الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مع استعداد الطلاب لعام دراسي جديد.. الأسرة.. جسر العبور للنبوغ والتفوق

مع استعداد الطلاب لعام دراسي جديد.. الأسرة.. جسر العبور للنبوغ والتفوق
31 أغسطس 2018 00:57

أحمد السعداوي (أبوظبي)

مع العودة إلى المدارس، وبدء سنة دراسية جديدة، يظهر الدور المحوري للأسرة في تهيئة بيئة مناسبة لأبنائها داخل جدران المنزل، تكفل لهم السير على دروب النجاح والتفوق، والوصول إلى الأهداف التي وضعها الطلبة وأولياء أمورهم نصب أعينهم، ما يتطلب جهداً لافتاً من أولياء الأمور في الإعداد لهذه المرحلة المهمة من حياة الطلاب، من حيث المساعدة في ترتيب الوقت وإعادة تنظيم ساعات اليوم بين الدراسة والراحة، واللعب بعد انتهاء الموسم الصيفي، وكذا العمل على توفير كافة الاحتياجات والمستلزمات المدرسية قبل الدراسة بفترة كافية، بحسب ما قال أولياء أمور لـ«الاتحاد»، مؤكدين أهمية المتابعة المستمرة لأداء الأبناء الدراسي من أجل تدعيم النواحي الإيجابية ومعالجة أوجه القصور، بما يجعل طريق النجاح الدراسي ممهداً وخالياً من العوائق قدر الإمكان.

يقول أحمد سالم، مدير العلاقات العامة بإحدى الشركات بأبوظبي، وولي أمر لـ 4 أبناء في مراحل التعليم المختلفة، الذي التقيناه خلال شرائه مجموعة من المستلزمات الدراسية، إن إدراك أولياء الأمور لأهمية دورهم في تهيئة البيئة النفسية والاجتماعية داخل المنزل، يعتبر أول عوامل النجاح الدراسي لأبنائنا الطلاب على اختلاف مستوياتهم في التحصيل، ويجب أن يبدأ الاستعداد للموسم الدراسي بفترة لا تقل عن أسبوعين، أو عشرة أيام على الأقل، حتى يكون هناك متسع من الوقت لتحضير كل احتياجات المدرسة، من كتب ودفاتر وملابس، وعدم تأخير ذلك إلى ما قبل الدراسة بيوم أو يومين، لأننا قد لا نجد ما نريده من أدوات ومستلزمات.
كما أن الهم الأكبر في هذه الفترة الحيوية من العام الدراسي، على حد قول سالم، يتمثل في إعادة تنظيم وقت الطلاب، خاصة في الأسبوع الأول من الدراسة، بجعلهم يعتادون على النوم مبكراً بعد تأدية صلاة العشاء مباشرة، وهو ما يجب التعويد عليه قبل انطلاق العام الدراسي حتى تنتظم الساعة البيولوجية لأبنائنا الطلاب، وتتواكب مع الاستيقاظ المبكر للانتظام في مواعيد المدرسة بأكبر قدر من التركيز، ومن الطبيعي أن يواجه ولي الأمر صعوبة في ذلك، ولكنه يتغلب عليها بالصبر والحكمة وشرح أهمية تنظيم الوقت، فتبدأ استجابة الأبناء تدريجياً، وهذا بحد ذاته يجنبنا مشاكل لاحقة قد تؤثر سلباً على التحصيل الدراسي، عبر الاستيقاظ المتأخر، والشعور بالنعاس في الحصص المدرسية الأولى.
وشدد سالم على انتباه أولياء الأمور والطلبة بذات القدر لأهمية فترة بداية العام الدراسي، التي تعقب الصيف، بما فيه من سهر وخروج وتنزهات، وإذا استطعنا تطويع هذه المسألة، فسيمر العام الدراسي بهدوء ونجاح، ويحقق الطالب أعلى قدر من النجاح والتفوق.

عد تنازلي
في حين يذكر فيصل العامري، ولي أمر لأربع طالبات في مراحل التعليم المختلفة، أنه مع اقترب موعد العام الدراسي الجديد، بدأت بالتعاون مع والدتهم لتهيئة بناتي لتعديل جدول النوم لديهن، فبعد إجازة طويلة وسهر ولعب بلا حدود حان موعد تعديل الجدول والنوم المبكر، حيث بدأت قبل أسبوع بتوصيتهن على شد الهمة لنيل أعلى الدرجات والالتزام بالنظام واحترام المدرسات والإدارة، وبدأنا تفصيل «المريول» وشراء الكتب و«الشنط» والأحذية والدفاتر والأقلام، وقد فرحت البنات بمشترياتهن، وأبدين حماسهن للكد والعمل والدراسة والاجتهاد، في ظل متابعة مستمرة من المنزل حتى يتحقق لهن ما يحلمن به من تفوق دراسي، يعتمد بالأساس على التهيئة النفسية والاجتماعية داخل المنزل باعتبار ذلك أهم عوامل النجاح والتوازن والاستقرار النفسي للأبناء خلال مراحلهن التعليمية كافة.

الاستعداد مبكراً
أما ميساء البدواوي، موظفة في إحدى الدوائر الحكومية، وأم لثلاث أطفال (شيخة 12 سنة، خليفة 10 سنوات، خالد 8 سنوات)، فقالت من جانبها: «بدأت مع أطفالي الاستعداد للعام الجديد مبكراً، وأول ما قمت بتغييره أوقات النوم، ومن ثم محاولة شغل وقت الفراغ بما ينمي القدرات الذهنية ليكونوا مستعدين لبداية دراسية مشرقة، وبما أنني أعمل لا أكون موجودة في الفترة الصباحية، ولكن وضعت لهم جدولاً، وألصقته في قاعة الجلوس، تحفيزاً لهم، وقسمت ذلك الجدول للأعمال المطلوبة ومنها: النهوض مبكرا، أداء الصلاة في وقتها، ترتيب الغرفة، القيام بأي عمل مبدع، مثل رسم لوحة أو طبخ أكلة بسيطة، أو إنجاز عمل يدوي بسيط.
وفي النهاية، أعطي لكل منهم درجة، وهناك هدية تنتظر من تقوم بجمع أكبر النقاط».
ولفتت البدواوي إلى أنها بدأت الفكرة معهم من نحو ثلاثة أسابيع، وبذلك عملت على تهيئتهم نفسياً للعودة للمدرسة، بالإضافة إلى تخصيص يوم للذهاب لاقتناء مستلزمات المدرسة، من زي مدرسي وقرطاسية، ليكتمل الاستعداد داخل البيت مع المستلزمات الخارجية، لانطلاق موسم دراسي ناجح بإذن الله.

ثلاث مراحل
الاستشاري الأسري والاجتماعي، عيسى المسكري، يقول إن قدرة الأسرة على تهيئة الأجواء المناسبة لموسم دراسي ناجح يعتمد على ثلاث مراحل أساسية: وهي الاستعداد النفسي، ونقصد منه بث روح التفاؤل واليقظة وصناعة فرحة العودة للمدارس، وإشعار الأبناء وكأنهم يعودون إلى تلك الجنة أو الروضة الخضراء، وكذلك تذكيرهم بالجوانب الإيجابية للمدرسة، مثل الأنشطة الترفيهية، والأنشطة الرياضية والصحبة الاجتماعية الهادفة، بالعودة إلى رؤية الأصحاب الذين فارقناهم، مع إقناعهم أن المدرسة حيوية ونشاط ومحبة، حيث إن بث هذه الرسائل الإيجابية لدى الأبناء يجنبهم أي رسائل سلبية مرتبطة بالدراسة، مثل تلك التي نشاهدها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي الوقت ذاته، تجنب تعظيم الإجازة والراحة والكسل والإنتاج والإبداع، وعدم ربط العمل بالكآبة والحزن والمشقة، وهو ما قد يصنعه بعض الآباء والأمهات دون قصد منهم.
وهناك استعداد تربوي يتمثل في اليقظة باكراً، وترتيب الأولويات مع إعطاء الأهمية لأداء المهام الدراسية أولاً بأول، وتنظيم الجدول الدراسي، واحترام معلم الصف، واتباع تعليمات الإدارة المدرسية، والتعاون مع الزملاء، وهي جميعاً جوانب تربوية يتعلم من خلالها الطالب الأدب والأخلاق والقيم التي تصنع منه في النهاية شخصية ناجحة علمياً وعملياً.
وهناك الاستعداد المالي، ويتضمن الرسوم والمستلزمات الدراسية والزي المدرسي، والمواصلات، وغيرها من الأمور المادية التي إذا قمنا بها مسبقاً لم يشعر الآباء وبالتالي الأبناء بأن الدراسة عبء عليهم، بل خطوة جديدة على طريق النجاح في حياة الطالب.

«اصعد القمم»
بحسب عيسى المسكري، الاستشاري الأسري والاجتماعي، فنحن نحتاج إلى تحفيز الأبناء من الناحية المعنوية والمادية، إذا رأيناه مجتهداً حفزناه، وإذا كان متكاسلاً أو متراجعاً عالجنا الخلل، وهذا يتطلب المراجعة والمراقبة والتقييم، وأن لا نترك الأمر يسير في الدراسة من دون متابعة، حتى نتأكد من أنه قادر على الوصول لحصيلة علمية صحيحة ومتميزة، فمثلاً الطالب قد يحصل على 95% في اللغة العربية، لكنه لا يجيد القراءة ولا الكتابة معناه أن ذلك ليس مستواه الحقيقي، وعلى ولي الأمر المسارعة لعلاج هذا الخلل، مع وضع الصورة الذهنية للابن في كل مرحلة تعليمية يلتحق بها، لـتتضح الأهداف الواجب الوصول إليها من حيث المجاميع المرتفعة، والتحصيل الدراسي المتفوق في نهاية كل مرحلة، ثم وضع الخطة التشغيلية التي تبدأ بمجرد العودة للمنزل بأن يبدأ الطالب تنظيم وقته بين الواجب واللعب والراحة، وعلى ولي الأمر أن يسأل الابن ماذا يتمنى أن يكون؟ ثم يساعده على وضع خطة واتباعها من أجل الوصول إلى ذلك الهدف.
ويحدد المسكري قاعدتين أولاهما، أن «الهمة في البداية والعبرة في النهاية» وهو مبدأ أساسي يجب أن يغرسه الوالد في ابنه منذ مراحله العمرية الأولى، والثانية، هي «اصعد القمم بثباتك على القيم»، بمعنى أن خطوتك الآن الثابتة والصحيحة هي التي تجعلك تنطلق في حياتك وتصعد بقوة لطريق النجاح، كما يجب أن يتحلى الوالدان بالصبر والحكمة، خلال كل مراحل التربية والتعليم، لأنهما العنصر الأكثر تأثيراً في حياة كل طالب.

البيئة المنزلية
تقول سارة الزيدي، مدربة في علم تطوير الذات، إن عملية الاستعداد لتهيئة البيئة المنزلية للأبناء، عملية ممتدة منذ أول سنوات الزواج عبر التوافق والتفاهم بين الزوجين الذي يصنع أجواء الألفة والرحمة في البيت، غير أن هذا التوافق يجب أن يكون في أعلى مستوياته في الأوقات المهمة من حياة الأبناء ومنها بدايات المواسم الدراسية، لأنها تسهم في صناعة شخصية الابن، وتجعل منه إنساناً ناجحاً أو العكس لا قدر الله، ولذلك يجب أن يحرص الوالدان على تهيئة الأجواء المناسبة داخل البيت مع مدخل العام الدراسي، وكذلك مراعاة مستوى وقدرات الأبناء وعدم الضغط عليهم لرفع مستوى التحصيل الدراسي، فغالباً ما يكون ذلك مدفوعاً من الذات المزيفة بداخلنا، التي تطالبنا بشكل لا واع بأن يكون ابننا الأفضل، وهذا يضع الابن تحت ضغط لإرضاء الآخرين على حساب نفسيته، كما أن ذلك يصنع مسافة بينه وبين ما يريد هو، لا ما يريد الآخرون منه. هذا التصرف التربوي غير جيد لأنه يجعل الشخص يفقد الاتصال بذاته وهذه مشكلة لها تبعات سيئة.
وتابعت الزيدي: نحن كآباء وأمهات وأولياء أمور، علينا إرشاد أبنائنا لا لنتحكم بهم، بل لنعينهم ولنساعدهم ولنكون معهم عندما يحتاجون وجودنا ودعمنا وتشجيعنا، وليس لنرسم ونحدد أو نقيد الطريق الذي نراه الأفضل لهم. ما نراه الأفضل لهم هو غالباً أمر كنا نحن نريد تحقيقه في مرحلة ما ولم يحصل، فنرغب بإكمال دائرة الإنجاز من خلالهم وهذا غير صحيح. نحن هنا لنساعدهم على تخطي مراحلهم الدراسية بلطف، لنراقب نقاط القوة في شخصياتهم ونكون حبل الوصل بين مهاراتهم ومواهبهم والأنشطة المعينة لرفع قوة إضاءتها في قلوبهم، وبالتالي خدمتهم لأنفسهم وأهلهم ووطنهم.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©