الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فيضانات البوسنة.. تغيّر أماكن الألغام

9 يوليو 2014 23:57
كريستين تشيك سراييفو في واد مليء بالغابات الكثيفة يقع على بعد أميال من أقرب قرية، كان رجل في ملابس واقية يحرك ببطء جهازاً للكشف عن المعادن في حيز صغير من الطين، حيث توقف لاختبار الأرض عندما انبعث صوت من الجهاز. وعندما اطمأن الرجل لعدم وجود ألغام في هذه البقعة من الأرض التي تبلغ مساحتها أربعة أقدام، حرك ببطء قضباناً أحمر يشير إلى أن هذه المنطقة خالية من الألغام، وبدأ يختبر بحرص البقعة المجاورة. وقد كان هذا الوادي يمثل الحد الفاصل بين قوات الصرب وقوات مسلمي البوسنة خلال الحرب الأهلية، وكان جانب التل مليئاً أيضاً بالألغام. ولكن الفيضانات والانهيارات الأرضية المدمرة التي اجتاحت البوسنة في شهر مايو الماضي تسببت في تغيير أماكن عدد غير معروف من الألغام، حيث تحركت من حقول زرعها المعروفة في جميع أنحاء شمال شرق البوسنة، الأمر الذي يشكل خطراً حقيقياً على السكان وفرق الإنقاذ. ولذلك، ففي بعض المناطق الآن، مثل «سابنا»، تقوم كاسحات الألغام بعملية مضنية لإزالتها من كل بوصة من الأرض قبل أن يتحرك العمال لإصلاح الأضرار الناجمة عن الفيضانات، التي كانت في هذه الحالة عبارة عن نظام مواسير يوصل مياه الشرب إلى القرى المجاورة. ولكن حتى بعد مرور شهر ونصف شهر على حدوث الفيضانات، لا تزال أبعاد الضرر غير واضحة وإصلاحه لا يزال في بدايته. وقد غمرت الفيضانات أجزاء من شمال شرق البوسنة، وأسفرت عن مقتل 21 شخصاً (واثنين في عداد المفقودين)، إلى جانب تدمير 100 ألف مبنى، والتسبب في خسائر تقدر قيمتها بـ2,7 مليار دولار. ومما زاد عمليات الإنقاذ تعقيداً أن 70 في المئة من المواقع التي تضررت جراء الفيضانات كانت في المناطق المملوءة بالألغام، وفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وبعد مرور ما يقرب من عقدين على انتهاء الحرب الأهلية، ما زالت البوسنة هي أكثر منطقة في أوروبا معاناة من الألغام، حيث لقي ما يزيد على 600 شخص مصرعهم نتيجة انفجار العبوات الناسفة منذ انتهاء الحرب في عام 1995. وقد تعهدت البوسنة بالانتهاء من عمليات إزالة الألغام بحلول عام 2019، ولكن حتى قبل حدوث الفيضانات، كان ذلك يبدو غير مرجح بصورة كبيرة. فلا يزال هناك أكثر من 1200 كيلومتر مربع من المناطق التي يشتبه في أن تكون بها ألغام، بينما يبلغ معدل الإزالة 13 كم مربع فقط سنوياً، وفقاً لبيانات مركز مكافحة الألغام التابع للحكومة. والآن، تسببت الفيضانات في تباطؤ وتيرة الإزالة. ولتحديد الأماكن التي من المحتمل أن تكون الألغام قد تحركت إليها وتعيين المناطق الجديدة الأكثر خطورة، ينبغي على المسؤولين هنا إجراء دراسة شاملة قد تستغرق من ثلاثة إلى ستة أشهر. وقد ذكر «جاسمين بوروبيتش»، الذي يشرف على مشروع تدمير الأسلحة المتفجرة التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن الفيضانات والانهيارات الأرضية قد أدت إلى تراجع وتأخر عملية إزالة الألغام التي تنفذها البوسنة بنحو 12- 18 شهراً. وحتى الآن تمت إعادة اكشاف 92 لغماً على الأقل بعد وقوع الفيضانات، إضافة إلى 40 ألفاً من الذخائر غير المتفجرة. كما انفجر حتى الآن لغمان من الألغام التي تغيرت أماكنها بسبب الفيضانات. ولم تنتج أي إصابات عن ذلك ولكن المسؤولين يخشون من أن الأمر قد يتغير. وفي هذا السياق ذكر «بوروبيتش» أن الكارثة جعلت الناس ينصرفون عن ممارسة بعض أنشطتهم مثل البحث عن الفطر أو عمليات قطع الأشجار غير المشروعة التي تشكل المصدر الوحيد للدخل للعديد من الناس. وقد أجرى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وغيره من المنظمات حملات توعية طارئة لتحذير الناس من الأخطار التي تحدق بهم، إلى جانب تثبيت اللوحات الإعلانية التي تحث على توخي الحذر أثناء السير في المناطق المتضررة. وقد بذلت الفرق، كتلك التي في مدينة «سابنا»، جهوداً طارئة لإزالة الألغام من المناطق التي تسببت الانهيارات الأرضية في إحداث أضرار ببنيتها التحتية مثل الطرق أو شبكات المياه. ولكن الكشف عن النطاق الحقيقي للمشكلة سيستغرق المزيد من الوقت. ويتوخى المسؤولون هنا الحذر عند الحديث عن المناطق الجديدة المشتبه في كونها متضررة، لأنه بمجرد تحديد منطقة، فإن الأمر يستغرق الكثير من الجهد والمال لإزالة الألغام منها. وبالعودة إلى منطقة «سابنا» عثر فريق إزالة الألغام، الذي يموله برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، على ثلاثة ألغام مضادة للأفراد خلال ما يزيد على أسبوع من العمل، كما ذكر قائد فريق العمل «مصطفى ميسيتش». وقبل البدء في عملية إزالة الألغام، يتعين على الفرق تطهير الطرق المؤدية إلى الموقع التي يعترضها العديد من الانهيارات الأرضية، الأمر الذي يستغرق وقتاً طويلاً أيضاً. ويقول «ميسيتش» إن عملية إزالة الألغام نفسها عملية شاقة، حيث إن المنطقة جبلية ومليئة بالغابات. وأضاف أنه لابد من استخدام كاشفات معدنية بدلاً من الآلات الأسرع، حيث يوجد الطين في بعض الأماكن بعمق 16 قدماً بينما لا تعمل الكاشفات المعدنية لعمق أكثر من قدم ونصف. وعليه، يتعين على الفريق مسح المنطقة طبقة تلو الأخرى، لإزالة نصف متر من الطين، بعد التأكد من أنها خالية من الألغام، ثم بدء العملية من جديد. وحتى ينتهي الفريق من مهمته ليتم إصلاح خط المياه، سيكون سكان هذه المنطقة والبلدات المجاورة بلا مياه نقية. ويقول «ساباهيتا موهانوفيتش»، أحد سكان المنطقة المجاورة، إن أسرته تستطيع الآن استخدام مياه الحنفية للاستحمام وغسل الصحون. ولكن في الأيام التي تلت وقوع الفيضانات، كانت المياه قذرة للغاية وغير قابلة للاستخدام. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©