الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«الجزيرة» مرافعة درامية ضد التمييز بين أفراد العائلة الإنسانية

«الجزيرة» مرافعة درامية ضد التمييز بين أفراد العائلة الإنسانية
12 فبراير 2016 23:38
عصام أبو القاسم (الشارقة) ?شهد ?المركز ?الثقافي ?لمدينة ?دبا ?الحصن، ?مساء ?أمس ?الأول، ?افتتاح ?فعاليات ?الدورة ?الأولى ?من ?مهرجان ?دبا ?الحصن ?للمسرح ?الثنائي، ?برعاية ?صاحب ?السمو ?الشيخ ?الدكتور ?سلطان ?بن ?محمد ?القاسمي ?عضو ?المجلسالأعلى ?حاكم ?الشارقة، ?وبتنظيم ?إدارة ?المسرح ?بدائرة ?الثقافة ?والإعلام ?في ?الإمارة.? ‏? ?وقدم ?حفل ?الافتتاح ?المذيعان ?أحمد ?ماجد ?وفوزية ?القاضي، ?في ?حضور ?عبد ?الله ?العويس ?رئيس ?الدائرة، ?والعديد ?من ?الفعاليات ?الرسمية ?والاجتماعية، ?إضافة ?لضيوف ?المهرجان ?الذين ?قُدِّموا ?للجمهور ?بصفاتهم ?ومشاركاتهم ?في ?الأنشطة ?المصاحبة، ?وقد ?صعدوا ?تباعاً ?إلى ?الخشبة ?في ?تقليد ?جديد، ?تعبيراً ?عن ?احتفاء ?الشارقة ?بمقدمهم ?إليها ?من ?بلدان ?عربية ?عدة.? وعقب الحفل، شهد الجمهور مسرحية «الجزيرة»، لجمعية دبا الحصن للثقافة والتراث والمسرح، من إخراج أنس عبدالله، الذي اثبت مرة أخرى أن بمقدوره المضي قدماً في سكة الإخراج المسرحي بعد تجربته الإخراجية الأخيرة مع مسرحية «قضية ظل الحمار»، للكاتب فريديش دروينمات.‏? ‏«الجزيرة» ?التي ?كتبها ?الجنوب ?أفريقي ?أثول ?فوغارد، ?تروي ?قصة ?السجينين، «?جون» ?و«?ونستون» ?اللذين ?اعتقلا ?على ?خلفية ?احتجاجهما ?على ?سياسة ?التمييز ?العنصري، ?وحبسا ?في ?سجن ?جزيرة ?روبن ?الشهير. ?في ?هذه ?الجزيرة ?القصية ?والمقفرة ?والمعزولة، ?كان ?على «?جون» ?و«?نستون»? ?أن ?يعملا ?ساعات ?طويلة ?في ?الحفر ?وفي ?قلع ?الصخور، ?تحت ?الشمس ?الحارقة، ?وأن ?يغالبا ?ضيق ?زنزانتهما ?وكآبتها.? عمد المخرج إلى انتقاء بعض المشاهد من النص، كما اختزل بعض حواراته، فلم تظهر المقاطع التي نتعرف عبرها على سيرتي السجينين قبل الحبس، وهي المقاطع التي أراد عبرها أثول فوغارد أن يظهر حياتهما العادية وبساطتهما وأحلامهما الصغيرة بحيث يبدو الجرم الذي حبسا بسببه تافها، وتعذيبهما بأداء تلك الأعمال الشاقة أكثر فداحةً وظلماً. مع ذلك، بدا المخرج جريئاً ولافتاً وهو يفتح الخشبة على فضاء خال، تقريباً، إلا من ممثلين اثنين، ضبطت حركتهما على مساحة ضيقة، للإيحاء بالانحصار والتقييد، حددت عبر خطوط الإضاءة في امتداد مترين، وسط الخشبة، لتبدو مرة في هيئة زنزانة، وفي مرة أخرى، على شكل سريرين متلاصقين. حُكم على «ونستون» (إبراهيم القحومي) بالسجن مدى الحياة، وهو كان يفضل الموت على أن يقضي بقية حياته في جزيرة الشقاء الجهنمي هذه؛ ولذلك يظهر ناقماً وساخطاً وينتظر مناسبة للانتقام من آمر السجن «هودش»، الذي يجسد السلطة في عيني السجينين. بالنسبة لـ «جون» (سعيد الهرش)، فهو نقيض صديقه، إذ يبدو أقل حدة وتعبيراً عما في نفسه، وهو أيضا سيخرج من السجن بعد ثلاثة أشهر. يظهر هذا الفرق بين الشخصيتين حين يطلب الأخير من الأول أن يشاركا في الفقرة الترفيهية التي ينظمها السجن في حفل استقبال أسر السجناء بتقديم مشهد المحاكمة في مسرحية «انتجونا»، للكاتب الإغريقي سوفوكليس 406 ـ 497 ق.م. لا تروق الفكرة لونستون، ولكن جون يغريه، مؤكداً له أن آمر السجن كشف له عن أن مدة حبسهما قد تخفف لو شاركا. ولكن، كيف يمكن تصديق آمر السجن وإلى أي حد يمكن تقليص مدة حبسهما ؟ حين يجد جون أن عليه الإجابة عن هذه الأسئلة، يضطر إلى مكاشفة صديقه بأنه يريد أن يُسمع آمر السجن وأدارته، كلمات انتجونا الشجاعة واللاذعة التي وجهتها إلى المحكمة. ويُظهر المعنى الذي يفكر به جون من تقديمه مشهد محاكمة انتجونا، الطريقة المركبة التي وظف بها أثول فوغارد هذا المشهد من النص الإغريقي في متن مسرحيته «الجزيرة». إذ بدا مرة أشبه بفسحة مسرحية في زنزانة ضيقة، وفي مرة ثانية بدا رسالة ناقمة صادرة من سجينين بائسين ضد قوانين بلادهما الظالمة، وفي مرة ثالثة، ظهر المعنى الأعمق والذي يبين الصلة الوثيقة بين الحالتين الشقيّتين: الإغريقية والجنوب أفريقية، على ما مر بينهما من قرون زمنية. في الحالة الإغريقية يقع الخلاف حول السلطة والقانون والقدر، وسط عائلة واحدة، هي عائلة أوديب، ومن بين أفرادها، انتجونا واسمين واخويهما إيتيوكليس وبولينيس اللذان قتل بعضهما، وبحسب القانون الذي وضعه الملك كريون «وهو خالهما» كان يجب دفن أحدهما وترك الآخر في العراء لأنه كان معارضاً، ولكن انتجونا لم تكترث لهذا القانون ودفنت شقيقها غير عابئة بما يمكن أن يقع عليها من عقاب، وجاءت للمحاكمة حيث دافعت عن حق شقيقها في أن يدفن بحسب قانون السماء. وفي جنوب أفريقيا، على أيام نظام الفصل العنصري، بدا كأن الشيء نفسه حصل، في منظور كاتب المسرحية، ولكن الخلاف هنا وقع على تمايزات اللون والقوة والأرض، بين عائلة واحدة أيضا، بيد أنها كانت مزيجاً من السود والبيض.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©