كريس جونز: مكانة أبوظبي تحقق حلم الملايين بإصدار «ناشيونال جيوجرافيك» العربية

اكتسى المسرح الوطني في أبوظبي عند كاسر الأمواج بألوان مختلفة أمس الأول، وبهيبة اللباس الرسمي الذي التزم به حضور حفل إطلاق النسخة العربية من مجلة الناشيونال جيوجرافيك العالمية والتي تصدر بـ30 لغة في أكثر من 160 بلداً، بعد 120 سنة على صدور أول نسخة من هذه المجلة العلمية المميزة بهدفها التوعوي العلمي للمحافظة على طبيعة كوكب الأرض، ذلك عقب تأسيس جمعية الناشيونال جيوجرافيك بسنتين. لغة علمية صحفية بدأ الاحتفال بالعدد الأول من المجلة بالعربية بقدوم معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التعليم العالي والبحث العلمي. وتنفس قارئو العربية من عشاق المواضيع العلمية الصعداء لأنهم سيقرأون المجلة باللغة العربية والعلمية والصحفية في آن واحد. وكان سموه استقبل في قصره في أبوظبي عدداً من العلماء الذين تم اختيارهم ضمن أعضاء المجلس الاستشاري للمجلة، والمسؤولين في شركة أبوظبي للإعلام وبينهم المجلس التحريري للنسخة العربية. ومن بين الحضور والمتحدثين رئيس تحرير “ناشيونال جيوجرافيك ماجازين” كريس جونز الذي قال لـ “الاتحاد” عن اختيارهم أبوظبي لإطلاق النسخة العربية إنها “الثقة التي وجدناها متينة مع شريكنا شركة أبوظبي للإعلام التي دفعتنا إلى تحقيق حلم راودنا منذ سنوات لإطلاق نسخة عربية للقراء العرب”. كما أكد أن “أبوظبي، وكون المجلة تنشر أحياناً مواضيع حساسة يدور حولها جدل، كفيلة بتأمين جو الحرية المطلوب لهذا الإصدار”. ولفت إلى أن “المواضيع المنشورة مترجمة مائة في المائة عن النسخة الأساسية، وخصوصاً في العدد الأول منها، وأن هذا لا يعني أن أبواب المجلة ليست مفتوحة لمصورين بارعين وصحفيين وباحثين وكتاب يبدعون في إطار منهج المجلة ويضيفون إليها من العالم العربي”. ورأى العالم المصري عصام حجي، أحد الباحثين العاملين في وكالة ناسا، والذي اختير كواحد من مستشاريي المجلة، أن هذه الخطوة مهمة جدا للعالم العربي نحو مستقبل علمي واعد، خصوصاً أن علم الفلك الذي جذبه في بدايات تعليمه كان عربياً، لكن جيل اليوم الذي يشبهه في نشأته في أحد شوارع الجيزة المعدمة يحتاج إلى حلم وإلا فسيموت. وعن حلمه، قال “لم أكن أتصور يوما أنني سأصل إلى ما وصلت إليه، كنت أعتقد أن حلمي سيبقى في صواريخي الورقية التي كنت أصنعها وأطلقها في الهواء، ولكن ها أنا هنا وعلينا العمل من أجل حث جيل الشباب على العطاء والإبداع العلميين ليكون لنا مستقبل وليس ماض وحسب نتغنى به ونحن جالسين في المقاهي”. الإطلاق الرسمي رحّب إدوارد بورجيردينج، رئيس مجلس إدارة شركة أبوظبي للإعلام بالحضور، معبرا عن افتخار الشركة بالتعاون مع الناشيونال جيوجرافيك الذي بدأ مع إطلاق قناة ناشيونال جيوجرافيك - أبوظبي، وصولاً إلى إطلاق مجلة “ناشيونال جيوجرافيك” بالعربية، والذي رأى أن عددها الأول قد تميّز بغلافه ومضمونه حاملاً رسالة جمعية ناشيونال جيوجرافيك للاهتمام بالطبيعة. وشرح نائب الرئيس التنفيذي للجمعية تيرينس بي. أدامسون في كلمته أهداف الجمعية، وهي واحدة من أوسع المنظمات العلمية والتعليمية غير النفعية في العالم، وتحمل رسالة جوهرية لحث الناس على الاهتمام بكوكب الأرض. وعرض صورا لأغلفة عدد سبتمبر حول العالم وبمختلف اللغات، مشيراً إلى أنه شهرياً يقرأ مجلة الناشيونال جيوجرافيك نحو 38 مليون شخص حول العالم. ولفت إلى أن المجلة لم تكن بعيدة عن العالم العربي وإن لم تصدر في اللغة العربية في السابق، فأشار إلى صور ومواضيع عرضت على الشاشة وأولها من أرشيف المجلة في عام 1909. من جهته، تحدث محمد الحمادي، رئيس تحرير النسخة العربية، عن تحدي الترجمة الذي اعتبر قبل الشروع بالعمل بمثابة التحدي الأول لإطلاق النسخة العربية، لافتا إلى أن العمل أوضح أن ثمة ما هو أكثر تعقيداً من مجرد ترجمة الكلمات بشكل صحيح، لأن المادة يجب أن تقدّم بلغة علمية عربية وجميلة في الوقت نفسه. ورأى أن المجلس التحريري للمجلة ذلّل هذه العقبات ليقدم للقارئ العربي نسخة توأمية مطابقة للمجلة في العالم. ولفت إلى أنه ليس من المستغرب أن تتبنى الإمارات مثل هذا المشروع فدولة الإمارات ومنذ تأسيسها وحتى اليوم، مهتمة بالعلوم والفنون والبيئة. وعرض فيلم لكريس جونز في أفريقيا مع شيتا في لحظة نادرة حين اقتربت الشيتا من كريس جونز ولحست يده الممسكة بقاعدة الكاميرا. وتحدث كريس عن هذه التجربة المذهلة بعد أن عرض فيلماً آخر عن حيوان البرنيق hippopotamus، مشيراً إلى مدى تأثير مثل هذه المواضيع في المحافظة على الطبيعة والحيوانات وقد حثّت حكومات للتحرك من أجل حمايتها من الانقراض. وأشار إلى الثقة التي بنتها المجلة في إيصال القصص ذات الصلة بطريقة صحيحة متميزة بالمحتوى والنوعية والمنابع والمصادر التي تمت متابعتها طيلة هذه السنوات. وفي الختام، كرّم معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وكريس جونز وتيرينس بي. أدامسون ومحمد الحمادي عدداً من العلماء والساعين في العلم والمحافظة على البيئة، أولهم معالي محمد أحمد البواردي الأمين العام للمجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي لجهوده الحثيثة في حماية البيئة والطبيعة والدكتور علي شملان المدير العام لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي والدكتور عصام حجي. حلم بدأ بغلاف مجلة عبّر العالم الدكتور عصام حجي، أحد مستشاري المجلة، عن سعادته بالمشاركة في الحدث، لافتاً إلى انجذابه الأول إلى علوم الفضاء من غلاف مجلة ناشيونال جيوجرافيك قديمة رآها تباع في أزقة شوارع القاهرة، ذلك الغلاف الأصفر وصورة للفضاء الذي جذبه في أحلامه إلى أن تحقق الحلم. وأشار إلى أهمية تحفيز الشباب العربي للاهتمام بالعلوم مثمناً أهمية العقل لدى الإنسان. وعرض صورا عن عمل ناسا تظهر الاهتمام بتدريب مصورين على التقاط صور للكواكب التي قد يصلون إليها، وبمعدات مختلفة عن مصوري الأرض وبحركة مختلفة حيث يرتدون بذلات رواد الفضاء. «لعنة توت عنخ آمون» وزّعت النسخة الأولى من العدد العربي للناشيونال جيوجرافيك على الحضور ومع العدد هدية قرص مدمج عن “لعنة الملك توت” الذي سبق أن عرضته قناة ناشيونال جيوجرافيك أبوظبي. ومن مواضيع العدد “فزّان صحراء الرهبة، أمواج تحيط واحة الغموض والأسرار”، وأسرار النوم”، و”عاشقة قردة الشمبانزي”، و”الصيد الجائر يستنفد البحار”، و”التسرّب النفطي في خليج المكسيك”.