الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

52 عاماً على الاستقلال

5 يناير 2008 01:35
في اليوم الأول من يناير الحالي احتفل السودانيون حكومة وشعباً بالذكرى الثانية بعد الخمسين للاستقلال· ففي صباح مثل هذا اليوم من عام 1956م، تمت مراسيم إعلان الاستقلال بإنزال علمي الحكم الثنائي (بريطانيا ومصر) من ساريتهما في القصر الجمهوري الحالي، والذي كان مقراً للحاكم العام البريطاني ورفع علم السودان مكانهما، ومن المصادفات اللافتة أن نفس القصر هو الذي كان فيه مصرع الجنرال ''غوردون'' -آخر حاكم للسودان في عهد الحكم التركي المصري للسودان الذي دام بين عامي 1821- 1885م- وكان ذلك أيضاً في يوم من أيام يناير في ذلك العام· 52 عاماً هو عمر السودان الحديث خضع خلال (41 عاماً) منها لحكم العسكر، ولم تحظ الأنظمة المدنية الديمقراطية إلاّ بفترات متقطعة كانت تنتهي بانقضاض العسكريين على السلطة؛ حلقات شريرة ضارة تتمثل في انتصار الشعب والإطاحة بنظام عسكري وإقامة حكم مدني سرعان ما ينهار بانقلاب عسكري آخر· هذه هي محنة السودان الأولى، وبها ومنها تتفرع كل المحن والمآسي التي ما زال السودان يعاني منها· جاء استقلال السودان إثر تراكم لكثير من أنواع النضال الشعبي شارك فيه العمال والزراع والمثقفون، وكان للثورة المصرية بقيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر دورها المعروف في التعجيل بالاستقلال، بعد أن أقرت للشعب السوداني بحق تقرير المصير، وعلق شعب السودان في الشمال والجنوب آمالاً عريضة على إنهاء الحكم الثنائي وعودة السيادة لأبنائه؛ ولكن بقراءة الواقع اليوم فإن ما تحقق لا يقاس بفترة فاقت نصف قرن· إن الواقع الحالي يائس بكل المقاييس، فالسودان اليوم واحد في قائمة الدول الأكثر فقراً، وعلى رأس قائمة الدول العربية التي تعاني من انتشار الفساد بنوعيه الإداري والمالي، بل إن بعض الإحصاءات تقول إن نسبة الفقر في السودان بلغت ما يقارب 80 بالمائة من السكان، وما زالت الأمية في نسب فوق الوسط بكثير، إضافة إلى الحروب والنزاعات المسلحة التي لا تنتهي والتي جعلت من الاعتماد على القوى الإقليمية والدولية ضرورة لا يمكن الخلاص منها· قد نجد هنا وهناك شيئاً مما يسميه الحكام إنجازاً، من ذلك مثلاً، بعض التوسع في شبكات الطرق البرية، وإقامة جسرين أو ثلاثة جسور على مجرى النيل في بعض المدن الكبرى؛ وكذلك يفاخر الحكام بأن للسودان الآن أكثر من نحو (20 جامعة)، في حين أنه لم تكن به إلاّ جامعة واحدة عند الاستقلال هي جامعة الخرطوم· ولكن ما هو مردود كل ذلك؟ لقد زاد عدد الجامعات نعم ولكن إنتاجها من الخريجين تدنى وهبط حتى صار خريج الجامعة اليوم في وضع أدنى بكثير عن خريج المدرسة الثانوية في الماضي، إنها جامعات أنشئت على عجل فلا المعلمون فيها على المستوى المطلوب ولا إعدادها كجامعات تحقق ولو في أدنى المستويات· وإذا عدنا لحال الخريجين فنجد أن أغلبهم انضموا لجيش العطالة بعد التخرج· أما في المجال الاقتصادي، فإن أهم مقومات الاقتصاد السوداني هي الزراعة وتربية الحيوان وقد شارفتا الآن على الانهيار، وأول دليل على ذلك ما حدث لمشروع الجزيرة الذي كان المصدر الأول للعملات الأجنبية؛ لقد أبعد إنتاج البترول رغم تواضعه الحاكمين عن الاهتمام بالزراعة فكانت الكارثة· 52 عاماً من الاستقلال فقد المواطن السوداني خلال 40 عاماً منها حريته واستقلاله الذاتي ولم يتحقق له تطور حقيقي ولم تنتقل حياته إلى ما هو أفضل؛ ولن ينتهي كل هذا إلاّ إذا عاد السودان للحكم الديمقراطي وإطلاق الحريات والتخطيط لاقتصاد وطني يحقق الرفاهية ويؤكد الخلاص من السيطرة الأجنبية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©