الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البرازيل تنام مبكراً على «كابوس الذل» في «ليلة العار»!

البرازيل تنام مبكراً على «كابوس الذل» في «ليلة العار»!
10 يوليو 2014 03:31
نامت البرازيل مبكراً أمس الأول، اختفت الاحتفالات وكانت الوجوه واجمة، تلاشت صيحات الفرح، توقفت الألعاب النارية، لم يكن مشهد الدموع في عيون البرازيليين غريباً أو يستوقف أحداً، هي المشاعر التي تتحدث عندما يتوقف الكلام، وكأنها نهاية العالم، فقد مات الأمل في دقائق معدودة، وفي سيناريو خيالي أشبه بـ «الجنون»، خسر المنتخب البرازيلي أمام ألمانيا بنتيجة هي الأكبر على مر تاريخه، وأين؟ على أرضه وعلى مرأى ومشهد من جماهيره التي كانت تمني النفس في أن تكون المواجهة جسراً للعبور إلى ستاد ماراكانا حيث المباراة النهائية، وكانوا يظنون أن الكأس السادسة هناك تنتظرهم، وكانوا يعدون العدة لاحتفالات ليس لها نظير في التاريخ، ولكن كانت الصدمة أكبر من أن يستوعبها العقل، فازت ألمانيا بسبعة أهداف مقابل هدف، بل خسرت البرازيل بالسبعة، توقف الكلام ونام البرازيليون مبكراً، وأطفأوا الأنوار، عل وعسى أن يستيقظوا في اليوم التالي ولا يتذكرون ليلة العار. منذ الصباح كانت المدن البرازيلية قد دشنت الاستعدادات، من أجل الاحتفال مبكراً، كانت المعنويات في أوجها، وعلى الرغم من غياب نيمار، إلا أن البرازيليين كانوا يعولون على زملائه، من أجل تعويض غيابه وإهداء الشعب البرازيلي فرحة غابت منذ 12 عاماً. ومع مرور الوقت، كان الحماس يزداد والجميع يرتدي القميص الأصفر الخاص بالمنتخب ويعد العدة، من أجل قضاء أوقاتاً مليئة بالمتعة والحلم بنهاية سعيدة في يوم العبور إلى المباراة النهائية، وعندما اقتربت المباراة من بدايتها كانت الجماهير اتخذت مقاعدها في المقاهي والمطاعم المنتشرة، وآلاف المشجعين افترشوا الأرض في مناطق احتفالات المشجعين المنتشرة في المدن البرازيلية، وأولئك الذين وضعوا الكراسي ونقلوا أجهزة التلفزيون في الهواء الطلق بين البيوت حتى يعيشوا أجواء المباراة سوية. وبدأ التشجيع الحماسي مع بداية المباراة وكانت الأجواء في الملعب وخارجه خيالية، الجميع يتوقع مباراة من طراز عالٍ يقدمها لاعبو «السيليساو» في أهم أيامهم في البطولة، كانوا يدفعون اللاعبين دفعاً لتحقيق طموحاتهم من خلال ترديد النشيد الوطني وغناء الأغنية البرازيلية الأشهر «أنا برازيلي مع كل الفخر والحب»، ولكن مع مرور الوقت انقلبت الحال تماماً، وعندما سجل المنتخب الألماني الهدف الأول، لم تضعف همم الجماهير ولم تفقد إيمانها، وواصلت تشجيعها أملاً في التعويض، ولكن عندما انهالت الأهداف الألمانية الواحد تلو الآخر، بدت الجماهير في حالة من الصمت المطبق، والحزن العميق وخيبة الأمل غير المتوقعة، وسادت حالة من عدم الفهم لما يجري على أرض الملعب من قبل كل البرازيليين، سواء الذين كانوا في الملعب أو خارجه. كما بدأت حالة من البكاء الهستيري والصامت، خصوصاً بين الأطفال، وفضلت بعض الجماهير مغادرة الملعب بعد نهاية الشوط الأول، فلم تكن قادرة على البقاء ومشاهدة هذا الإذلال الذي يتعرض له منتخبهم على أرضه، كما نشبت العديد من أعمال العنف، ما اضطر قوات الأمن إلى إخلائهم من المدرجات. وعلى النقيض، كانت الجماهير الألمانية تحتفل وتهتف وترقص وتردد الأغاني التي تشير إلى ريو دي جانيرو، في إشارة إلى المكان الذي ستقام عليه المباراة النهائية، وبينما واصل القليل من المشجعين البرازيليين مؤازرتهم لمنتخبهم في الشوط الثاني، خصوصاً خلال الفترة الأولى عندما لعب الفريق بشكل جيد في الدقائق الأول وهدد مرمى الحارس الألماني نوير في محاولات عدة، إلا أنها توقفت تماماً، وتحولت إلى الصمت المطبق، في أعقاب الهدفين الألمانيين اللذين رفعا من النتيجة إلى سباعية نظيفة، وعندما سجل أوسكار الهدف البرازيلي «اليتيم» في الوقت الضائع لم يجد أي صدى أو ردة فعل بين البرازيليين الذين صمدوا في الملعب حتى نهاية المباراة. واليوم أصبح بوسع الجيل الذي خسر المباراة المصيرية أمام أوروجواي قبل 64 عاماً في نهائي 1950 أن يرقدوا في سلام، فقد عاشوا حياة مليئة بالمرارة والإحساس بالذنب طوال هذه السنوات الماضية، ومن بينهم الحارس آنذاك باربوسا الذي قال قبل وفاته عام 2000 عن عمر يناهز 79 عاماً، إن أقصى عقوبة للجرائم في البرازيل هي 30 سنة، ولكنه عاش معاقباً على الهدف الذي سجله الأوروجوياني السيداس جيجيا في مرماه طوال 50 عاماً. ولم يتسن لباربوسا أن يعيش ليشاهد اللحظات الأكثر إذلالاً التي تجاوزت كل الأيام السيئة السابقة وعايشها البرازيليون في الماضي، وإذا كانت الكارثة الأقسى حتى ما قبل أمس الأول هي في مونديال 1950، فإن الثانية كانت في مونديال إسبانيا 1982 التي عرفت بمأساة ساريا عندما خسر المنتخب البرازيلي الذي كان يقدم عروضاً هجومية ساحرة أمام إيطاليا بشكل غير متوقع، ولكن ما حدث أمس الأول، كان الكارثة الأكبر في تاريخ دولة كرة القدم، واللحظات الأكثر قسوة في مسيرة الكرة البرازيلي، وتجاوزت في قسوتها ما حدث في مونديالي 1950 و1982. (ريو دي جانيرو - الاتحاد) 3 كوارث في تاريخ كرة «السامبا» «المأساة البرازيلية» تتكرر كل 32 عاماً بخسارتها المهينة أمام ألمانيا، لم تخسر البرازيل فقط فرصة التتويج بلقب كأس العالم على أرضها للمرة الأولى والسادسة في المجمل، ولكن كانت الخسائر أكثر في المباراة التي اكتفى فيها البرازيليون للمرة الأولى بموقف المتفرج الذي كان يبدو مستمتعاً بجماليات الأداء الألماني. كانت المباراة كابوساً بالنسبة للجماهير التي حضرت في ستاد مينيرو، وكلهم أمل في الفوز، والتأهل إلى المباراة النهائية، على الرغم من غياب النجم الأول نيمار، ولكن هذا لم يحدث، وأمس الأول تعرض المنتخب البرازيلي للهزيمة الأكثر إذلالاً في تاريخه التي سوف تظل في ذاكرة البرازيليين ربما لـ10 أو 30 أو 50 أو 100 سنة قادمة. وأصبح البرازيليون موعودين بمأساة جديدة كل 32 عاماً، وتاريخ الكرة البرازيلية يشهد بهذا الشيء حيث كانت الأولى في عام 1950 في الماركانازو الشهيرة، والثانية بعد 32 عاماً في مأساة ساريا، وها هي الثالثة، تأتي بعد 32 عاماً من تلك المأساة والعار الذي شهده البرازيليون في ستاد مينيرو. كانت مأساة «الماركانازو» التي حدثت عام 1950 هي لحظة الفشل الأكبر في تاريخ الكرة البرازيلية، فلم يكن أحد يتوقع آنذاك أن الفريق المضيف يفرط في الاحتفال بالكأس للمرة الأولى وكان ذلك منذ 64 عاماً، عندما تقابل مع الأوروجواي في المباراة الأخيرة وكان التعادل كافياً ليحقق اللقب، بل تقدم البرازيليون في المباراة بهدف فرياكا، ولكن نجح شيافينو وجيجيا في قلب النتيجة، ليسود الصمت المطبق أركان ستاد ماراكانا في حضور أكثر من 200 ألف متفرج حينذاك. بعد 32 سنة من «الماركانازو» كانت المأساة الثانية، وفي مونديال 1982 عندما كان المنتخب البرازيلي يقدم أجمل كرة في تاريخ كأس العالم وبالأسلوب الهجومي الممتع والتكتيك العالي والذي تبناه المدرب تيلي سانتانا، ولكن في ملعب ساريا التابع لإسبانيول في مدينة برشلونة وكانت البرازيل بحاجة إلى التعادل أيضاً أمام إيطاليا للتأهل إلى المربع الذهبي، ولكن هاتريك الإيطالي باولو روسي أجهض أحلام البرازيليين. وبعد 32 عاماً من مأساة ساريا، كانت الخسارة من ألمانيا أمس الأول في الدور نصف النهائي لكأس العالم الحالية، لتكون الخسارة التي تجاوزت مرارتها طعم المأساتين السابقتين، واليوم الذي كان الأكثر إذلالاً في تاريخ الكرة البرازيلية. (ريو دي جانيرو - الاتحاد) مشاهد عنيفة في أعقاب الهزيمة إحراق العلم وقميص المنتخب في «قمة الغضب» مشاهد عديدة أعقبت الهزيمة المذلة التي تلقاها المنتخب البرازيلي، وبمجرد نهاية المباراة حدثت العديد من المشادات في الملعب الذي أقيمت عليه المباراة في بيلو هوريزونتي، وقامت الشرطة البرازيلية باتخاذ العديد من الإجراءات الاحترازية تحسباً لأي أعمال شغب تلجأ إليها الجماهير للتعبير عن غضبهم من النتيجة وللتنفيس عن المشاعر المتأججة، وتم اعتقال العديد من المشجعين بسبب مشاجرات بدأت في المدرجات وتواصلت إلى خارج الملعب، ولم يتم إعلان العدد الفعلي للموقوفين، كما قام عدد من الجماهير بإلقاء الحجارة على عدد من الحافلات خارج الملعب، وفي عدد من المدن البرازيلية تم تسجيل العديد من أحداث العنف وقامت الجماهير الغاضبة بإحراق حافلة في مدينة كورتيبا، ما تسبب في استنفار السلطات البرازيلية وتحركت قوات الأمن في كل مكان من أجل السيطرة على هذه الانفعالات الجماهيرية. وفي مدينة ريو دي جانيرو، تم تسجيل العديد من الأحداث المؤسفة، وقامت مجموعة من الجماهير بإحراق العلم البرازيلي في منطقة فيلا مادالينا في ساو باولو، كما تم تسجيل مجموعة من الإصابات في صفوف الجماهير، وكذلك الكثير من حالات الإغماء في مناطق احتفالات المشجعين، حيث تعاملت سيارات الإسعاف مع الحالات بشكل فوري، وتم نقل المصابين إلى المستشفيات على الفور. ولم يجد بعض المشجعين البرازيليين طريقة للتعبير عن مشاعرهم الغاضبة إزاء الهزيمة المذلة للمنتخب البرازيلي أمام ألمانيا في الدور نصف النهائي لكأس العالم المقامة حالياً في البرازيل، سوى إحراق قميص المنتخب. وقرر الشاب رافائيل مورايس البالغ من العمر 23 عاماً الاحتجاج على الهزيمة والأداء الضعيف للمنتخب البرازيلي بطريقته الخاصة، وقام بإحراق قميص الكناري بعد أن تمكن المنتخب الألماني من تسجيل الهدف السادس. وقال رافاييل إنه فعل هذا الشيء كنوع من التنفيس عن مشاعره الغاضبة، حيث إن البرازيليين عاشوا خيبة أمل كبيرة من جراء الخسارة، كما أن البلاد أنفقت الكثير من الأموال على استضافة هذا الحدث، وكان الأمل أن تتوج هذه الجهود والأموال المهدرة في إحراز المنتخب البرازيلي للقب. (ريو دي جانيرو -الاتحاد) صورة «بكاء كارلوس» تظهر من جديد بعد نهاية المباراة، انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي، صورة لطفل برازيلي غارق في حالة من البكاء الهستيري، بعد الهدف الألماني الرابع، تعبيراً عن الحالة التي يعيشها من تأثير الهزيمة المذلة التي لم تستوعبها سنوات عمره الصغير، ولم يستطع أن يكبح جماح مشاعره، وانهالت على شكل هذه الدموع. والتقطت الصورة عبر كاميرات التلفزيون للطفل الذي كان لسان حال ملايين البرازيليين، وبما يختلج في صدورهم من حزن وألم على الهزيمة بهذه الطريقة المأساوية، وعقد البرازيليون المقارنات على الفور، حيث تمت تسمية هذا الطفل بخوسيه كارلوس فيليلا الجديد، الطفل الذي اشتهر في مونديال إسبانيا عام 1982، وبعد الهزيمة أمام إيطاليا، فيما عرف حينها بمأساة ساريا نسبة إلى اسم الملعب الذي أقيمت عليه المباراة في برشلونة. وذلك الطفل تصدرت صورته كبريات الصحف العالمية، وهو يبكي بكاء مراً حزيناً على هزيمة البرازيل آنذاك، جدير بالذكر أن خوسيه كارلوس الحقيقي، ذلك الطفل الذي كان حديث العالم قبل 32 عاماً أصبح اليوم في الثانية والأربعين من عمره ويعمل محامياً. (ريو دي جانيرو - الاتحاد)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©