السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جريمة عابرة للحدود

جريمة عابرة للحدود
23 سبتمبر 2010 20:48
العمليات السابقة كانت ناجحة وجاءت ثمارها كما كانوا يخططون والحصيلة خمسة ملايين دولار من ثلاث دول عربية، حيث يبدأ أعضاء المافيا الدولية الأصدقاء الثلاثة رحلتهم من بلدهم بأوروبا الشرقية الإعداد لمرحلة الثراء من أقصر الطرق رغم أنها محفوفة بالمخاطر إلا انهم درسوها ووضعوا الخطط بعناية وأول الاستعدادات هو الدخول إلى المواقع المصرفية والبنكية على الشبكة العنكبوتية والتوصل إلى أرقام بطاقات الائتمان وكيفية تسلسل الأرقام حسب التعاملات الدولية ثم استخراج بطاقات مزورة لكنها تحمل خصائص السليمة ويحتفظون بها بلا وضع أرقام ولكي تتم العملية يجب أن يكون هناك رقم حساب صحيح في البنك يتم من خلاله التوصل إلى الرصيد ثم السحب عن طريق ماكينات الصرف الآلي التي أصبحت منتشرة في جميع الدول وقصد الأصدقاء الثلاثة في اول وجهة لهم إحدى الدول العربية وحصلوا على تأشيرة سياحة لمدة أسبوع وهم رجلان وسيدة لا يثيرون أي شكوك ويتصرفون بشكل طبيعي حيث يقومون بوضع كاميرا متناهية الصغر أعلى ماكينات الصرف تلتقط رقم الحساب لأي عميل ورقمه السري وتسجله آليا وبعدها يقومون بتفريغ بيانات العملاء التي تسجلها الكاميرا ثم يستخدمون البطاقات التي أعدوها سلفا بعد تغذيتها عن طريق الكمبيوتر بالبيانات واستخدام الأرقام التي سجلتها الكاميرا ويسحبون كل ما في الحساب من رصيد، وهكذا تنقلوا بين ثلاث دول عربية وحصلوا على ملايين الدولارات بهذه الطريقة وحتى لا ينكشف أمرهم يكتفون بإجراء عملية واحدة في كل مصرف وعمليات معدودة في الدولة الواحدة وعندما يستولون على مبلغ معقول يزيد على المليون يحجزون تذكرة العودة إلى بلادهم عائدين بالغنيمة الكبرى والصيد السهل الثمين. الأموال الكثيرة الغزيرة أعمت عيونهم فاتفقوا على هدف واحد وقول واحد وهو هل من مزيد؟ فلا احد مهما كثرت أمواله وتضخمت ثروته وكنوزه يصل إلى حد الشبع ولا يقول أبدا كفى وهؤلاء انفتحت شهيتهم للأموال الحرام التي تنساب غزيرة بين ايديهم بكل بساطة ويسر فقرروا الاستمرار في طريقهم ولكن مع الحذر الشديد واتخاذ كافة تدابير الحيطة وأهمها أن يقع اختيارهم على بلد جديد لم تطأه أقدامهم من قبل ولم تقع فيه مثل هذه الجرائم وليست هناك وسائل لكشف ألاعيبهم وقرروا أن تكون مصر هي وجهتهم هذه المرة، وتوجهوا إلى احدى شركات السياحة في بلدهم والتي تنظم رحلات إلى الشرق الأوسط ودققوا في اختيار برنامج سياحي متنوع فهم في النهاية لن يدفعوا شيئا من جيوبهم. وانطلقت بهم الطائرة وهم يمنون انفسهم بصيد كبير هذه المرة قد يساوي كل ما جمعوه في المرات السابقة حيث توجد هنا مئات ماكينات الصرف الآلي أمام البنوك وفي الأندية والشوارع والتجمعات وكانوا يحلمون بنتيجة مذهلة وهم يضعون ايديهم ويشيرون بأصابعهم إلى مواضع المصارف والميادين الرئيسية على الخريطة التي قدمتها لهم شركة السياحة كخدمة لهم ولتكن دليلا في تنقلاتهم وفور وصولهم لم يضيعوا وقتا بل في نفس اللحظة التي وضعوا فيها حقائبهم واستقروا في غرفهم بالفندق خرجوا لمعاينة مواقع أهدافهم وكانوا متعجلين لمعرفتها لكنهم لم يكونوا متعجلين للتنفيذ لأن ذلك سيكون اخر ما يفعلونه قبل السفر حتى لا يتم كشف جريمتهم وسقوطهم وعادوا من المعاينة سعداء فالماكينات متوفرة وكثيرة وبعضها لا توجد عليه ولا حوله حراسات. قضوا ثلاثة أيام بين الآثار والمزارات التاريخية المبهرة فلم يفتهم انهم لابد أولا أن يستمتعوا برحلتهم وثانيا الالتزام بالبرنامج حتى لا تلتفت اليهم الأنظار أو يشعر احد بشيء من تحركاتهم واتخذوا قرارهم بتحديد ساعة الصفر بعدما حجزوا مقاعد على الطائرة التي ستغادر في السادسة صباحا وتحركوا نحو الماكينة الأولى وخلال لحظات كانت بحوزتهم البيانات التي يريدون الحصول عليها ومن خلالها الانطلاق للتنفيذ وجني ثمار الرحلة ولكن لأن اللص دائما يدعو بتصرفاته إلى الريبة فقد كانت عيونهم تدور في كل اتجاه يراقبون المارة ويعتقدون ان كل شخص يراقبهم ويعرف حقيقتهم، ولم يكن صعبا على الشرطي الواقف على بعد عدة أمتار أن يتسرب الشك إليه وهو مكلف بحراسة المصرف وخاصة الماكينة لكنه لا يستطيع أن يتأكد من صحة شكوكه إلا إذا اقترنت بحقائق وأدلة وكان المشهد يدل على ذلك، اقترب منهم لكن قبل أن يصل اليهم انهوا العملية وتركوا المكان مسرعي الخطى فاعتقد انهم انجزوا العملية أو تراجعوا عنها. مرت ثلاث ساعات وأشارت عقارب الساعة إلى الواحدة بعد منتصف الليل ساد الهدوء المكان والمارة قليلون والسيارات لا وجود لها وعاد الثلاثة إلى هدفهم والريبة نفسها فوق رؤوسهم وبدأوا التعامل مع الماكينة لكن الشك ملأ صدر الشرطي ولا يريد أن يضيع وقتا ولا أن يفلت الجناة بالغنيمة وهي في النهاية مسؤوليته فقرر أن يتوجه اليهم بحجة ذكية، قرر أن يسألهم إن كانوا يريدون أي مساعدة خاصة وان ملامحهم الأوروبية واضحة إذ لا عيب ولا حرج إذا كان هدفه نبيلا وهو يعرض مساعدته وخدماته على ضيوف في بلده وسار نحوهم الهوينى غير انهم عندما تأكدوا انه قادم نحوهم تسارعت حركاتهم وتراطنوا بلغة بلدهم غير المعروفة، وفهم هو بعد ذلك انها تحذيرات من قدومه وبضرورة الهروب كان على بعد خطوات منهم استشعروا الخطر لابد ان يهربوا فورا جرى الرجلان احدهما يمينا والاخر يسارا بينما كانت المرأة تحمل حقيبة صغيرة بها النقود لم تتمكن مثلهما من الاختفاء في الظلام امسك بها الشرطي واقتادها إلى قسم الشرطة لتتكشف الحقيقة الكاملة. جلست المرأة هادئة لا يبدو عليها الخوف ولا الرعب كأنها لم تفعل شيئا أو جيء بها للضيافة فأمثال هؤلاء لا ترتجف قلوبهم ولا تهتز أحاسيسهم من المواقف الصعبة واعترفت بكل تفاصيل جرائم عصابتها الدولية وان شريكيها سيغادران الآن إن لم يكونا قد غادرا بالفعل وفي دقائق معدودة وفي مشهد اقرب إلى الدراما السينمائية جرت الاتصالات على أعلى مستويات الأجهزة الأمنية تحمل بيانات الشخصين وتبين انهما على متن الطائرة التي اتخذت وضع الاستعداد للإقلاع فوق الممر في لحظة اعتقدا فيها انهما نجيا وبالفعل جاءت الأوامر للطيار ليعود أدراجه من حيث بدأ ليصعد رجال الأمن ويلقوا القبض على الرجلين اللذين يعرفان ماذا فعلا فلم يسألا عن السبب وسلما ايديهما للقيود الحديدية.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©