الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لماذا تتواصل الصين مع «طالبان»؟

لماذا تتواصل الصين مع «طالبان»؟
24 يونيو 2013 22:09
آندرو سمول باحث بصندوق مارشال الألماني في الولايات المتحدة متخصص في العلاقات الصينية- الباكستانية ربما شكلت مقاطعة كرزاي لمحادثات السلام الأميركية التي كان مخططاً لها هذا الأسبوع مع «طالبان» خيبة أملٍ بالنسبة لتطلعات واشنطن في إنهاء حربها الطويلة في أفغانستان -وفي ذات الوقت خيبت هذه المقاطعة آمال بكين أيضاً. فالصين رحبت بالاختراق في الجهود القطرية، وتنظر إلى تسوية سياسية في أفغانستان باعتبارها مهمة على نحو متزايد بالنسبة لمصالحها الاقتصادية والأمنية في المنطقة. ونتيجة لذلك، أصبح دعم الصين للمصالحة بين كابول و«طالبان» ميزة تسم نشاطها الدبلوماسي المتنامي بخصوص مستقبل أفغانستان في مرحلة ما بعد 2014. وخلال العام الماضي، عملت الصين على توسيع اتصالاتها المباشرة مع «طالبان» وجس نبضها بخصوص مواضيع أمنية من قبيل الموقف حيال المجموعات الانفصالية في منطقة شينجيانج الصينية، إلى حماية الاستثمارات الصينية، حسب شهادات مسؤولين وخبراء في بكين وواشنطن وكابول وإسلام آباد وبيشاور. غير أنه إذا كانت بكين ترغب في رؤية محادثات المصالحة تنجح في الحيلولة دون عودة أفغانستان إلى حرب أهلية أخرى، فإنها لا تعول على نجاحها وحده؛ ولذلك، فإنها تستعد للتعاطي مع أية تشكيلة من القوى السياسية قد تصعد في أفغانستان بعد انسحاب الولايات المتحدة من هناك. وإذا كانت أبسط الاجتماعات الأميركية والأوروبية التجريبية مع «طالبان» تشكل عناوين عريضة على الصفحات الأولى للصحف، فإن تعاملات الصين معها عموماً لا تُرصد من قبل أجهزة الإعلام. ذلك أن بكين حافظت في صمت، بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر وسقوط «طالبان» من السلطة، على علاقة مع «كويتا شورى»، مجلس قيادة «طالبان» الذي يوجد مقره عبر الحدود في باكستان. وخلال الثمانية عشر شهراً الماضية، حصلت اتصالات على نحو أكثر انتظاماً، كما بدأت الصين تعترف بوجود هذه الاتصالات في اجتماعاتها مع المسؤولين الأميركيين، وفق أشخاص مطلعين على الموضوع. وفي تعاملات الصين مع «طالبان»، شكلت الحركة الانفصالية بين أقلية الويجور المسلمة في الصين دائماً أكبر مصادر مخاوفها. ففي التسعينيات، كانت بكين تخشى أن تقوم حكومة «طالبان» في كابول بتوفير ملاذ للمقاتلين الويجور، الذين فروا من شينجيانج وأنشأوا معسكرات تدريب في أفغانستان. ولكن في اجتماعات جرت في ديسمبر 2000 في قندهار، طمأن زعيم «طالبان» الملا محمد عمر السفير الصيني إلى باكستان «لو شولين» بأن «طالبان»: «لن تسمح لأي مجموعة باستعمال أراضيها للقيام بأي عمليات مماثلة» ضد الصين. وفي المقابل، سعى الملا عمر للحصول على شيئين اثنين من الصين: اعتراف سياسي رسمي، وحماية من عقوبات الأمم المتحدة. ومع أن الجانبين لم يحققا أي نتائج مُرضية. ولكنهما أدركا أنهما يستطيعان التعامل مع بعضهما بعضاً. وقد وصف سفير «طالبان» إلى باكستان وقتئذ نظيره الصيني في إسلام آباد في أواخر التسعينيات باعتباره «الوحيد الذي حافظ على علاقة جيدة» مع «طالبان». بل إن الصين كانت توقع اتفاقات اقتصادية في كابول خلال اليوم نفسه الذي تعرض فيه البرجان التوأم ومقر البنتاجون للهجمات. ومنذ ذلك الوقت، نسجت الصين علاقة عمل جيدة مع حكومة كرزاي، ولكن من دون أن تصبح شديدة الارتباط بها في أعين حركة التمرد. واليوم، ما زالت أولوية الصين هي ضمان عدم تحول أي منطقة خاضعة لسيطرة «طالبان» إلى قاعدة لمجموعات المقاتلين الويجور. يشار هنا إلى أن مجموعة المقاتلين الويجور المتبقين الصغيرة -التي يبلغ عدد أفرادها ربما نحو 40- تتركز بشكل رئيسي في منطقة شمال وزيرستان الباكستانية، في منطقة نائية خاضعة لنفوذ قائد له علاقات مع كل من «طالبان» أفغانستان و«طالبان» باكستان. وتسعى الصين للحصول على ضمانات بأن إيواء الويجور لن يحدث على نطاق أوسع في أفغانستان نفسها؛ كما ترغب في أن تكون استثماراتها التي تقدر بمليارات الدولارات في أفغانستان في مأمن من هجمات «طالبان». يذكر هنا أن أكبر مشروع تجاري لبكين، وهو منجم النحاس في «أيناك»، يوجد في منطقة تعرف حضوراً قوياً لشبكة حقاني، وهي مجموعة متمردة متحالفة مع «طالبان». كما تشكل تعاملات الصين مع المتمردين الإسلاميين تحوطاً من إمكانية أن تقرر «طالبان» يوماً ما اعتبار المواطنين الصينيين أو الاستثمارات الصينية أو حتى الأراضي الصينية نفسها هدفاً شرعياً لهجماتها، وخاصة أنه سبق لمقاتلين أن لاموا الصين وحمَّلوها مسؤولية قرار الحكومة الباكستانية في عام 2007 شن هجوم على المسجد الأحمر، الذي كان يعتبر معقلاً لأنصار «طالبان» في إسلام آباد؛ وقاموا بالرد على ذلك بسلسلة من الهجمات على عمال صينيين في باكستان. ومع ذلك، فإن بعض المصادر في باكستان التي سبق أن تحدثت إلى حركة التمرد تقول إن زعماء «طالبان» حريصون على عدم استعداء بكين -ذلك أن لديهم ما يكفي من الأعداء أصلاً. والواقع أن «طالبان» أفغانستان ما زالت ترى فائدة في علاقات وثيقة مع واحد من البلدان القليلة التي تستطيع كبح الرعاة الباكستانيين الصعبين أحياناً. ونتيجة لذلك، فإن المحاورين من «طالبان» قدَّموا للصين التطمينات نفسها التي قدموها لهم في الماضي، وفق مصادر صينية تعمل بشكل وثيق مع وزارة الخارجية في بكين: أنهم لن يسمحوا باستعمال أفغانستان كقاعدة للهجمات ضد بلادهم، ويرغبون في تطوير علاقات اقتصادية مع الصينيين. غير أن هذه المصادر تقول أيضاً إن المسؤولين الصينيين ما زالوا قلقين ويشكون في قدرة «طالبان» واستعدادها للوفاء بوعودها، ولاسيما بخصوص مسألة توفير ملاذ آمن للمقاتلين الويجور، كما يخافون من أن يؤدي انتصار لـ«طالبان» في أفغانستان إلى زعزعة استقرار باكستان والمنطقة. ولذلك، فإن بكين حريصة بشكل متزايد على رؤية تسوية سياسية في أفغانستان تضمن توازناً مستقراً للقوى في المنطقة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©