يبدو أن البرازيليين وجدوا عزاءهم، بعد الخروج الفاضح، في فوز الجار اللدود الأرجنتين.. فالفرحة التي اختزنها شعب السامبا طويلاً على أمل أن يفجّرها يوم 13 يوليو بماركانا أبدلها بالتانجو إلى حين بعد خروج مهين، إذ التحق الآلاف بجيرانهم وشاركوهم فرحة التأهّل إلى نهائي المونديال الأقوى في التّاريخ، والأكثر مفاجآت.
كتبتُ قبل ثلاثة أيام «هل يثأر ميسي لنيمار؟»، وتلك هي الرسالة التي قرأها البرازيليون، لأنهم بحاجة إلى وأد تاريخ من المشاحنات، والوقوف إلى جانب الأرجنتين في نهائي ليس سهلاً، لأن طرفه الآخر هم الألمان الذين ينجحون دائماً في ليّ عنق المستحيل.. ولا خيار لجماهير السامبا أن تتحلى بالحكمة القائلة «عدوّ عدوّي صديقي».. وأن خيار الوقوف مع ميسي ورفاقه حتميّ بسبب الجيرة أولاً، والثقافة المتشابهة، والتضامن بين شعوب أميركا اللاتينيّة، والثأر لهزيمة دخلت كتاب جينيس للأرقام القياسيّة رغم أنف بيليه ورونالدينيو وكاكا.
نجح سابيلا في امتصاص حماس الطواحين، وأوصلتهم إلى اللحظة التي يدفعهم فيها إلى الخروج بعد أن أدرك أن غريمة فان خال استنفذ بدلائه، وأن روميرو يمكنه أن يصنع الفارق في الرميات الترجيحية.. وكان له ذلك، ليبقى روبين متحسراً على حلم ضاع بعد سنوات من الضياع.. وليستمر الجوع الهولندي لكأس لم تدخل الأراضي المنخفضة منذ ثمانين عاماً.
![]() |
|
![]() |
إنّ وصول ألمانيا والأرجنتين إلى النهائي وما فيه من حديث عن ثأر قديم وجديد، يعطي أيضاً معنى للعدل في كرة القدم، إذ أن أوروبا التي تشعر أن لعنة نيل اللقب في أميركا اللاتينية تلازمها باستمرار، تكون هذه المرة أبطلت مفعولها بقوة الألمان الخارقة وهجوماتها الحارقة.. بينما يبدو في الطرف الآخر، الأرجنتين، جاهزاً لفرض منطق تكرس منذ تأسيس المونديال، وهو أن تلعب أوروبا دور الوصيف الأبدي على قارة الجلد المنفوخ.. وبالتالي فرهان الطبعة العشرين بين الماكينات، التي أتت على الأصفر اليابس، والساعية إلى حصد الأزرق السماوي بنجومه والعودة بلقب رابع، والبيسليستي الذي يأمل لقباً ثالثاً وتكرار تجربة كامبيس ومارادونا السابقتين.
![]() |
|
![]() |
إن الأرجنتين ستسعى للدفاع عن كرامة أميركا اللاتينية، موطن الكرة الجذابة، بينما ستعمل ألمانيا إلى تأكيد التفوّق الكروي للمدرسة الأوروبية المؤسّسة على القوة والتكتيك، وبين سعي هذا وذاك، فإن بين اللعنة والثأر تتواصل لعبة القط والفأر، وعشاق «توم وجيري» يعرفون القصة، غير أن المؤكد أنّ مونديال 2014 أبان عن حقيقة ناصعة البياض مؤداها أن «الكبار يأكلون الحصرم والصغار يضرسون».. وغداً يوم آخر.
mihoubimail@gmail.com