الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إندونيسيا.. وصداع «بابوا» الغربية!

16 أكتوبر 2017 21:20
أعتقد أن المشكلات المطروحة على الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو كثيرة الآن. ومن بين المشكلات التي يتعين عليه معالجتها في دهاليز الحياة السياسية في العاصمة جاكرتا، انتعاش الحزب الشيوعي وتحالفات المصالح بين المتشددين الإسلاميين وأحزاب المعارضة، ولكن بعيداً عن جاكرتا، وفي مقاطعة بابوا الغربية، ما زالت هناك قضايا أخرى قديمة تختمر، وربما تهدد ويدودو ما لم يستطيع التفاوض بمهارة مع سكان ذوي علاقة صعبة مع بعض السلطات الإندونيسية المركزية، التي تدير بلاداً حبلى بالصراعات. ولعل أحدث تصعيد في التوترات بين السكان المحليين وإدارة ويدودو قد سجل الأسبوع الماضي حين تم الكشف عن انتشار وثيقة زُعم أنها قد جمعت سراً 1.8 مليون توقيع وتطالب بإجراء اقتراع حر على انفصال بابوا الغربية، وهذه المطالب قيل إن معارضاً من بابوا الغربية يعيش في الخارج وهو مؤيد للانفصال يدعى بيني ويندا قد قدمها للأمم المتحدة في نيويورك، ولكن هذا الزعم قوبل أيضاً بالرفض بعد أن شككت جاكرتا في صدق الوثيقة. وذكرت صحيفة «جاكرتا بوست» أن رئيس «اللجنة الخاصة لتصفية الاستعمار» في الأمم المتحدة الفنزويلي رافاييل راميريث عبر عن «الاستياء من أفراد وأحزاب استغلوا اسمه لأغراضهم». وذكرت تقارير أن راميريث قال في مقابلة أمام مقر الأمم المتحدة: «لم أستقبل أي شيء أو أي شخص يتعلق بقضية بابوا الغربية». وربما لا تريد الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بصفة عامة إثارة غضب الحكومة الإندونيسية، ولكن لو كان توقيع 1.8 مليون شخص على الوثيقة صحيحاً فإن هذا يمثل نحو 70% من سكان بابوا الغربية. ولنزعات الانفصاليين تاريخ طويل في هذه البلاد، وتقابلها أيضاً حملات الجيش الحازمة من حين إلى آخر. والواقع أن الوثيقة موجودة، وهي تطلب من الأمم المتحدة أن تعين ممثلاً خاصاً للتحقيق في مزاعم عن انتهاكات حقوق الإنسان في المنطقة، وأن تضع بابوا الغربية في قائمة أولويات «لجنة تصفية الاستعمار»! وقد رفضت اللجنة قبول الوثيقة، ولكن «ويندا» زعم أنه قد سلم الوثيقة، وأضاف أنها قد تعرضت للحظر في منطقتي بابوا وبابوا الغربية، وتمت عرقلتها على الإنترنت. ويرجو كثيرون ألا تسيء إندونيسيا التعامل مع صراع آخر بعد أن عالجت قضايا مشابهة في تيمور الشرقية وإقليم أتشيه هددت استقرار البلاد الاجتماعي والسياسي. وقد كتب بيتر أرندت من «اللجنة الكاثوليكية للعدل والسلام» تقريراً متحيزاً اتهم فيه الحكومة الإندونيسية بتنظيم عمليات اقتحام عنيفة للمنطقة، وزعم التقرير أن نسبة سكان بابوا الغربية الأصليين في المنطقة تبلغ حالياً 40% فقط من إجمالي السكان مقارنة بنسبة بلغت 95% قبل ثلاثة عقود. وزعم صاحب التقرير الذي نشر قبل عام، بكثير من المبالغة والتهويل، أن الوضع في بابوا الغربية «يقترب سريعاً من حافة الهاوية»! وجاء في التقرير «في أقل من خمس سنوات سيصبح وضع سكان بابوا في أراضيهم أسوأ من متزعزع. إنهم يتعرضون بالفعل إلى انحسار سكاني وهيمنة إندونيسية سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية»! وهذا مزيج قابل للاشتعال بشدة في وقت مضطرب لويدودو في أفق انتخابات رئاسية مقبلة في عام 2019. وقد زار ويدودو المنطقة عدة مرات وركز جهوده على الملفات الاقتصادية، ومعالجة هذه القضايا تتطلب كثيراً من الحذر والمهارة والرهافة حس، وهي أمور يصعب توافرها بيسر في حالات الاستقطاب السياسي والتصعيد الحاد. * مراسل في شرق آسيا ينشر بترتيب خاص مع «تريبيون نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©