ماكارتني في تقريرها إلى أن عشرات الملايين من الصينيين بمن فيهم فلاحو المناطق الريفية والعمال من ذوي الياقات الزرقاء الذين هجروا قراهم إلى المدن، وفئة العاطلين عن العمل، أصبحوا جميعاً من الناقمين على السياسة الاقتصادية الجديدة التي تتبناها الدولة والتي قذفت ببضعة ملايين الصينيين إلى مراتب الغنى الفاحش وأبقت على مئات الملايين تحت خط الفقر· وكان من الطبيعي أن تؤدي هذه الظروف إلى ظهور شريحة المتحسّرين على عهد زعيم الحزب الشيوعي الصيني الراحل ماو تسي تونج حين كان الجميع سواسية عند خطّ موحّد للفقر المدقع!!·
ويقول أحد المحللين الصينيين في معرض حديثه حول هذا الجدل: 'لا شك أن أهم حقيقة توصل إليها الصينيون خلال السنوات الثماني والعشرين الماضية هي التي تفيد بأن الإصلاح هو الطريق الوحيد لتحقيق التطور والرخاء الاقتصادي· ولولا الإصلاح لما تمكنت الصين من تحقيق أي تطور، ولما كان في وسعها الحفاظ على المنجزات التي تم تحقيقها من قبل'·
-------------------
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©