الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الحال المايل في مجتمع الهبايل»

«الحال المايل في مجتمع الهبايل»
23 يونيو 2012
في واحدة من أقاصيص الفيلسوف الساخر الفرنسي الكبير فولتير، يتحدث عن الشاب البابلي صادق الذي كان يتجول في البلاد الواسعة، في القرن الخامس عشر الميلادي وفي واحدة من رحلاته يصبح مستشارا لملك سرنديب «سيلان حاليا»، وكان هذا الملك يعاني من فساد بطانته وسرقتهم الدائمة للخزينة، وقد غير أمين خزينته أكثر من مرة، لكن خزينته كانت تنتقل من لص إلى آخر. استشار الملك الشاب البابلي صادق، وسأله كيف يستطيع أن يحصل على أمين خزينة نزيه ولا يسرقه، فقال له إن أفضل وسيلة للحصول عليه هي عن طريق مسابقة رقص.. اندهش الملك لكن صادق أكد له أنه الحل الوحيد. أعلنوا عن مسابقة رقص، وقد وضع صادق جميع كنوز الملك في الطريق قبل أن يصل الراقصون الى الحلبة، من دون حرس. وصار الراقصون يدخلون واحداً تلو الآخر، وكانوا جميعاً يعانون من الثقل، هذا يميل الى جنبه الأيمن والآخر الى الأيسر، والثالث لكأنه يعاني من الباسور والرابع من الناسور، الى أن جاء أحد الراقصين.. كان رقصه سيئاً لكنه كان خفيفاً ويتنقل بكل سهولة في أرجاء الحلبة، فأشار صادق الى الملك وقال له: - هذا أمين خزينتك النزيه. طبعاً عرفتم السبب، ولم يبطل العجب، فقد قام المتسابقون بسرقة ما تيسر لهم من الذهب والجواهر خلال مرورهم، ووضعوه في جيوبهم وأكمامهم، لذلك فشلوا في أداء الرقص، أما الرجل النزيه فقد كان خفيفاً. ??? لا أكلف نفسي عناء الانخراط النظري، أو حتى مجرد التحدث حول الأزمة السورية، لأني أعتقد أن المتنافسين المتنابزين المتحاربين الذين يمزقون الحراك الشعبي العربي والروابط والنقابات، لا يتورعون عن تمزيق علاقات صداقة فردية دامت لعقود لمجرد الاختلاف في الموقف من القضية السورية، مع أن موقف الاثنين- الرافض والمؤيد- لا يزيد دوره عن مواقف المؤيدين والرافضين لنادي برشلونة وريال مدريد مثلا، إلا اذا حملوا السلاح في سبيل موقفهم وفكرتهم، وهذا ليس موضوعنا. لا أنكر طبعا أنني، وعلى طريقة برشلونة وريال مدريد- أؤيد الثورة السورية، وهذا ما يعرضني، من دون أن أتكلم، الى تعليقات بعض الأصدقاء، وعادة ما اتقبلها بتذمر خفيف، إلا أني أفقد أعصابي عندما يتحدث أحدهم لكأنه يمتلك الحقيقة المطلقة، ويقول إن المؤيدين للثورة «هبايل»، وقد أطلق هذا اللقب مفكر ماركسي كبير - كنت أحترمه فكريا- خلال ندوة كنت أحد الحاضرين فيها. المشكلة أن «المتلقين» أخذوا هذه الهفوة الفكرية على محمل الجد، لذلك فقد قرروا أن لا حاجة إطلاقا لخوض الامتحان والإجابة على عشرات الأسئلة النظرية والعملية، كل ما عليك عزيزي القارئ، إذا رغبت بمعرفة درجة ذكائك أن تتصل بأحد منظري تيار استهبال الآخرين هذا، وتسأله عن درجة ذكائك، فيسألك عن موقفك «مما يجري في سوريا حاليا»، وبعدها يقول كل - حسب الإجابة، فإما ان تكون عبقريا او أجدب، ذكي أحمق عبهري عتل و و و و و.. كل ذلك تتم معرفته من سؤال واحد.. واتخسأ يا «بينيه» يا من وضعت أول فحص لدرجات الذكاء في العالم. لن أدافع عن وجهة نظري هنا، لكني أطالب الجميع باحترام وجهة نظر الآخر، مهما كانت متناقضة مع وجهات نظرنا، لأننا- عن طريق توزيع صكوك الغفران ودرجات الذكاء، لن نصل معا، سوى الى الهاوية. يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©