الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«ليلة الحفارين» في موسكو!

13 فبراير 2016 00:29
قامت سلطات مدينة موسكو بهدم 97 مبنى تضم مئات المتاجر والمطاعم، وجميعها لديها وثائق ملكية سارية وعقود إيجار قانونية. ولم تقف أي من الشركات الصغيرة لتلقي أي تعويضات. وقد أطلقت شبكات التواصل الاجتماعي على هذه العملية اسم «ليلة الحفارين»، على رغم أنني لم أتمكن من معرفة المدون الذي صاغ العبارة الذكية. وقد ظهرت الأبنية التي تم تدميرها بجوار محطات مترو الأنفاق في العاصمة الروسية خلال تسعينيات القرن الماضي ومطلع العقد الأول من القرن الـ21، عندما كان رئيس البلدية الذي يحظى بشعبية «يوري لوجوف» في منصبه، وكانت حكومة المدينة الفاسدة حينها تقبل أي شيء في مقابل تقاضي رشاوى. والحقيقة أن تلك المباني كانت تبدو قبيحة المظهر وتشبه مراكز التسوق الصغيرة من دون وجود مواقف للسيارات. وكانت تشوش على الساحات الواسعة التي تحيط بمحطات المترو الفخمة، بأسقفها المقوسة العالية وزينتها المصنوعة من الجص والفسيفساء، غير أنها كانت تتيح أيضاً لسكان موسكو شراء وجبات سريعة ومياه للشرب أثناء التنقل. ولكن «سيرجي سوبيانين»، وهو من سيبيريا وشغل منصب عمدة موسكو في عام 2010 شرع في إعادة تشكيل المدينة لتتناسب مع رؤيته لمجد العاصمة. وشمل هذا إعادة رصف ممرات المشاة ببلاط الحدائق (وتغيير هذا كل عام)، ومحاربة أكشاك الشوارع، التي تم نقلها أو إزالتها دون الالتفات لأصحابها، وبعد أن رسخ «سوبيانين» وضعه في انتخابات 2013، أدخل مواقف سيارات الأجرة مدفوعة الثمن في جميع أنحاء المدينة، حيث كان النظام يتكلف أكثر من إيراداته. وفي العام الماضي، حول انتباهه إلى مراكز التسوق الواقعة بالقرب من مترو الأنفاق. وأعلنت سلطات المدينة أن هذه المباني غير قانونية، حتى وإن كان أصحابها يمتلكون جميع الوثائق المطلوبة من قبل البيروقراطية المتضخمة في موسكو. وفي شهر ديسمبر، أصدر مجلس المدينة قراراً يطالب أصحاب 104 مبنى بإزالتها على نفقتهم الخاصة، وإلا ستقوم السلطات بتدميرها. ولم يصدق أصحاب المتاجر أن السلطات ستنفذ تهديدها. وبعضهم حصل على قرار من المحكمة بحماية حقوق الملكية الخاصة به. وتم عقد المنتديات لمناقشة القضية. ووقف لوبي الأعمال الرسمي في روسيا «ديلوفايا روسيا» إلى جانب أصحاب المتاجر المهددة بالإزالة. وكان يبدو أن الكارثة يمكن تجنبها، خاصة أن الرئيس فلاديمير بوتين أكد مؤخراً أهمية المشروعات الصغيرة بالنسبة لاقتصاد روسيا. وفي يوم الاثنين كان الموعد النهائي الممنوح لمالكي المتاجر لإزالة المباني. وفي هذا اليوم جاءت آلات الإنشاءات الثقيلة لتشرع في عملية الهدم، ومعها شرطة مكافحة الشغب. وتلت ذلك مشاهد تدمي القلوب. وفي بعض الحالات، لم يكن مسموحاً لأصحاب المتاجر بالحصول على بضائعهم من المحال قبل أن تبدأ الحفارات في سحقها. وحاول أصحاب المتاجر أن يوصدوا متاجرهم عليهم، بينما حاول بعض آخر وضع صور لبوتين في واجهات المتاجر أملًا في أن تتمكن من منع عمال الهدم. بيد أن أياً من هذا لم يكن ذا فائدة، ونادى أصحاب المتاجر على المارة لنجدتهم، ولكنهم لم يجدوا تعاطفاً يذكر. وفي هذا السياق، علقت «أليونا بوبوفا»، الناشطة المؤيدة لقطاع الأعمال، ساخرة على «فيسبوك» قائلة: «لقد قامت موسكو في الرابعة صباحاً بإطلاق برنامج لدعم المشروعات الصغيرة». أما تناول «سوبيانين» للموضوع، فقد كان مختلفاً. فقد كتب على إحدى شبكات التواصل الاجتماعي أن مباني التجزئة التي بنيت في تسعينيات القرن الماضي بـ«مساعدة البيروقراطيين» كانت «تشكل خطراً على سكان موسكو»، وأن المدينة ستسمح لملاك هذه المباني ببناء متاجر في أماكن أخرى. ولم يشر إلى تعويض أصحاب المحال عن فقدان ممتلكاتهم. يذكر أن قرار سلطات موسكو يتيح لأصحاب المتاجر المهدمة طلب تعويض مباشر من المدينة في حالة التنازل عن حقوق الملكية. *كاتب روسي مقيم في موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©