الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هيبة المعلم حجر الزاوية

1 يونيو 2006
في السنوات الأخيرة بدأ يسود التذمر أوساط التربويين وأولياء الأمور من تدني مستوى التعليم وضعف تأثيره في بناء الأجيال وتأهيل الطاقات البشرية، وفي معظم الأحيان يصل هذا التذمر الى حد الاستياء، لا سيما عند مقارنة مستوى التعليم وتأثيره لدى هذا الجيل بما كان عليه الوضع لدى الجيل الماضي من أبناء هذا المجتمع وايجابياتهم، رغم محدودية الوسائل آنذاك وقلة الإمكانيات وقصر مدة التأهل وعدم وجود الدرجات العلمية العالية أو المؤهلات الإدارية المدربة· من هنا يبرز السؤال الكبير: ما الذي تغير وماذا حدث؟
سيكون هناك اختلاف كبير عند الإجابة على هذا السؤال المهم بين المهتمين بالمجتمع وقضاياه، وبمستوى مخرجات التعليم وتأثيرها البالغ على المستقبل القريب للمجتمع والأمة، يستوي في ذلك رجال التربية ورجال الإعلام ورجال الاجتماع ورجال العلوم والتقنية والقائمون على الأمن وغيرهم من المخلصين من أبناء هذه البلاد المباركة·
فالبعض قد يعزز هذا الضعف الى المناهج وآخرون الى ضعف التربية الأسرية أو الى التأثير السلبي لوسائل الإعلام وغيرها من الأسباب الفاعلة، إلا أن المشكلة تبقى أبعد من ذلك فيما يبدو، إنها: 'هيبة التعليم واحترام المعلم'· وعندما نقول هيبة التعليم فيجب ألا يتبادر الى أذهان البعض أننا نعني الرهبة من التعليم، فهناك فرق شاسع بين مفهوم الهيبة ومفهوم الرهبة، والخلط بينهما أورث ما نعيشه ونشاهده من إشكالات تربوية عديدة ومشكلات اجتماعية، تسود حوادثها صفحات الصحف مع إشراق شمس كل يوم وللأسف الشديد·
كيف يحدث هذا في أمة عُرفت بتبجيل علمائها ومعلميها - محل القدوة فيها - وتوقيرهم؟
وعندما قال أمير الشعراء أحمد شوقي: 'قم للمعلم وفّه التبجيلا··' فقد كان مدركاً لما تجب أن تكون عليه علاقة المتعلم بمعلمه، وذلك لكي تؤتي عملية التعليم أُكلها· وكان مدركاً لما يجب أن تكون عليه مكانة المعلم في أي مجتمع يريد النهوض ويصبو للتقدم، إذ أن المعلم يشكل حجر الزاوية لكل نهضة حضارية أو تقدم اجتماعي· ومما يجب توضيحه والتأكيد عليه أن المعلم الواثق من نفسه وقدراته لا يضيره إن قام الناس له أم قعدوا، أقبلوا عليه أم أدبروا، وذلك لأن قيمته الحقيقية في معدنه وجوهره وذاته، وليست مشاعره نهباً لمواقف الآخرين وتصرفاتهم، ولكن التوقير والهيبة وقبل أن تكون حاجة للمعلم هي حاجة للمجتمع بأن تتربى أجياله على توقير العلماء وتقدير المعلمين والوفاء لهم، فالقيام للمعلم ليس هدفاً في حد ذاته إذ لا يعدو أن يكون تصرفاً شكلياً، لكنه يرمز لرسالة مهمة لها دلالاتها وانعكاساتها المؤثرة على التحصيل العلمي والتربوي، كما أنه ليس لإذلال الطلاب والمتعلمين، أو لإشباع حاجة نفسية أو نزعة استبدادية لدى المعلم، كما قد يظن البعض ممن يتعلق بالمظاهر والشكليات ويضخمونها ويهملون الحقائق والقيم والأخلاق، وإلا ما فائدة قيام الطلاب لمعلميهم وقلوبهم تمقتهم، وألسنتهم تلوكهم في كل مجلس، وقد تنهال عليهم بالضرب أياديهم؟ إنها العلاقة بين المتعلم ومعلمه التي يجب أن تحكمها هيبة المعلم لعظم الرسالة التي يحملها، ولأهمية الدور الحضاري الذي يقوم به في بناء مجتمعه وأمته فهل نقبل بعد ذلك بتعليم النعال سيد الموقف·· ولكم الرأي يا أهل العلم·
هدى جمعة غريب الحوسني
موجهة تربوية بمنطقة أبوظبي التعليمية
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©