الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأسرة السوية

24 يونيو 2013 21:06
عندما يكون الحديث عن النفس البشرية في سياق تناول الطب النفسي، وعلم النفس الاجتماعي، فقد يحظى ذلك باهتمام وإنصات وشغف المتلقي، لأن الحديث يتناول تشريحاً وتفكيكاً للنفس البشرية وطبيعتها! لكن إن تناول الحديث المتاعب والعلل والأمراض والاضطرابات التي تصيب النفس البشرية، فإننا عادة ما نصطدم بالمقاومة والإنكار، بل الرفض لأي جهد أو محاولة علاجية، لأن إقران الألم النفسي بالسلامة والقدرة العقلية، الحاجز النفسي الأهم أمام ضحايا الأمراض النفسية، بل لا يزال البعض يعتبرها وصمة عار أو علة يخجل من ذكرها. ففي الوقت الذي تؤكد فيه كثير من الدراسات أن الأسرة العربية تعاني كغيرها من الأسر في سائر المجتمعات البشرية من مشاكل سوء التوافق الزوجي، والطلاق العاطفي، والتفكك الأسري، والإدمان، والخيانة الزوجية، والعنف الأسري، وغير ذلك من عشرات الظواهر السلوكية السلبية، إلا أن هناك قصوراً كبيراً في الاهتمام بالعلاج النفسي والأسري. إن البيئة الأسرية تمثل العنصر الفعال في التأثير المباشر وغير المباشر على شخصية الفرد، وتكوين اتجاهاته، وبلورة سلوكه داخل المجتمع، كما تساعد الفرد على تنمية وعيه واهتمامه بالبيئة وما يرتبط بها من مشكلات، وإكسابه المهارات والمعارف والاتجاهات الإيجابية نحو مواجهة المشكلات القائمة، لتجنب ظهور مشكلات أخرى بقدر الإمكان. ومن الأمور البدهية أن أي خلل في البيئة الأسرية يؤدي إلى عجز هذه البيئة عن أداء وظائفها، ويؤثر على العلاقات والتفاعلات داخل البيئة الأسرية للفرد. فالأسرية السوية، تتسم العلاقات بين أفرادها بالنضج والإشباع المتبادل، وهي أسرة يكون التواصل بين أعضائها صريحاً ومباشراً وواضحاً، ولديها قواعد ظاهرة وغير ظاهرة والعنف غير مسموح به داخل بناء الأسرة، وهي أسرة تتقبل التغيير والضغط كجزء من الحياة مع وجود أدوار تتفق مع إمكانيات الأفراد، ووجود توازن أسري يتسم بأنه سوي. خبراء العلاقات الأسرية يشيرون إلى أن هناك سمات للأسرة السوية تتمثل في أن يتواصل أفراد الأسرة مع بعضهم بعضاً، ويشجعوا ويساندوا ويحترموا، ويثق بعضهم ببعض، وهم قادرون على اللعب والفكاهة معاً، ويشتركون في المسؤولية، ويعلمون بوضوح الفرق بين الخطأ والصواب، ولديهم عادات وتقاليد أسرية محترمة، ولهم انتماء ديني وحياة روحية مشتركة، ويحترمون الخصوصية، ويقدرون قيمة خدمة الآخرين، ويعترفون باحتياجهم للمساعدة ويطلبونها. إن هذه السمات تظهر من خلال العلاقات الإيجابية بين أعضاء الأسرة، وقدرتهم على تحمل المسؤولية ووضوح القواعد، وأهمية وجود قوانين للصواب والخطأ، وكل ذلك يتم من خلال قنوات اتصال جيدة يضع حدودها الأب والأم بمشاركة بقية أعضاء الأسرة، ويستمدونها من خلال ثقافة المجتمع والتنشئة الدينية. وفي حالة إغلاق قنوات الاتصال بالبيئة الأسرية، وغياب الحدود والقواعد داخلها يلجأ عضو الأسرة مضطراً إلى مكان آخر خارج البيئة الأسرية ليجد فيه البديل الذي افتقده، فالأسرة المستقرة هي التي تمتلك القدرة على مواجهة وحل مشاكلها بأسلوب موضوعي، وتتيح لأبنائها التعبير عن مشاعرهم بصراحة وبطريقة مقبولة. المحرر | kho rshied.harfo sh@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©