الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

مهرجان «قصر الحصن».. دروس عملية في الحرف التراثية

مهرجان «قصر الحصن».. دروس عملية في الحرف التراثية
13 فبراير 2016 11:48
جمعة النعيمي (أبوظبي) أبدى خبراء تراثيون مشاركون في مهرجان «قصر الحصن» سعادتهم بفعاليات المهرجان الذي يذكرهم بالماضي، ويجعلهم يستذكرون قصص وروايات حياة الأجداد المملوءة بالمفاجآت والمصاعب والكفاح، ومدى غنى الموروث الشعبي الإماراتي وأصالته، وعلاقة الماضي بالتغير الحضاري الكبير الذي شهدته الدولة ولا تزال. وأكدوا أن تنظيم مثل هذه المهرجانات يعتبر أمراً ضرورياً لإحياء التراث الإماراتي في ذاكرة الأجيال الجديدة من أبناء الوطن، كي يستمدوا العزم من تجارب الأولين الملهمة، خاصة في مجال الصناعات والحرف التقليدية، حتى ينطلقوا إلى المستقبل بقوة محققين أحلامهم وطموحاتهم على أرضية صلبة. أصالة الماضي وقال الوالد غانم سالم الحسومي «مشاركتي في مهرجان قصر الحصن تنم عن مدى حبي واهتمامي بحضور مثل هذه الفعالية الغالية على النفوس، والتي تبهج وتفرح الجميع بما تحتويه من أنشطة تعكس مدى أصالة الماضي العريق». وأضاف «هدفي الرئيس من المشاركة، نقل خبراتي لشباب اليوم، وخاصة ما تعلمته من آبائي وأجدادي عن كيفية صناعة الليخ الذي كان يجلبه الآباء من الهند عن طريق التبادل التجاري بين البلدين، والليخ يصنع بشكل عام من أداتين اثنتين وهما المكسار، والقبة، وبفقدان إحداهما لا يمكن عمله، وكلما صغرت فتحة الليخ أصبح الأمر صعباً في صناعته، كما أن حجمه يعتمد على حجم السمك الذي يتم اصطياده». ويتابع «ما يحدث اليوم في هذا المهرجان من ورش عمل يجسد معاني الأصالة وعبق التاريخ الإماراتي، كما أنني سعيد جداً للمشاركة في نقل كنوز التراث إلى الشباب». حب المهنة أما فيصل صالح الشحي «مشارك في صناعة الليخ»، فقال «هذا اليوم يذكرنا بما كان يفعله الأجداد في السابق، جئت للمشاركة في هذا المهرجان لأعكس مدى حبي لمهنة الصيد وأدواته، حيث أكملت 15 عاماً في هذه المهنة، كما أن وجودي في هذا المحفل يجعلني أتذكر حياة الأجداد الذين صارعوا الأمواج، وتحملوا مشقة السفر وويلاته ليعلمونا كيف كانت الحياة جميلة، على الرغم من الصعوبات والأهوال التي كانوا يلاقونها في عرض البحر وأعماقه لاستخراج الأسماك واللآلئ، إضافة إلى أن الألياخ لم تكن متوافرة في الماضي إلا بنسبة بسيطة». من جانبه، قال الوالد محمد أحمد التميمي «مشارك ومتخصص في صناعة السيالي»: «في السابق كان الرجل والمرأة يساعدان بعضهما بعضاً، وذلك من خلال رمي السيالة، وهي نوع من أنواع شباك الصيد، حيث تقوم المرأة بمساعدة زوجها في تقسيم وتوزيع الأسماك على أهل الحي والحارة». باني الحضارة وقال ناصر حسن الكاس رئيس جمعية صيادي الأسماك في أم القيوين: «مشاركتنا اليوم في هذا العرس والمحفل الطيب تأتي من باب رد الجميل للوطن من خلال تعريف السياح والشباب وطلاب المدارس بالحرف القديمة». وأضاف: «مهرجان قصر الحصن يذكر بباني الحضارة وجامع القلوب والنفوس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وما قدمه لأبناء الإمارات في شتى المجالات». فرصة جميلة وأضاف محمد أحمد الزعابي «مشارك في فريق التنظيم»: «ما أقوم به اليوم يتمثل في كوني سفيراً لقصر الحصن، حيث يتم في هذه المناسبة، استقطاب طلاب من الكليات والجامعات وتوزيعهم على مناطق وزوايا القصر، ودوري هنا قائم على أخذ المعلومات من أصحاب الخبرات ونقلها لرواد المهرجان، حيث أقوم بشرح تفصيلي للسياح بدءاً من استقبالهم واستضافتهم والترحيب بهم، وهذه فرصة جميلة لي للاحتكاك مع ثقافات مختلفة، كما أن العمل التطوعي بالنسبة لي يعتبر أسلوب حياة، وأحرص من خلاله عن التعبير عن الوجه الحضاري للدولة». وتابع: «أشكر القائمين على المهرجان الذين وفروا كل ما نحتاج إليه من دعم ومعلومات للتعرف من قرب إلى تاريخ وبيئة دولة الإمارات الغنية بالتفاصيل». صناعة الفخار وقال مانع عبدالله الشحي «مشارك في صناعة الفخار»: «مشاركتي في هذا المهرجان تجسد مدى اهتمامي وحبي لهذه المهنة التي ورثتها من آبائي وأجدادي، فقد أكملت أكثر من 12 عاماً في هذه المهنة التي كانت مصدر رزق لعائلتي في الماضي، وتعلمت من خلالها صناعة أشياء كثيرة وعديدة من الفخار، كالمدخن والمشق والمزبدة والجعلة والمحرقة والإبريق والقدر وشربة الماء ومصب الدله والخرس وحب الماء». وأضاف: «صناعة المدخن تعتبر من أصعب الأعمال، لأنه يتكون من قاعدة وصحن وقبضة ورأس المدخن، وتستغرق صناعته يوماً واحداً». وتابع: «لكي أتأكد من سماكة المدخن وقوة تماسكه، لا بد من وضعه أمام النار». وأضاف صديقه أحمد الشميلي: «المهرجان يجعلني أحن للماضي لمعرفة كيف عاش الأجداد حياة صعبة، كما يعكس مدى غزارة الموروث الشعبي الإماراتي، والذي يجب أن نعرف شبابنا والسياح به». سيوف وخناجر وقال راشد عبدالله أحمد الخديّم: «مشارك في فن الحدادة وصناعة العصي والسيوف والخناجر الصغيرة، حيث أمضى أكثر من 15 عاماً في هذه المهنة»: «إن أهم أدوات الحدادة هي التنور والمنفاخ والسندانة والمقبض ومسمار القص والمطرقة، حيث تعتبر هذه المشاركة الأولى في مهرجان الحصن»، وقال: «إن إحياء هذه المهنة سيكون له بالغ الأثر في إحياء التراث الإماراتي». ومن جهته، قال حسين جاسم الكويد «مشارك في بيع الأغذية والحلويات): «يشكل المهرجان فرصة كبيرة لبيع وعرض المأكولات الشعبية العريقة، والتي تلقى إقبالاً كبيراً من الزوار». ويذكر أحمد راشد تخلوفة «أن عمل ومهنة الحدادة عمل يحتاج لقوة تحمل وصبر وإتقان في الصنع، ومشاركتي في مهرجان قصر الحصن يجعلني أستذكر ما كان يعمله ويصنعه الأجداد من أدوات تفيد الناس في حياتهم». وقال فارس حامد الجنيبي: «مشاركتي في هذه المناسبة السنوية تجعلني أساهم في إحياء التراث ومعرفة مكوناته الغنية بالمعاني، كما أن التطوع في مثل هذا النوع من المهرجانات يشجعني على العطاء وترسيخ ثقافة العطاء والانتماء». قصة وطن وذكر عمر أحمد النهدي: «زيارتي للمهرجان أتت من باب تعلم ما خلفه الأجداد وما ورثوه لنا للاستفادة من تجاربهم وخبراتهم الحياتية، ومعرفة مدى ثراء التراث الإماراتي»، واتفق معه في هذا الرأي زايد أحمد العولقي. وأكد حامد الجنيبي أن مهرجان قصر الحصن يروي كل عام قصة وطن استطاع أن يصل إلى أبعد الحدود في التطور والرقي والعلم والحضارة. اللقيمات وخبز الرقاق الأكثر حضوراً أكلات شعبية بمذاقات إماراتية هناء الحمادي (أبوظبي) أكلات شعبية تنتشر على طوال الساحة الرملية لمهرجان قصر الحصن، تتنوع مسمياتها، لكن تظل ذات طعم طيب ورائحة زكية مميزة، ومن يتجول في ساحات المهرجان، يجد طوابير الانتظار تتلهف بشوق لتذوق تلك الأكلات الشهية من اللقيمات والجباب والعصيدة وخبز الرقاق، وشاي الكرك، وشراب النامليت. وتجذب الأكلات الشعبية الإماراتية في مهرجان قصر الحصن، الأجانب والمواطنين والمقيمين، كونها تعبر عن جزء من التراث، كما أنها تسهم في إبراز هوية الدولة وأصالتها، وتعرض دكاكين الأكلات الشعبية المنتشرة في المهرجان الأطباق الشعبية التي اشتهر سكان أبوظبي بتناولها، ويرحب ركن المطبخ الشعبي الإماراتي بزائريه من خلال تقديم أشهى الحلويات والأكلات الشعبية التقليدية لهم، حيث تجلس الخبازات بداخل الدكاكين المصممة على شكل المطبخ الإماراتي التقليدي لتحضير أنواع العجين ثم اللقيمات الإماراتية وخبز الرقاق والخمير، لتزويد الراغبين بأطباق منوعة من الأكل، وتحظى القهوة الشعبية بإقبال كبير من الزوار من مختلف الجنسيات. المقهى الشعبي ما بين الهريس والثريد واللقيمات والخبيص، تتسابق خطوات الكثير من الزوار إلى «المقهى الشعبي» لتناول أكلات تفوح منها رائحة الماضي، يقول جاسم خميس «رب أسرة»، الذي زار مهرجان قصر الحصن في دورته الرابعة للمرة السادسة، إنه يستمتع بتناول الأكلات الشعبية في المهرجان، خاصة مع أسرته التي تفضل اللقيمات والثريد والهريس وخبز الرقاق، مشيراً إلى أنه يعشق التجول في جميع فعاليات المهرجان للتعرف إلى البيئات المختلفة من تراث الإمارات، خاصة البيئة البحرية والأسواق الشعبية التي تفوح منها روائح البخور والعود. ويضيف: «حين نشم روائح خبر الجباب ذات القروص الصغيرة الممزوجة بالعسل، والطبق المحبوب والمطلوب بكثره (اللقيمات)، خاصة حين ينثر عليه السمسم ويرش بالدبس، نحرص على الوقوف مع الزوار في الطابور، أملاً في الحصول على أحد هذه الأطباق». فاطمة وخولة السعدي انتظرتا قرابة نصف الساعة في الطابور لشراء طبق اللقيمات الممزوج بالدبس المحلي، وتؤكد فاطمة أن اللقيمات أكلتهم الشعبية التي يستمتعون بتذوقها خاصة في مهرجان قصر الحصن، حيث لها مذاق آخر أثناء الجلوس على الجلسات الأرضية، حيث يتم تناول تلك الأكلات الشعبية بأريحية وسط جو تراثي ممزوج بالحرف والمهن التقليدية وبالفرق الشعبية التي تقدم الأغاني التراثية التي تحظى بإعجاب الزوار. جلسات ومطاعم السرود، والسبلة، والقرقور، أسماء محلية لمطاعم تراثية اتسمت ديكوراتها بالتراث القديم الممزوج بالعريش، وتنوعت نكهاتها وأكلاتها الشعبية التي تعبر عن المطبخ الإماراتي بثرائه وتنوعه، ويشجع اعتدال الجو في هذه الفترة وتعدد الفعاليات والجلسات التراثية، ضيوف المهرجان على زيارة الساحة الرملية التي امتلأت بعدد من الجلسات التراثية التي جذبت الكثير من الزوار لتناول تلك الأكلات الشعبية. مواقع التواصل تشير ريم راشد (24عاماً) إلى أنها جاءت رفقة صديقاتها للتعرف إلى التراث الإماراتي، وتناول تلك الوجبات والأطباق الشعبية التي تفوح رائحتها في قصر الحصن، والتي تتنوع نكهاتها ما بين الهريس وخبز الرقاق، واللقيمات، وخبز الخمير، وتقول عن هذه المشاهد التراثية: «تحضر الأكلات الشعبية بقوة في الفعاليات التراثية المختلفة التي تقام في مهرجان قصر الحصن، وهي أطعمة تعكس ثقافة المطبخ الإماراتي»، لافتة إلى أنها تحرص خلال جلساتها مع زميلاتها في المهرجان، على توثيق تلك اللحظات الجميلة، من خلال تصوير الأكلات الشعبية الشهيرة ونشر ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة على حسابها في «الإنستجرام» و«السناب شات»، مع إضافة تعليقات جميلة على الصور، للذكرى. أقمشة وألوان ممزوجة بالخيوط الذهبية والزري الزي التراثي.. حكاية عشق تنسجها الطفولة أبوظبي (الاتحاد) تظل الأزياء التراثية تحمل في طياتها عبق التراث الخاص بالوطن، وتوضح مدى الأصالة والانتماء، ولأن الأزياء تعبر عن الأمة وعاداتها وتقاليدها، يحرص أهل الإمارات على الحفاظ على أزيائهم التقليدية خاصة في المهرجانات التراثية. وفي مهرجان قصر الحصن، حرص الكثير من الأطفال خاصة والكبار عامة على ارتداء الزي الوطني المنسوج بالنقوش التراثية من حيث الزخرفة واللون والقماش. الفتيات الصغار تنافسن في ارتداء أجمل الأزياء التراثية في المهرجان والتي تنوعت أقمشتها وألوانها المزوجة بالشغل اليدوي مع تسريحات قديمة ليظهرن بأجمل طلة، ومن بين هؤلاء الفتيات «مهرة».. الصغيرة التي ارتدت زياً باللون الأحمر، وأحبت أن تظهر بزي جميل في المهرجان، لتنافس بقية الزائرات الصغيرات، ورغم صغر سنها (3سنوات) إلا أنها أحبت أن تلتقط لها صوراً جميلة عبر الهاتف المتحرك لتوثق تلك الزيارة التي حرصت خلالها، وفقاً لوالدتها، على ارتداء زي تراثي يليق بهذه المناسبة. صور تذكارية وفي تجمع طفولي بجانب أحد الدكاكين لبيع الأكلات الشعبية، جلست فاطمة وخولة ومريم رفقة زميلاتهن يتناولن الطعام وهن يرتدين ملابس مشابهه لبعضهن البعض من حيث التصميم وإن اختلف اللون بين الأصفر والأزرق، إلا أنهن حرصن على التقاط الصور التذكارية وهن يرتدين «الثوب الإماراتي» الذي يُرتدى عادة في المهرجانات التراثية وفي المناسبات السعيدة، وقد نقشت كل الأثواب التراثية التي ظهرن بها، بخيوط ذهبية وفضية في تطريزها، إلى جانب خيوط الحرير والقطن الملون مع قصه من القماش المطرز بتشكيلات تراثية كانت مشهورة أيام زمان. رقصة النعاشات تقول فاطمة: «انتظر مهرجان قصر الحصن بفارغ الصبر، حيث تتنوع فيه الحرف والأهازيج الشعبية والأكلات التراثية، وأحرص كغيري من الفتيات قبل انطلاق المهرجان على تجهيز الملابس والأثواب التراثية الملائمة لزيارة مثل هذه المناسبة»، مبينة أن الفتيات يظهرن في المهرجان وكأنهن في سباق جميل، إذ تظهر الفتيات مع أمهاتهن بموديلات قديمة نسجت برائحة الماضي وطعمت بتصاميم حديثة في الشكل واللون والقماش، وتضيف: «يظل الثوب الإماراتي هو السائد في المهرجان، حيث نتشارك أنا وزميلاتي في الأداء الفني برقصة (النعاشات)». وتؤكد شيخة أنها تحرص سنوياً على زيارة المهرجان للمشاركة في فقرة الاستعراضات الشعبية مع زميلاتها، مشيرة إلى أن أسرتها تشجعها على ذلك حتى تتعرف من قرب إلى تراث الدولة وتاريخها. خيوط فضية من جانبها، تقول المواطنة الخمسينية مريم سيف والتي أحبت أن تظهر بطابع تراثي في أزيائها خلال زيارتها المهرجان: «عشق الماضي وحب العودة إليه، يتضح من خلال حرص الكثيرات على ارتداء الملابس والأزياء القديمة التي تعبر عن روعة الماضي وبساطته». وأشارت إلى أن أهم أنواع الأقمشة التي عرفتها المرأة قديماً، القطني، والأطلس وبوتيلة وبو قليم، مؤكدة أن كل تلك الملابس من المزراي والمخور تتزين بالخيوط الفضية الذهبية، وغالباً ما تكون هذه الأقمشة مشجرة، مبينة أن الأطلس والقطني لا يتغير لونهما ويحتفظان برونقهما مدة طويلة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©