الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

أخطبوط الاخوان الأوروبي

أخطبوط الاخوان الأوروبي
16 أكتوبر 2017 10:50
الحلقة الثانية 2-4 لا تؤمن جماعة الإخوان الإرهابية بالوطنية، أو الدولة الوطنية، أو الانتماء القومي. هوية هذه الجماعة هي مشروعها، به تعرّف نفسها، وبه تحاكم الآخرين. وهذا النكران «الهوياتي» رافق الجماعة منذ تأسيسها داخل الساحات المحلية، وحكم توجهاتها وهي تجعل من «التنظيم الدولي» وجمعياته ومؤسساته ومعاهده، أذرعاً أخطبوطية تحتمي بها وتضرب. لم يكن وجود الجماعة في الساحات الغربية عموماً، والأوروبية خصوصاً، مجرد التجاء إلى ملاذ آمن، تجنباً لعسف مفترض أو متوهم. بل كان خياراً تقاطعت فيه المصالح والغايات، بين «اللاجئ» و«الملجأ». تداخلت براجماتية الإخوان مع تطلعات السياسات والاستراتيجيات الغربية، التي اتسمت بسوء تقدير وتدبير أحياناً، أو بخبث التخطيط والتنفيذ في أغلب الأحيان. كلا الطرفين قدما لبعضهما خدمات متبادلة. في هذا الملف، تلقي «الاتحاد» أضواء كاشفة على تغلغل منظمات الإخوان المسلمين في أوروبا، منذ التأسيس إلى التمكين، على قاعدة «أعطني وخذ». وهي مسألة لا يشعر الإخوان معها بأي حرج، طالما أنها تحقق أهدافهم الخبيثة. فمنذ عقود تجرأ أحدهم (تقي الدين النبهاني) على القول، عندما رصد خارجاً من السفارة البريطانية في القاهرة، متأبطاً حقيبة أموال: «عرضنا عليهم الإسلام فأبوا، ففرضنا عليهم الجزية»! مغربي فرنسي يروي أسباب انشقاقه عن «تنظيم الإخوان» محمد اللويزي: «اتحاد منظمات مسلمي فرنسا» جيش من الاحتياطيين إعداد وترجمة: د. فوزي البدوي محمد اللويزي، هو مهندس كهربائي فرنسي الجنسية من أصول مغربية، دفعته العوامل الأسرية والتعليم الديني إلى اختياراته الفكرية. ففي سن مبكرة حضر حلقات التدريس التي كانت تنظمها الحركات الإسلامية المغربية، ممثلة خصوصاً في جماعة العدل والإحسان التي أسسها عبدالسلام ياسين، والتي صارت تعرف منذ عام 1996 بحركة التوحيد والإصلاح القريبة من الإخوان المسلمين التي انتماء إليها تنظيمياً بدءاً من سنة 1995 إلى حدود 1999، ثم انتقل شيئاً فشيئاً إلى أحضان الفكر الإخواني طالبا في باريس، حيث كان رئيساً سابقاً لجمعية الطلبة المسلمين في فرنسا، وعضواً من 2002 إلى 2006 في اتحاد منظمات مسلمي فرنسا ذات التوجه الإخواني والتي صنفتها السعودية والإمارات ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، وهو يعرّف نفسه باعتباره عصامياً مشغولاً بقضايا الفكر الإسلامي. وقد أثار ضجة في فرنسا بعد صدور كتابه الموسوم «لماذا انسلخت عن الخوان المسلمين؟»، وفيه يتحدث عن سيرته الذاتية ويكشف بعضاً من آليات اشتغال هذا التنظيم في فرنسا، وارتباطه الفكري بفكر القطبيين، والتنظيمي باتحاد منظمات مسلمي أوروبا ذي التوجه الإخواني. وفي هذا الحوار الذي أجراه ألكسندر ديفيكيو «1» Alexandre Devecchio لحساب مجلة «لوفيغارو فوكس» على هامش الاجتماع السنوي التاسع لمسلمي شمال أفريقيا. وبمناسبة صدور كتابه الجريء سنة 2016 بعض مما ينير المهتمين بشؤون هذه التنظيم الأخطبوطي في أوروبا وفرنسا تحديداً. الينابيع الأيديولوجية * انتظم اللقاء التاسع السنوي لمسلمي شمال فرنسا الذي نظمه اتحاد جمعيات مسلمي فرنسا، وقد تم إلغاء ثلاثة من الخطباء الأجانب المعروفين بخطبهم التي تدعو إلى الحقد، بيد أن الكثيرين يشجبون صلات القربي بين هذه المنظمة والإخوان... كيف يمكن تحديد أيديولوجية هؤلاء الإخوان؟ ** حسن البنا مؤسس الإخوان حدد الإسلام الذي يدعو إليه بأنه إسلام كلي شمولي، وحدد آيديولوجيته بأنها أيديولوجية سياسية، فهو القائل بأن الإسلام في أصوله العشرين هو «نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعا، فهو دولة ووطن أو حكومة وأمة، وهو خلق وقوة أو رحمة وعدالة، وهو ثقافة وقانون أو علم وقضاء، وهو مادة وثروة أو كسب وغنى، وهو جهاد ودعوة أو جيش وفكرة، كما هو عقيدة صادقة وعبادة صحيحة سواء بسواء». وفي سنة 1924 سقطت الخلافة العثمانية، ذلك الرجل المريض، وكانت هذه الخلافة في ذهن حسن البنا تمثل الرمز السياسي لوحدة المسلمين في مواجهة الغرب. وفي 1928 قرر إنشاء حركته الإسلامية من أجل تحرير مصر أولاً من الاستعمار البريطاني ومواجهة الوجود اليهودي وقيام إسرائيل في الأرض المقدسة للديانات الثلاث، ثم ثانياً من أجل إعادة الخلافة، أي تلك الدولة الإسلامية العالمية والوصول إلى مرحلة «التمكين» الشامل الذي يعني هيمنة الإسلام الإخواني على كل الإسلامات الأخرى وعلى كل الأديان وتطبيق أحكامه وشريعته بغية تنظيم العلاقات داخل المجتمع من ناحية، وخارج حدود هذه الخلافة من ناحية أخرى. وإلى جانب إعداد الفرد لهذه المهمة وجب الاعتناء بالأسرة المسلمة ثم الشعب المسلم، وصولاً إلى الحكومة الإسلامية الشاملة إرساء لدولة الخلافة وإعادة حركة الفتوح في البلاد الغربية قياماً للتمكين على المستوى العالمي. ويبدو من الوجهة النظرية في كتاباته أن هذا الحلم ضمن سيرورة استراتيجية، تبدأ أولاً وجوهرياً من تربية الفرد. ومن هنا جاء الاهتمام الخاص الذي يبديه الإخوان «بالشباب المسلم» في الندوة التاسعة للملتقى السنوي لمسلمي الشمال Rencontre Annuelle des Musulmans du Nord التي انعقدت بمدينة ليل الفرنسية. وبعد الفرد تأتي العائلة، ثم الشعب، وصولاً إلى الحكومة الإسلامية، ثم قيام دولة الخلافة، والانطلاق نحو حركة فتوح جديدة باتجاه الغرب، وصولاً إلى التمكين النهائي والكوني. إن هذه الأفكار تبدو أيديولوجية ومشروعاً سياسياً خرافياً، بل ومجنونا، بيد أنه وجب ملاحظة أن هذه النظرة الكونية والشمولية تظل منذ سنة 1928 فكرة جاذبة وحاضرة ليس في مصر فحسب بل في كل مكان بما في ذلك فرنسا. إن التعريف الذي قدمته أعلاه مستخرج من الأصول العشرين لفهم الإسلام التي صاغها حسن البنا وشرحها يوسف القرضاوي وترجمها إلى الفرنسية منصف الزناتي (عضو المكتب التنفيذي المكلف بتدريس وتقديم الإسلام ضمن اتحاد مسلمي فرنسا). وهذا الكتاب الأيديولوجي هو ضمن الكتب المفروض تعليمها للشباب مدة سنتين على الأقل في «معهد القدس» الذي أسسه بعض إطارات الإخوان في اتحاد مسلمي فرنسا في المركز الإسلامي في مدينة فيل نوف داسك Villeneuve d›Ascq، وفي جامع ليل الجنوبية، حيث يلقي عمار الأصفر دروسه، وهو الشخص المكلف بإعطاء وتلقين عشرين درساً أيديولوجياً أسبوعياً للشباب وهو أستاذ تتولي الدولة الفرنسية ويا للغرابة تأمين أجرته في معهد ابن رشد. مبررات التصنيف * يعتبر الإخوان تنظيماً إرهابياً في بعض البلدان غير أن نيكولا ساركوزي عندما كان وزيراً للداخلية جعل من اتحاد جمعيات مسلمي فرنسا أحد مخاطبيه الأساسيين، ونعت هذه المنظمة بأنها «منظمة أرثوذكسية» بمعنى أنها تمثل الإسلام القويم فما هو رأيك في ذلك؟ ** فعلاً لقد تم تصنيف الإخوان منظمة إرهابية في بلدان عديدة مثل المملكة العربية السعودية في مارس (آذار) 2014، ثم تلتها الإمارات العربية المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) من السنة نفسها، وشملت بقرارها النسيج الأخطبوطي من التنظيمات التي تدور في فلك الإخوان المسلمين، بما في ذلك اتحاد جمعيات مسلمي فرنسا. وقد عقبت المنظمة في بيان لها نشرته في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 أنها «تدرس كل الخيارات وتحتفظ بحقها في المطالبة بتعويضات»، وهو أمر لم تقم به البتة طبعاً. ومن الضفة المقابلة لبحر المانش، حذر الوزير الأول البريطاني دايفيد كاميرون تبعاً لبحث مدقق وفي رسالة إلى النواب في 17 ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي من أن «كل ارتباط بالإخوان يمكن أن يعد دليلاً مفترضاً على التطرف»، وكتب قائلاً «إن بعض فروع الإخوان لها علاقات غامضة بالتطرف العنيف»، بل ذهب أبعد من ذلك عندما أكد «أن مجرد الانتماء أو المشاركة أو الوقوع تحت تأثير الإخوان يجب أن يعتبر بمثابة علامة على التطرف». ويبدو أن الإخوان في بريطانيا قد وضعوا منذ تلك اللحظة قيد المراقبة، وقد جاء بيان وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف بتاريخ 2 فبراير (شباط) للتنبيه على منظمة اتحاد جمعيات مسلمي فرنسا في ما يتعلق بالاجتماع السنوي التاسع لمسلمي شمال فرنسا الذي استعمل لأول مرة لغة جديدة وغير معهودة في صلته بهذا الاتحاد، ومما ورد فيه «الانتباه الكامل» و«التبعات المباشرة» و«العقوبات المناسبة». واعتقد أنها المرة الأولى منذ إنشاء هذه الحركة أو المنظمة سنة 1983 تلجأ فيها الدولة الفرنسية إلى معجم خاص، وهو دليل على أن هناك أمراً ما بصدد التغيّر في العلاقة القائمة بين الدولة الفرنسية واتحاد جمعيات مسلمي فرنسا ذي المرجعية الإخوانية. أما فيما يتعلق بنعت «الإسلام الأرثوذكسي» الذي استعمله نيكولا ساركوزي قبل إنشاء المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية المعروف اختصاراً ب CFCM، فإنني لا أعتقد أنه يوجد شخص آخر قادر على تفسير قوله هذا إلا هو نفسه. أما فيما يتعلق بي، فإنني أفهم هذه الأرثوذكسية باعتبارها وفاء مطلقاً لأيديولوجية حسن البنا في بعديها السياسي والجهادي. واعتقادي أن الفرق بين الإخوان المسلمين وغيرهم ليس إلا فرقاً في الدرجة وليس في النوع. جذور العنف * يقول الإخوان عن أنفسهم أنهم ليسوا عنيفين ومن أنصار الاحتكام إلى القوانين.. ** غير صحيح، ويكفي أن تقرأ رسالة الجهاد لحسن البنا التي ترجمتها إلى الفرنسية ضمن كتابي الذي ضمنته سيرتي الذاتية «لماذا خرجت عن الإخوان المسلمين؟». والرسالة إلى اليوم تدور بين الأخوة في اتحاد جمعيات مسلمي فرنسا في حلقات ضيقة، ومحتوى هذه الرسالة لا يختلف في شيء عن الرحم الأيديولوجي الإرهابية لكل التنظيمات الإرهابية مثل القاعدة والنصرة وداعش... إلخ. بل نحن نجد فيها نفس النصوص العنيفة، ونفس البلاغة والخطابة واللغة التي يستعملها الجهاديون، ونفس الدعوات إلى اللجوء إلى العنف والسلاح، باعتبار ذلك واجباً دينياً. إن الخلاف بين الإخوان والآخرين هو خلاف في الدرجة وليس في النوع، وهناك من يحمل السلاح ويستعمل العنف الآن، وهناك بين الإخوان من يدعمونهم بصفة مباشرة أو بصفة غير مباشرة، وباستطاعتهم التحوّل إلى هذا العنف المسلح متى أرادوا ذلك، وحين يقدّرون أن الوقت صار مناسبا. إنني أود التذكير بأن الدعوة إلى الجهاد في سوريا قد تمت في مصر أولا، في 13 يونيو (حزيران) 2013 من خلال تحالف ضم الإخوان والسلفيين، وكان رئيس مصر آنذاك هو الإخواني محمد مرسي. ويجب ألا يخفى أن الإخوان ممن هم على رأس التنظيم الدولي - كما هو الشأن في فرنسا - ينتمون إلى التيار القطبي وهو مرجعية كل الجهاديين المعاصرين سواء أكانوا من الإخوان أم لا. ازدواجية الخطاب * البعض يتحدث عن ازدواجية الخطاب، هل هو أمر ثابت؟ ** وجب التذكير أنه أثناء ظهور القضية التي واجه فيها أحد أساتذة الفلسفة ومعهد ابن رشد في فبراير (شباط) 2015 صرح عمار الأصفر رئيس اتحاد جمعيات مسلمي فرنسا أمام التلفزة الفرنسية أن الاتحاد لا صلة له بجماعة الإخوان. ولكن بعد سنة من ذلك التاريخ صرح محمد الخراط بشكل مقتضب - وهو أحد اتباع عمار الأصفر ومريديه الخلص وإمام جامع مدينة Villeneuve d›Ascq والمسؤول عن الرابطة الإسلامية للشمال واحد أساتذة معهد ابن رشد - باللغة الفرنسية وأمام عدد من الاتباع يوم 5 فبراير شباط) أن «الهجوم الذي تعرض له الاجتماع السنوي التاسع لمسلمي الشمال المقصود به هو النيل من اتحاد جمعيات مسلمي فرنسا»، وأردف «أن الاتحاد متهم بأنه ينتمي إلى حركة الإخوان. نعم وهذا أمر لا يخفيه أحد ولا ننكره، فنحن لا ننكر هويتنا بل فخورون بها..». وهكذا فبينما ينفي الأول الصلات بين الاتحاد والإخوان ويهاجم قانونا من يذكّرون بهذه الروابط بتهمة الثلب ونشر أخبار زائفة، يقوم الثاني بعد سنة بالضبط بالتأكيد على هذه الهوية الإخوانية والافتخار بها علنا، وهذا في الحقيقة نموذج صارخ على ازدواجية الخطاب في شكله البدائي والبسيط. بل إنني أقول أن الأمر يتجاوز ازدواجية الخطاب إلى وجود خطابين مستقلين، واحد بالفرنسية والآخر بالعربية، والإخوان يعملون منذ بداية الثمانينات في القارة العجوز من أجل اكتساح «أراض» خاصة يقومون فيها بكتابة السردية الإسلامية الخاصة بهم باعتبارها قصة وطنية قطرية خاصة بكل بلد من بلاد أوروبا على حدة. أسلمة أوروبا * هل يمكن الحديث عن استراتيجيا شاملة لأسلمة فرنسا وأوروبا؟ ** حيثما وجد الإخوان سواء أكان ذلك في أوروبا أو في الشرق، فإن المشروع الإرهابي هو نفسه منذ نشأة حركة حسن البنا في 1928، وهو السعي إلى إعادة الخلافة في حدودها التاريخية المعروفة بما في ذلك المناطق الأوروبية التي كان فيها للإسلام موطئ قدم. ولهذا المشروع اصطلاح معروف هو «التمكين»، وتجارب هذه الحركة في البلاد العربية تمر بلحظات ضعف وقوة، فمرة يتمكنون من الظهور ومرة يمرون بأوقات عصيبة، ولكنهم لا يختفون. وهم أنفسهم يصورون تأثيرهم على أنه تتابع من المراحل أو الدورات مثل الولادة والنمو ثم الوصول إلى القوة والتمكن ثم الانحطاط والانتظار إلى حين العودة من جديد. أما في أوروبا فالأمر يبدو بشكل مختلف، ذلك أنه إذا كان العالم العربي أرضاً حاضنة بشكل طبيعي، فإن الغرب يختلف عن ذلك. فالقارة العجوز هي مجال عمل طويل النفس من أجل أن يتم فيها اقتطاع أراض يمكن اعتبارها مهداً لهذه السردية الإسلامية الإخوانية بحسب كل بلد، ولهذا اصطلاح خاص هو غير التمكين بل يطلق عليه في اصطلاحهم «التوطين»، وبدون هذا التوطين أولاً لا يمكن للتمكين أن يحصل لاحقا، وإذا كان التوطين هو مشروع مرحلة فإن التمكين هو المشروع النهائي والغاية التي يجري إليها فكر الإخوان من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا في أوروبا طبعاً كما يفهمها علماء الإخوان ومنظروهم الأيديولوجيون، ومن أجل ضم هذه البلاد إلى الدولة الإسلامية العالمية التي لم ينفك الإخوان يحلمون بها. وقد صرح شكيب بن مخلوف الرئيس السابق لفيديرالية المنظمات الإسلامية في أوروبا في حوار له مع جريدة «الشرق الأوسط» اللندنية في 20 مارس (آذار) 2008 قائلاً: «نحن لدينا برنامج عمل، ولدينا خطة عمل لمدة 20 سنة، خطة قريبة المدى، وخطة متوسطة المدى، وخطة بعيدة المدى. مثل هذه القضايا التي تأتي من حين لآخر، تؤثر سلباً على عملنا. وبعض الأحيان المسلمون ينساقون في الدخول في بعض المعارك الهامشية، وهذه تؤثر على خطتنا العامة». خزّان الاحتياطيين * أنتم تتهمون اتحاد جمعيات مسلمي فرنسا بأنه «قاعدة للاحتياطيين»... ** عندما نحلل رسالة الجهاد لحسن البنا، وكذلك كتابات سيد قطب، وخصوصاً تفسيره للسورتين الثامنة والتاسعة، بالإضافة إلى كتابه «معالم في الطريق»، نستنتج وجود أمر أيديولوجي ثابت عند الإخوان وهو أن الإخواني لا يمكن أن يكون إلا جهادياً سواء أكان في موقع التنفيذ عملياتياً أو عنصر احتياط يحلم باليوم الذي يتحول فيه إلى عنصر تنفيذ في الجهاد المسلح والعنيف في يوم من الأيام. وهو إذا كان في وضع الاحتياط فعليه أن يناصر بكل الوسائل أولئك الذين يذهبون إلى الجهاد فعلياً في أي مكان وهي مناصرة بالمال والإعلام والخطب المسجدية والدعاء الخ. وقد بنى حسن البنا هذه الفكرة الأساسية، بل هذه العقيدة المركزية، اعتماداً على النصوص الدينية المنسوبة إلى النبي (ص) وعلى رأسها ما روي عنه أنه «من مات ولم يغز، ولم يحدث به نفسه، مات على شعبة من النفاق». فحسن البنا هو من يعتبر الإخوان بصفة عامة جيش احتياط واتحاد منظمات مسلمي فرنسا بالذات قاعدة خلفية من الاحتياطيين. الإخوان والسلفيون * ما هو الفرق بين الإخوان والسلفيين؟ هل الإخواني سلفي بالضرورة؟ وهل السلفي إرهابي بالضرورة؟ ** ما أستطيع تأكيده هو أن الرحم الأيديولوجية السلفية والجهادية هي نفسها بالنسبة إلى العناصر الثلاث التي ذكرت في السؤال، على الرغم من كل ما قد يبدو من فروقات واختلافات ترجع إلى عبارة هنا وهناك. فالإخواني في اعتقادي لا يمكن إلا أن يكون أحد اثنين: إما إرهابي أو احتياط. والاحتياطي لا يمكنه حمل السلاح، وهو يستطع أن يكتشف الخديعة الكبرى وينسلخ، وليست هناك حتمية للمرور من مرحلة إلى أخرى. فالإنسان لا يمكن أبداً توقع أفعاله أو ردود أفعاله، فبإمكانه أن يكون وديعا ليتحول فجأة إلى أفسد أنواع الإرهاب والعكس صحيح. ولكن هناك أمر ثابت وهو أن القطع مع كل هذا يتطلب علاج أصول العنف سواء أكان دينياً أو غيره من المنبع والأصل، ولا يمكن استبعاد الأيديولوجية الإخوانية من هذا العلاج وهذا الصراع في مواجهة التطرف والعوامل الأيديولوجية التي تحكمه. إن مشروع التمكين يحتاج إلى أرض هي بمثابة القاعدة الترابية، ولكنه يحتاج أيضاً إلى قاعدة صلبة، ولك أن تفهم الصلات اللغوية في اللغة العربية بين تنظيم القاعدة والقاعدة في المعنى الذي أشرحه. طرق التجنيد * أنت أيضاً كنت من الإخوان النشطين، فما هي طرق التجنيد وغسل الأدمغة؟ ** من المعروف في العلوم أن ثنائية الفريسة والصياد تسمح بقيام التوازن داخل الهرم الغذائي لنظامنا البيئي. والصياد يختار طريدته انطلاقاً من مقاييس تضبطها الطبيعة. أما هرم الإخوان الذي يحدد مراحل التمكين فله هو أيضاً «صيادوه» الذين يختارون الفرائس حسب مقاييس تضبطها الأيديولوجية الإخوانية والحاجات إلى الموارد البشرية الضرورية للتمكين في معناه الشامل. وعند الإخوان لا يختار المنخرط جمعيته، بل إن الجمعية هي التي تختاره بطريقة تشبه ما يتم في الفرق السرية الغامضة، والعناصر القديمة في التنظيم هي التي تختاره وتتبناه بعد مرحلة طويلة من مسار أسراري خاص ومعقد. وقد قلت سابقاً أن مشروع التمكين يحتاج إلى قاعدة ترابية كما فسر ذلك سيد قطب في تفسيريه للسورتين المذكورتين آنفاً، وبحسب سيد قطب فإن القاعدة الترابية وحدها لا تكفي إن لم يسبقها ويرافقها نظام تربوي وأيديولوجي وعضوي على غاية من الأهمية، أي ما يمكننا تسميته القاعدة البشرية القوية المكونة من إخوان وأخوات على درجة عالية من التكوين والانضباط والولاء للفكرة والمشروع، والقبول بالتضحية بالنفس من أجله في أي لحظة. إن الإخوان المكلفين باصطياد العناصر ينفقون وقتاً طويلاً في اقتناص وتحديد العناصر الجديدة التي يتم تجنيدها من أجل إقامة قاعدة متينة يتم التعويل عليها في هذه البلدان الأوروبية، وبعد مسار تعليمي وتجنيدي طويل يتم فيه شرح أعمدة الولاء العشرة أو أركان البيعة العشرة كما حددها حسن البنا، وهي الفهم، والإخلاص، والعمل، والجهاد، والتضحية، والثبات، والتجرد، والأخوة، والثقة. وبعهدها يمر الإخواني الذي تم اختياره للانضمام إلى الجماعة إلى البيعة ونصها هو: «أبايعك بعهد الله وميثاقه على أن أكون جندياً مخلصاً في جماعة الإخوان، وعلى أن أسمع وأطيع في العسر واليسر والمنشط والمكره إلا في معصية الله، وعلى أثره عليّ، وعلى إلا أنازع الأمر أهله، وعلى أن أبذل جهدي ومالي ودمي في سبيل الله ما استطعت إلى ذلك سبيلا، والله على ما أقول وكيل»، «فمَن نكث فإنما ينكُث على نفسه، ومَن أوفى بما عاهد عليه اللهَ فسيؤتيه أجراً عظيماً». وبعدها ينصرف الإخواني الجديد إلى العمل من أجل مشروع التمكين الكبير مهتديا بتلك العبارة الأسطورية والتعبوية «الله غايتنا. الرسول قدوتنا. القرآن دستورنا. الجهاد سبيلنا. الموت في سبيل الله أسمى أمانينا». * ما الذي دعاك إلى الانسلاخ؟ ** عندما أدركت أن طريق الإخوان هو طريق سيفين ممتشقين لفرض القرآن قررت الانسلاخ، واخترت طريق العمل اللاسياسي وغير العنيف الذي سار عليه جدي لأمي رحمه الله، وسار عليه أبي الروحي جودت سعيد (2) غاندي العالم العربي. الجمعيات المرتبطة باتحاد منظمات مسلمي فرنسا أبوظبي (الاتحاد) تشير الأدبيات المهتمة بالإخوان المسلمين في فرنسا إلى أن اتحاد منظمات مسلمي فرنسا، الذراع الدعوية للإخوان المسلمين في فرنسا، تتفرع عنه أو ترتبط به عديد الجمعيات التي تنشط في مجالات مختلفة، وقد أحصي ما لا يقل عن 19 جمعية، من بينها جمعية الشباب الإسلامي في فرنسا المعروفة اختصاراً بـ «JMF». وفيما يلي أبرز الجمعيات المرتبطة بالاتحاد: - جمعية الطلبة المسلمين في فرنسا المعروفة اختصاراً بـ «EMF»، وهي وريثة الاتحاد الإسلامي لطلبة فرنسا UISEF. - الرابطة الفرنسية للنساء المسلمات المعروفة، اختصاراً بـ «LFFM» - المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية «IESH» الذي صار اليوم تحت سيطرة وإشراف اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروباUnion des organisations islamiques en Europe المعروف اختصاراً بـ UOIE. - الجمعية الطبية ابن سينا في فرنسا والمعروفة اختصاراً بـ «AMAF». - جمعية الخدمات الأوروبية الحلال European Halal Services المعروفة اختصاراً بـ «EHS». - جمعية اللجنة الخيرية لمناصرة فلسطين المعروفة اختصاراً بـ «CBSP». هذا عدا عن عشرات المدارس والمؤسسات التعليمية الخاصة في مدن ليون وليل ومرسيليا وباريس. الهوامـــــش: 1. http:/‏/‏www.lefigaro.fr/‏vox/‏societe/‏2016/‏02/‏05/‏31003-20160205ARTFIG00415-uoif-freres-musulmans-salafisme-le-dessous-des-cartes.php 2. يشير صاحب الحوار إلى جودت بن سعيد بن محمد مفكر سوري شركسي ولد بقرية بئر عجم التابعة للجولان في سوريا عام 1931م. وهو مفكر إسلامي معاصر، يعتبر امتداداً لمدرسة المفكرين الإسلاميين الكبيرين، الأستاذ مالك بن نبي ومن قبله محمد إقبال. قلة قليلة منهم كانت ذات تكوين ديني متين هؤلاء هم وجوه «الإخوان الفرنسيين» أبوظبي (الاتحاد) بحسب الموقع الإلكتروني لاتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، فإن الإدارة الحالية تتكون من: عمار لصفر: رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا. بوبكر الحاج عمر: نائب الرئيس المكلف بالإصلاحات والعلاقات العامة. مخلوف ماميش: نائب الرئيس المكلف بالتعليم الخاص. أوكاشا بن أحمد داهو: الأمين العام. براهام سيمار: أمين المال. الحاج التوهامي بريز: عضو المكتب التنفيذي مكلف بالتعليم والتكوين. عز الدين قاسي: عضو المكتب التنفيذي مكلف بالحوار بين الأديان. مريم بركان: عضو المكتب التنفيذي مكلفة بالاتصال. منصف الزناتي: عضو المكتب التنفيذي مكلف بتدريس وتقديم الإسلام. قطبي عبد الكبير: عضو المكتب التنفيذي مكلف بالفروع الجهوية والمحلية. هالة خمسي: عضو المكتب التنفيذي مكلف بالعائلة. نصير كهول: نائب الأمين العام مكلف بالأحداث والفعاليات. محمود عواد: مندوب جهوي - إيل دو فرانس. محمد الطيب الصغروني: مندوب جهوي - الشمال. صالح عربال: مندوب جهوي - الشرق. بشار الصيادي: مندوب جهوي - الغرب. سحنون كراد: مندوب جهوي - الجنوب. كريم منحوج: مندوب جهوي - الجنوب الشرق. حسان الزاوي: مندوب جهوي - الجنوب الغربي (1) وقد تولت القيادة الحالية المسؤوليات بعد مرحلة تولت فيها جماعة «بوردو» القيادة الأولى، فتولى الحاج التوهامي بريز رئاسة الاتحاد، وفؤاد العلوي الأمانة العامة وهما مغربيا الأصل، التقيا في مدينة بوردو. وقد استقال فؤاد العلوي وعوضه أحمد جاب الله في 4 يونيو (حزيران) 2011، وهو نفس يوم انتخابات المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية. وتشير بعض الكتابات المهتمة بترجمة حياة هؤلاء الذين تولوا المسؤوليات في هذه المنظمة إلى أن قلة قليلة منهم كانت ذات تكوين ديني متين، بل إن أغلبهم جاء من آفاق الأعمال والعلوم الطبية باستثناء أحمد جاب الله الحاصل على إجازة في أصول الدين من كلية الشريعة وأصول الدين في جامعة الزيتونة (التونسية) عام 1979، والماجستير والدكتوراه من جامعة السوربون في باريس في الدراسات الإسلامية لاحقاً، والمنتمي مرجعياً إلى فكر الإخوان المسلمين. وفي مرحلته الأولى انتماء فيما يبدو إلى حركة الاتجاه الإسلامي التونسية قبل انتقاله إلى فرنسا ويصبح «العضو المؤسس في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وعضو مجلس أمناء الهيئة العالمية للعلماء المسلمين التابعة لرابطة العالم الإسلامي» (2). ولذلك لم يكن لهذا التنظيم في بداياته مرجعيات دينية محلية، بل كان أعضاؤه منتسبين إلى مرجعيات خارجية مرتبطة من قريب أو بعيد بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين الذي يتزعمه يوسف القرضاوي أو من سار على مواقفه من المشايخ الآخرين في مصر وتونس والمغرب وبعض دول الخليج. هوامش: 1 - Equipe de direction de l’UOIF. http:/‏/‏www.uoif-online.com/‏equipe-de-direction/‏ 2 - أحمد جاب الله: المرجعية الدينية الإسلامية: المحددات وعوامل التشكّل – مركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق https:/‏/‏www.cilecenter.org/‏ar/‏news/‏cile2015/‏
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©