الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عُتبة بن غزوان .. سابع سبعة سبقوا إلى الإسلام

عُتبة بن غزوان .. سابع سبعة سبقوا إلى الإسلام
11 يوليو 2014 00:35
أحمد مراد (القاهرة) الصحابي الجليل عُتبة بن غَزوان، واحد من السابقين الأوائل إلى الإسلام، وممن هاجروا الهجرتين إلى الحبشة والمدينة، وشهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جميع غزواته. كان عُتبة - رضي الله عنه - سابع سبعة سبقوا إلى الإسلام، وأعطوا أيمانهم للرسول - صلى الله عليه وسلم - مبايعين ومتحدٍين قريش بكل ما معها من بأس وقدرة على الانتقام، وفي الأيام الأولى للدعوة، أيام العسرة والهول، صمد عتبة مع إخوانه، ولما أمر رسول الله - عليه الصلاة والسلام - أصحابه بالهجرة إلى الحبشة، خرج عتبة مع المهاجرين، ولكن شوقه إلى النبي - عليه الصلاة والسلام - لم يدعه يستقر هناك، فسرعان ما طوى البر والبحر عائداً إلى مكة، حيث لبث فيها بجوار الرسول حتى جاء ميقات الهجرة إلى المدينة، فهاجر عتبة مع المسلمين، وآخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين أبي دجانة. وكان عتبة - رضي الله عنه - محباً للجهاد في سبيل الله ونشره للدعوة الإسلامية، ومنذ أن بدأت قريش تحرشاتها وحروبها ضد المسلمين، وعتبة حامل رماحه ونباله، يرمي بها في أستاذية خارقة، ويسهم مع إخوانه المؤمنين في هدم العالم القديم بكل أوثانه وبهتانه، ولم يضع سلاحه يوم رحل الرسول الكريم إلى الرفيق الأعلى، بل ظل يضرب في الأرض، وكان له مع جيوش الفرس جهاد عظيم. فتح الأبلّة ويروى أن أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه- أرسله إلى الأبلّة ليفتحها، وليطهر أرضها من الفرس الذين كانوا يتخذونها نقطة وثوب خطرة على قوات الإسلام الزاحفة عبر بلاد الإمبراطورية الفارسية، تستخلص منها بلاد الله وعباده. وقال له عمر وهو يودّعه وجيشه: «انطلق أنت ومن معك، حتى تأتوا أقصى بلاد العرب، وأدنى بلاد العجم، وسر على بركة الله ويمنه، وادع إلى الله من أجابك، ومن أبى فالجزية، وإلا فالسيف في غير هوادة، كابد العدو، واتق الله ربك». ومضى عتبة على رأس جيش لم يكن كبيراً، فلم يكن معه سوى 360 مقاتلاً وخمس من النسوة، حتى قدم الأبلّة، وكان الفرس يحشدون بها جيشاً من أقوى جيوشهم، ولهذا أمر عتبة النسوة بالرجوع وراء الجيش وحمل الرايات، وأمرهن بأن ينبشن في الأرض حتى ينثرن الغبار في الهواء، ونظم عتبة قواته، ووقف في مقدمتها، حاملاً رمحه بيده، وصاح في جنده: «الله أكبر، صدق وعده»، وعندما التقى الجيشان، ظن الفرس أنه جيش كبير وأن هؤلاء أوله، فهلعوا إلى السفن للهرب، وما هي إلا جولات قليلة استسلمت بعدها الأبلّة، وطهرت أرضها من جنود الفرس. شظف وعُرف عتبة - رضي الله عنه - بأنه كان يخاف الدنيا على دينه أشد الخوف، وكان يخافها على المسلمين، فكان يحثهم على القناعة والشظف، وحاول البعض أن يزينوا له الإمارة، فكـــان يجــيبهم قائلاً: «إني أعوذ بالله أن أكون في دنياكم عظيماً، وعند الله صغيراً»، ولعل زهده في الحياة وطلبه للآخرة، جعله يقف ويدعو الله ألا يتولى الإمارة. ولما رأى الضيق على وجوه الناس بسبب صرامته في حملهم على الجادة والقناعة قال لهم: «غدا ترون الأمراء من بعدي». ويروى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوماً لقريش: «هل فيكم من ليس منكم» قالوا: ابن أختنا عتبة بن غزوان، قال: «أبن أخت القوم منهم وحليف القوم منهم». ومن كلمات عتبة بن غزوان المأثورة. قال خالد بن عمير: خطبنا عتبة بن غزوان، وقال: «أيها الناس إن الدنيا قد آذنت بصرم، وولت حذاء، ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء، ألا وإنكم في دار أنتم متحولون منها فانتقلوا بصالح ما بحضرتكم، وإني أعوذ بالله أن أكون في نفسي عظيماً وعند الله صغيراً، وإنكم والله لتبلون الأمراء من بعدي، وإنه والله ما كانت نبوة قط إلا تناسخت حتى تكون ملكاً وجبرية، وإني رأيتني مع رسول الله سابع سبعة وما لنا طعام إلا ورق الشجر حتى قرحت أشداقنا، فوجدت بردة فشققتها بنصفين فأعطيت نصفها سعد بن مالك ولبست نصفها، فليس من أولئك السبعة اليوم رجل حي إلا وهو أمير مصر من الأمصار، فيا للعجب للحجر يلقى من رأس جهنم فيهوي سبعين خريفاً حتى يتقرر في أسفلها، والذي نفسي بيده لتملأن جهنم، أفعجبتم وإن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين عاماً، وليأتين عليه يوم وما فيها باب إلا وهو كظيم». وفاته وفي خلافة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أصر الفاروق على أن يتولى عتبة إمارة البصرة، ولم يكن في وسع عتبة إلا الطاعة، وقد عمّرها وبنى مسجدها العظيم، وكان يصلي بالناس ويفقههم في دينهم، ويحكم بينهم بالعدل زاهداً ورِعاً بسيطاً. ولما جاء موسم الحج، استخلف على البصرة أحد إخوانه وخرج حاجاً. ولما قضى حجه، سافر إلى المدينة، وهناك سأل أمير المؤمنين أن يعفيه من الإمارة، ولكن عمر رفض، وحينها استقل عتبة راحلته ليركبها راجعاً إلى البصرة، لكنه قبل أن يعلو ظهرها، استقبل القبلة، ورفع كفّيه الضارعتين إلى السماء ودعا ربه ألا يردّه إلى البصرة، ولا إلى الإمارة أبداً، واستجيب دعاؤه، فبينما هو في طريقه إلى ولايته أدركه الموت، وفاضت روحه إلى بارئها، وتوفي سنة 15 هجرية، وهو ابن سبع وخمسين سنة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©