الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كأس العالم ينتصر لقيم الروح الرياضية بين اللاعبين

كأس العالم ينتصر لقيم الروح الرياضية بين اللاعبين
13 يوليو 2014 01:14
مراد المصري (دبي) ربما تكون النسخة العشرون هي الأجمل والأكثر متعة على مر تاريخ نهائيات كأس العالم، وتنافس نظيراتها على صعيد تدني نسبة البطاقات الملونة وارتفاع المعدل التهديفي، لكن الأمر الأكيد بالفعل أن مونديال البرازيل أعاد للساحة المحلية ذكريات كرة القدم «الجميلة»، التي كان الجميع يتغنى بها، عندما كانت الروح الرياضية هي السائدة فور إطلاق الحكم لصافرة النهاية أو حينما لم تكن قوات الأمن تفصل بين جماهير الفريقين، وتجدهم على اختلاف انتماءاتهم يعشقون الوجود بالمدرجات معا دون فوارق أو وجود أمني، أو حساسيات، فالكل جاء للمتعة بغض النظر عن الألوان التي يرتديها اللاعبون على أرضية الملعب. وخطفت لقطة البرازيلي ديفيد لويز أثناء مواساته للكولومبي جيمس رودريجيز، أنظار عشاق اللعبة، بعدما أبدى النجم البرازيلي تعاطفاً كبيراً مع الهداف الكولومبي، وطالب الجماهير بتحيته على الأداء الكبير، الذي قدمه خلال المونديال بعدما سجل 6 أهداف قادت فريقه إلى الدور ربع النهائي، وبينما تساقطت دموع رودريجيز أخبره لويز إنه لاعب جيد يستحق الاحترام والتقدير. كما تصدر مشهد الألماني باستيان شفاينشتايجر بعد عناقه للبرتغالي كريسيتانو رونالدو، الذي كان يبكي الخسارة الكبيرة برباعية نظيفة، وذلك بعد مواجهة بين المنتخبين بشكل عام، وبعد موسم حافل تنافس خلاله فريقاهما بايرن ميونخ، وريال مدريد على زعامة الكرة الأوروبية، لكنهما وضعا هذه المنافسة جانبا للتأكيد على أن الصراع ينتهي بعد إطلاق الحكم صافرة الحكم. فيما لفت الانتباه قيام مدربي المنتخبات بتبادل التهاني على الفور بعد انتهاء اللقاء، مع وجود أحاديث جانبية بين اللاعبين من الفريقين، رغم أن المباراة يرافقها حالات تحكيمية مثيرة للجدل، لكن هذا الأمر لا يعنيهم بقدر ما يحرصون على نقل صورة راسخة في أذهان الحضور خصوصا الأطفال منهم. ووسط هذه المشاهد، تأتي الاحتفالات المتواصلة للجماهير على أرض البرازيل التي يبدو أنها سحرتهم بـ «تعويذة» الرقص والغناء، التي تشتهر بها بلاد السامبا، فغابت تقريباً الأخبار حول العنف أو المشاجرات بين الجماهير، في حين كان يتواجد الجمهور على مختلف ميوله في المدرجات جنبا إلى جنب، وقد تجسد هذا الأمر بالاحتفالات المشتركة للجماهير البرازيلية والألماني بعد الصعود إلى الدور نصف النهائي. وبرغم أن المواجهة بالدور نصف النهائي جمعت بين البرازيل وألمانيا، فإن هذا الأمر لم يمنع جماهيرهما من الاحتفال معاً في أجواء مثالية بعد ضمان تأهلهما، دون التفات أو توعد مبالغ فيه كما هي عادة المشجعين المتعصبين لفرقهم، في الوقت الذي جسَّد فيه مشجعو البرازيل معنى الوفاء بعدما تمسكوا بأماكنهم في المدرجات رغم الخسارة الكارثية بنتيجة كبيرة كانت كافية برؤية المقاعد خالية، لكن رغم ذلك بقوا، وساندوا فريقهم حتى صافرة النهاية، فيما احتفل عدد منهم حينما سجل أوسكار هدفاً شرفياً، وذلك وسط احترام كبير من لاعبي ألمانيا، الذين رفضوا المبالغة باحتفالهم عند التسجيل في الشوط الثاني، احتراماً لشعب بأكمله وجماهير امتلأت بهم المدرجات خلال اللقاء، بما يجسد أهمية اللعب بروح رياضية واحترام للخصم دون مبالغة بالتقليل من شأنه مهما كانت الظروف. ويؤكد المونديالي علي ثاني نجم الجيل الذهبي للكرة الإماراتية، أن نسخة نهائيات كأس العالم بالبرازيل قدمت للعالم صورة رائعة تدرس حول كيفية التشجيع المثالي لكرة القدم، وكيفية تعامل النجوم واللاعبين مع بعضهم البعض في الملعب وخارجه، وأيضا كيفية تقبل الخسارة باعتبارها ضرورة أساسية من ضروريات اللعبة لأنه من اللازم أن يكون هناك فائز، وآخر خاسر، وقال علي ثاني: حضرت جانباً من منافسات المونديال في البرازيل، وحضرت العديد من المباريات وعشت أجمل الأيام على شواطئ الكوباكابانا التي تعد الملتقى الأكبر للجماهير، وأشهد بأن التنظيم كان مثاليا، والخدمات التي وفرتها اللجنة المنظمة بالبرازيل ساهمت بشكل كبير في الحد من الاحتقان الجماهيري، حيث تفرغ الحضور لمتابعة المباريات والاحتفال بالشوارع بعيداً عن التعصب الأعمى. وتابع: «الجماهير البرازيلية مثال يحتذى بالروح الرياضية، كانوا دائماً حريصين عل إتاحة المجال لبقية الجماهير لمتابعة مباريات منتخباتها بالأماكن المخصصة بالمناطق العامة، رغم أن موقع الجماهير يتسع لنحو 200 ألف مشجع عند الكوباكابانا فإنهم كانوا ينسحبون ويتيحون الفرصة للجماهير الأخرى، في الوقت الذي لم أشهد فيه أغاني متعصبة أو هتافات معادية لدولة معنية، كما وجدت جنسيات متعددة على اختلاف عشقها للمنتخبات». وأوضح: «انضباط اللاعبين على أرضية الملعب، وتفرغهم للعب الهجومي أسهم بشكل مباشر في عدم إشغال الجماهير بهذه الأمور، من خلال التركيز على كرة القدم فقط». وأشار علي ثاني، إلى أن كرة القدم الإماراتية عاشت سنوات جميلة بالماضي حينما كانت تتواجد أعداد كبيرة من المشجعين تتواجد على المدرجات، ومنهم من يحرص على زيارة اللاعبين بالمنزل لتشجيعهم، في وقت كان الأداء والتنافس الحماسي بين اللاعبين ينطلق من «حب اللعبة»، بعيدا عن التعصب الأعمى، وقال: «للأسف بات هناك حالة من التعصب والشحن المبالغ فيه بين الجماهير، الغاية الأساسية الاستمتاع باللعبة، وبالطبع التنافس لتحقيق الفوز لكن دون أن يصل الأمر إلى هذه الحالة التي تحولت من خلالها لعبة الكرة إلى أداة تصب فئة من خلالها غضبها وعاداتها السيئة داخل مجتمعنا المحافظ والملتزم بطبعه». وختم: «لاعبو كرة القدم سابقاً قدموا الكثير من التضحيات، وكانوا دائما يسعون لتقديم لعبة تستمتع بها الجماهير، بعيدا عن العادات السيئة التي نشاهدها حاليا، أتمنى أن تعود مدرجاتنا وملاعبنا إلى تلك الأيام الجميلة التي استمتعنا فيها بلعبة كبرنا معها ووصلنا من خلالها إلى نهائيات كأس العالم سابقاً». وكشف الدكتور الأميركي جيفري جيمس، المختص بدراسة سلوك الجماهير، أن التعصب الزائد الذي يصل إليه الجماهير ينبع بسبب سلوكيات خاطئة نشأوا عليها في صغرهم، وقال: «عندما تصل الأمور إلى وجود حالات شحن زائد وعنف سواء لفظياً أو بدنياً أو غيره بين الجماهير، فإن هذا يعود إلى أن هناك أجيالا متعاقبة أهملت في تربية أبنائهم علي مبدأ الروح الرياضية، ودائماً تبدأ المشكلة من اللاعب في الملعب، ثم تصل للجمهور فتثير حفيظته، وتقوم وسائل الإعلام بصب الزيت علي النار لتشتعل المواجهات. وأضاف: «الطفل بين عمر 7 و9 سنوات، يكون في حالة تكوين سلوكيات وبداية الطريق ليصبح مشجعاً رياضياً، الأمر يبدأ عبر اختيار لعبة يفضلها، ثم يختار فريق وصولاً إلى رياضي معين في بعض الحالات، ومن هنا يبدأ بالتعلق بهذا الفريق، لكن المشكلة تصبح عندما يتطلع فقط لتحقيق الفوز وتتحول متابعة اللعبة لغاية إشباع غاية شخصية والتفوق على الأقران عبر هذه الأداة التي هي فريق كرة القدم في هذه الحالة، وهذا أمر يولد حالة من التغيير على سلوكيات الجماهير نشهدها حالياً». وتابع: «هناك عدة عوامل تؤثر على الجماهير ربما تكون وسائل الإعلام واحدة منها، لكن الأمر بات بين أيديهم حالياً مع وسائل التواصل الاجتماعي، التي باتت ساحة للاحتفال بالفوز والتعبير عن عشق فريق معين، وهذا أدى لحصول توتر مبالغ فيه قبل أو بعد المباريات، غير من مجرى الرياضة بشكل عام، حيث تناست أعداد كبيرة من الجماهير ماهية الرياضة بشكل عام، التشجيع والحماس أمر مطلوب خصوصاً أن تحقيق الفوز يرفع من معدل «التستيرون» داخل الجسم وهو أمر صحي، لكن أن يتحول الأمر إلى غضب وحالة توتر تؤدي إلى حصول أمراض بنهاية المطاف فهو أمر يجب معالجته والتخلص منه».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©